أزمة الكهرباء الإسبانية التي ساهم المغرب في إنهائها تعيد "لايا" إلى الواجهة: سانشيز "يكافئ" المتسببة في أزمة "بن بطوش" بـ100 ألف أورو سنويا
في المغرب، لا زال اسم أرانتشا غونزاليس لايا، وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، غير قابل للنسيان، بعدما تسببت، سنة 2021، في أزمة هي الأسوأ من نوعها بين الرباط ومدريد منذ نحو عقدين من الزمن، حين كانت وراء استقبال زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، إبراهيم غالي، سرا، اعتمادا على هوية جزائرية مزيفة، قبل أن يتم إعفاؤها وتختفي عن الأنظار، لكنها عادت الآن مع أزمة انقطاع التيار الكهربائي عن إسبانيا.
لايا، المنتمية للحزب الاشراكي العمالي الذي يقوده رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، عاد اسمها إلى الواجهة بعد تعيينها من طرف هذا الأخير عضوا في مجلس إدارة شركة الكهرباء الإسبانية التي تمتلك الدولة خُمس أسهمها، براتب يقدر بـ 100 ألف أورو سنويا، وهو ما يمثل "مكافأة" لها بعدما كانت "كبش فداء" في الملف الذي يات يعرف إعلاميا بـ "ابن بطوش".
وانضمت لايا إلى مجلس إدارة شركة "ريد إليكتريكا" المدرجة في مؤشر "إيبيكس 35" ببورصة مدريد، وفق ما كشفت عنه صحيفة "مونكلوا"، التي أوردت أن هذه الخطوة يُنظر إليها على أنها مكافأة من الحكومة للوزيرة السابقة بمنصب مُحصَّن يعطي امتيازات تفوق امتيازات مناصب الوزراء، وبراتب سنوي قدره 100 ألف يورو، وفي شركة تواجه انتقادات بسبب الانقطاع التاريخي للكهرباء في 28 أبريل الماضي.
والغرض من انضمام لايا، لا يقتصر على تعزيز حضور الحزب الاشتراكي العمالي في الشركة، بل يتجاوزه إلى إبعاد ممثلٍ قوي لغريمه الحزب الشعبي، ما يمنح تيار الحكومة سيطرة على أغلبية مقاعد المجلس السبعة، ويقلل احتمالات الإطاحة برئيسة المجلس الحالية، بياتريس كوريدور.
وتملك الدولة الإسبانية 20 في المائة من أسهم الشركة عبر الهيئة العامة للمشاركة الصناعية SEPI، فيما يُمنع على باقي المساهمين الخواص امتلاك أكثر من 5 في المائة من الأسهم، وقد جُلبت إليها لايا بعدما كان قد تم تعيينها في لجنة الخبراء الخاصة بمستقبل الاتحاد الجمركي إثر إعفائها من الوزارة، ثم شغلت منصب عميدة مدرسة الشؤون الدولية بباريس منذ فبراير 2022.
ووفق المصدر الإسباني ذاته، فإن هذا المنصب في "ريد إليكتريكا" يُعد من الأعلى أجرًا ضمن المناصب التي تديرها الدولة، متجاوزًا رواتب الوزراء، ويقترب مما يتقاضاه عُمدتا مدريد وبرشلونة، وستشغل لايا مكان خوسي ماريا أباد المنتمي للحزب الشعبي، الذي عُين عام 2021، وستنتهي ولايته في يونيو المقبل.
ويُنتقد مجلس إدارة "ريد إليكتريكا" لخضوعه للهيمنة من قبل سياسيين سابقين لا يملكون خبرة في مجال الطاقة، ويتبنون توجها أيديولوجيًا واضحا نحو الطاقة المتجددة، رغم أن خبراء إسبان، وفق تقارير محلية، يرون أن الخلل في الاعتماد على الطاقة الشمسية غير المتزامنة هو ما تسبب في الانقطاع الكبير، بينما تنفي الحكومة هذه الفرضية.
وكان سانشيز قد شكر المغرب رسميا على مساعدة بلاده خلال الأزمة، ووفق وسائل إعلام إسبانية، فقد سخرت الرباط أكثر من 38 في المائة من طاقته الإنتاجية لتحويل الكهرباء إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، التي حولها عبر خطوط الربط الكهربائي في مضيق جبل طارق، ذات القدرة التشغيلية التي تصل إلى 1400 ميغاواط، وهي عبارة عن بنية تحتية طاقية مكونة من 3 كابلات بحرية ممتدة على مسافة 29 كيلومترا بين الضفتين.
وأرانتشا غونزاليس لايا كانت قد توصلت إلى اتفاق مع وزير الخارجية الأسبق، صبري بوقدوم، لتمكين زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، إبراهيم غالي، من دخول الأراضي الإسبانية من أجل العلاج، وذلك ما تم بالفعل في أبريل 2021، عبر وثائق هوية جزائرية مزيفة، تعطيه اسم محمد بن بطوش وصفة "دبلوماسي"، من أجل تفادي المتابعات القضائية التي تلاحقه، بخصوص اتهامات تتعلق بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحق صحراويين.
غير أن المغرب اكتشف الأمر في حينه، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية مُستعصية بين البلدين، أفضت إلى إعفاء لايا من عضوية الحكومة في يوليوز 2021، واستدعاء سفير إسبانيا لدى فرنسا، خوسي مانويل ألباريس، ليصبح وزيرا للخارجية، ويخوض مفاوضات مع الرباط أفضت إلى إنهاء الأزمة في مارس 2022، بعد رسالةٍ من سانشيز للملك محمد السادس، يعلن فيها دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية.
