أزمات مع 5 دول إلى جانب المغرب.. هل أعاد تبون الجزائر إلى مكانتها "الدولية" السابقة أم زاد في تراجعها؟
دخلت الجزائر، منذ تولي عبد المجيد تبون ولايته الأولى كرئيس للجزائر، في العديد من الصدامات مع دول من مختلف القارات، ويبدو أن هذه السياسة الصدامية هي التي يسير عليها، الرئيس نفسه في ولايته الثانية، حيث تفجرت أزمة سياسية ودبلوماسية جديدة بين الجزائر ومالي، ووصل صداها إلى مقر الجمعية العامة بالأمم المتحدة في الفترة الأخيرة.
وتنضاف أزمة الجزائر مع مالي، إلى عدد من الأزمات التي اختلقتها مع دول أخرى في السنوات الأخيرة، مثل الأزمة الدبلوماسية والاقتصادية التي افتعلتها مع إسبانيا بسبب موقف الأخيرة الداعم لمغربية الصحراء، وأزمتها القائمة حاليا مع فرنسا لنفس السبب، إضافة إلى اضطراب العلاقات وتذبذها مع الإمارات العربية المتحدة، وهو نفس الأمر مع النيجر، وبعض الأطراف الليبية، ناهيك عن صراعها الدائم مع المغرب.
وتأتي هذه الأزمات والاصطدامات الجزائرية مع عدد من الدول، في وقت كان -ولازال- يردد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الرجل الطيع في يد نظام العسكر الجزائري، بأنه نجح في إعادة الجزائر إلى واجهة المسرح الدولي، ولا سيما على المستويين العربي والإفريقي، وصرح بأن الجزائر في عهده عادت لتشغل المكانة التي كانت تشغلها في الماضي كإحدى البلدان المؤثرة في عدد من القرارات.
وفي هذا السياق، قال الخبير السياسي، بلال التليدي في حديث لـ"الصحيفة" إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، "عند انتخابه في الولاية الأولى، بشّر بأن الجزائر ستعود إلى المكانة التي كانت لديها على المستويين الافريقي والعربي، وشدد على أنها سترجع إلى أداورها التي كانت معروفة بها في السنوات الماضية، لكن ما حدث هو أن الرئيس الجزائري ليس فقط أخفق في تحقيق ذلك، بل لم يستطع حتى أن يحصن المستوى المتوسط الذي تحقق في السنوات السابقة بالنسبة للجزائر".
وفي تقييمه لأداء الدبلوماسية الجزائرية، أضاف التليدي، بأن الوضع الجيوسياسي للجزائر أصبح يشير إلى أنها "تعيش في حدود مضطربة، وترى التهديد من كل جانب" بسبب السياسة التي تنهجها، حيث "اختارت أن تحدث قطيعىة دبلوماسية مع المغرب، وتقول أن المغرب يهددها، وبالتالي فهي ترى أنها غير مرتاحة من حدودها الغربية".
وبخصوص الجنوب، يشير التليدي إلى أنه بعد الانقلابات العسكرية في دول الساحل، "أصبحت الجزائر في أزمة مع مالي، ومع النيجر. وهذا لاعتبارات استراتيجية، حيث أنها كنت تعتبر وجودها وأمنها مرتبط بدعم قبائل الطوارق التي تمثل امتدادا لها في منطقة الساحل، فضلا عن أن الجزائر كانت ترى نفسها أنها صاحبة الدور المركزي في إقرار السلام في مالي. لكن هذه الابعاد الاستراتيجية تغيرت، حيث أصبحت هذه الدول، مثل مالي والنيجر، تنظر إلى أمنها القومي بمنظور مختلف، وهو ما تسبب في توتر مع الدولتين".
وبالنسبة للحدود الشرقية التي تُعتبر الأقل تهديدا نوعا ما، فإن الوضع السياسي، حسب التليدي، غير مستقر في تونس التي تعيش أزمة اقتصادية كبيرة جدا، مشيرا إلى أن أسلوب قيس سعيد الذي يُعد الأقرب للفوز بولاية ثانية لرئاسة البلاد، لن يساعد في خروج تونس من أزمتها، كما أن الجزائر لا يُمكن أن تتكلف بالكلفة المالية لمساعدة جارتها تونس بقيادة قيس سعيد، مما ينذر بانفجار الوضع، وخاصة أن النخب التونسية التي تعيش التضييق حاليا تعتبر أن ما تعيشه تونس هو بسبب الدور الجزائري.
وفي نفس الجهة الشرقية، يبقى وضع الجزائر مع ليبيا أسوأ مقارنة بتونس، وفق تصريح الخبير السياسي بلال التليدي، بسبب الخلاف مع القائد العسكري الليبي، خليفة حفتر، المدعوم من الإمارات العربية المتحدة وروسيا، مشيرا إلى أن تحركه الأخير قرب الحدود الجزائرية، مثل تهديدا أمنيا للجزائر كا جاء على لسان وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف.
ولا تقف أزمات الجزائر في محيطها الإقليمي، بل تمتد إلى الشمال أيضا، حيث أشار التليدي إلى الأزمة التي كانت قد نشبت بين الحزائر وإسبانيا، بسبب دعم الأخيرة لمقترح الحكم الذاتي المغرب لحل نزاع الصحراء، وهو نفس سبب الأزمة مع فرنسا حاليا، مؤكدا على أن الأزمة الجزائرية مع كل من إسبانيا وفرنسا تعني "الأزمة مع الاتحاد الأوروبي، لأن هذا التكتل الأوروبي على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، لا يطئمن للعلاقات الجزائرية مع روسيا".
أما فيما يتعلق بالتوتر أو اضطراب العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة، قال التليدي إن "الجزائر تعتبر أن دور أبوظبي في ليبيا، وعلاقاتها مع المغرب، تعني لها أدوارا سلبية تجاهها وترى في ذلك تهديدا لأمنها، وتدعي أن الامارات تقوم بدور إسرائيل، وأن الأخيرة تريد تقسيم الجزائر، والمغرب مشترك في ذلك حسب ما تراه".
واعتبر الخبير والمحلل السياسي بلال التليدي، أن على الجزائر أن تغير رؤيتها، وإلا ستجد نفسها في توتر كبير مع جيرانها، مشيرا إلى أنها هي السبب في كل هذه التوترات وليس الأطراف الأخرى التي توجد الجزائر على خلاف معها اليوم.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :