أسئلة.. إلى رئيس الحكومة!
أحمد إفزارن
وبعد،
حُكومتُكم السابقة فاشِلة.. والثانيةُ فاشِلة..
فاشِلتَانِ بكُلّ المقاييس..
وكُلّ المَعاييرِ الدّولية..
وتقُودَان بلدَنا إلى ما لا نَعلَم..
وأيةُ حُكومةٍ تتَدَحرَجُ من فشَلٍ إلى آخر، طبيعيٌّ جدّا أن تَرحَلَ من تلقاءِ نفسِها، وباقتِناعِها، أو يتمَّ ترحيلُها، ورغمَ أنفِها…
- وأن تَجرِي مُحاسبَتُها:
من أين لكُم بما أَصبَحتُم تَملِكُون؟ أليس في صفُوفِكُم ريعٌ وامتياز؟ من أين لكم بهذا الثراء؟
وكيف أوصَلتُم بعضَ "مُناضِليكُم" إلى مَناصبَ عُليا؟
وإلى هذا، لماذا لم تُقارِنُوا أنفُسَكُم بحُكوماتٍ أُخرى في العالم؟ حكوماتُ دولٍ تَتعايشُ فيها أديانٌ ولُغاتٌ وإتنيّات؟
وفيها إلى جانبِ المُتديّنين فئاتٌ أخرى، والجميعُ مُتعايِشٌ في سِلمٍ وسلام، وأمنٍ وأمان…
وأنتُم حُكومةٌ تُردّدُ أنها "مُتديّنة"، ومع ذلك لسنا معكُم في أمَان، ولا تحتَ قانونٍ لا يُعارِضُ الدّستور..
ولا أنتُم تقُومُون بواجب تطهير البلاد من الفَساد..
ولا تَحمُون حقُوقَ المُواطنِ في المِلكية وغيرِها من الحقوق الدستورية..
ولماذا تتَماطلُون في تفسيرِ بنُودِ الدّستور؟
لماذا تتَماطلُون في استِصدارِ كلّ "القوانينِ التّنظيمية"؟
وأين ذَهبَت الملاييرُ التي اقتَرَضتُمُوها من الأبناكِ الدولية؟
ولماذا لم تلتَزمُوا بتَنفيذِ وُعودِكُم الانتخابية؟ وهي وعودٌ كثيرة، حتى أن كلّ واحدٍ منكُم يُطلقُ للنّاسِ وعودَه.. ولا يَعبأُ إن كانت في هذه الوعود تناقُضات، أو حتى استحالةُ تنفيذِها، أو تنفيذِ بعضِها..
ومع الأيام، يُدرِكُ الناسُ أن وُعودَكم كلامٌ في كلام..
وأن في من يَسمعُونكم، هم يَسمعُون فقط من أجل التّسَلّي..
الناسُ تُدركُ أنْ لا شيءَ جِدّي في خطاباتكم..
وفي حَملاتِكم الانتخابية..
الكلامُ منكم كلام، وليس برنامجَ عملٍ قابلٍ للتّنفيذ.. - وتمضي الأعوام..
ويُدركُ العُقلاءُ ألاّ عدالةَ عندكُم.. ولا تنمية..
ويتَطارحُون التساؤلاتِ الكبرى: هل أنتُم بالفعلِ في خدمةِ البلد؟ والسّلمِ الاجتماعي؟ والاستقرارِ الإيجابي؟ والتّنموي؟ - وأين ذَهبت ثرواتُ البلد؟
ولماذا دولٌ تتَخلّصُ من التّخلّف، وتَلحَقُ برَكبِ التطوّر، بفضلِ التعليم والتفريقِ بين شؤون الدنيا والآخرة؟ ونحن نتراجعُ أكثرَ فأكثر، بسببِ أحزابٍ انتهازية، وعلى رأسها "حزبُ الآخرة"، وبسببِ وضعِ رؤوسِنا في مِقصَلَةِ أذنابِ الاستعمار، وأباطرةُ المخدّرات، والعَولمَةِ المتوحّشة..
وأسبابٌ أخرى منها أزمةُ العدالة، والتشغيل.. واستفحالُ الفساد الإداري.. - والأسئلةُ المطروحة لا تَخُصّ سوى فترةَ حُكمِكُم..
وواضحٌ أنكم بدلَ مُحاربةِ الفقر، تُحارِبُون الفُقراء..
فلماذا تغُضّون الطّرفَ عن كبارِ اللّصوص؟
لماذا الأثرياءُ لا يُؤدّون الضرائب؟
وإذا كُنتُم "حُكومةً مُتَديّنة"، فلماذا لم تُطالبُوا كبارَ الأثرياء بحقّ المُعوِزين في الزكاة؟ أليست الزّكاةُ من أركانِ الإسلام؟ أليست هي الرُّكنُ الثّالث، بعد الشهادةِ والصّلاة، وقبلَ رُكنِ الصّوم؟
ألم تَصِلُوا إلى الحُكم على ظهرِ وعودٍ إسلامية؟ ألم تُغرّرُوا بجُموعٍ وَضعَت فيكم ثقتَها، فخدَعتُموها، وخُنتُم الأمانة؟
ألم تَعِدُوا بُسطاءَ البلد بنَعيم؟ أين هو النّعيم؟ - البلادُ لم تَرَ في زَمنِكُم إلاّ الجَحيم..
وأين اختفَى "راميد"؟ أين ذهبَت بطائقُ التّطبيبِ والاستشفاءِ بالمجّانِ للفُقراء والمُحتاجين، ولمن ليسَت لهُم تغطيةٌ صحّية؟
وأين ذهبَت مِلفّاتُ المُتقاعدين؟
وما مَصيرُ من لا معاشَ لهم؟
أليس عندَنا من لا معاشَ لهم، ولا تغطية صحية، ولا حياة كريمة؟ أليس هؤلاء مُواطنين لهم كلُّ الحق في كرامةٍ إنسانية؟
لماذا وُعودُكم سارَت في اتّجاه؟ وأعمَالُكم في اتّجاه مُعاكِس؟
لماذا لم تَعبأُوا بحُقوق المرأة؟ وحقوقِ الأسرة؟ وذوي الاحتياجاتِ الخاصة؟
وأين حقوقُ الأطفال في تعليمٍ عموميّ لائق؟
لماذا تُكرّسُون التفقيرَ والتّجهيلَ في بلادنا؟
لماذا تتَجنّبون استحضارَ حقوقِ الطلبَة الجامعيين؟ ومَراقبةَ العيوب التي أنتم تعرفونها، ومنها البيعُ والشراء؟
لماذا تغُضّون الطرفَ عن عراقيلِ "البحثَ العلمي"؟ لماذا لا تريدون لبلدنا بحثًا علميا في مُستوى ما هو عليه في كُبرياتِ الجامعاتِ العالمية؟
لماذا وَضَعتُم على رأس البحثِ العلمي، في الحكومةِ "البنكيرانية"، وزيرا هو قد عمّقَ جِراحَ البحثِ العلمي؟
لماذا استَفحَلَت في عهدِكم البطالةُ الجامعية؟ لماذا بناتُكم وأبناؤكُم يَدرُسون في الخارج؟ ويجدُون في استقبالهِم، لدى عودتِهم، مناصبَ عُليا؟
وأبناءُ الفُقراء، تُبقُونَهم أمام البرلمان، في حالةِ احتجاجٍ مفتوح، عُرضةً لهرَاواتِ الحكومة؟
لماذا تُصِرّون على تعطيلِ الكفاءاتِ الوطنية؟
وعلى الضّغطِ لتهجيرِ الأدمغة؟
لماذا المحسوبيةُ والزبونية؟
لماذا "الصفَقاتُ العُمومية" تَطغَى عليها الرشاوَى والعلاقات؟
لماذا الاستثماراتُ ليست مفتوحةً أمام الجميع؟
لماذا تَغلقُون أبوابَ الاستثمارات على البعض، وتفتَحُونها على آخرين؟ لماذا الكَيْلُ بمِكياليْن؟
لماذا التشغيلُ مُغلَق؟ أليس التشغيلُ حقّا للجميع؟
ماذا فعلتُم لتشغيلِ كلّ الشباب؟ أليست بلادُنا بحاجةٍ إلى تشغيل؟ أليست بحاجةٍ إلى أوراشٍ كثيرة، في مختلف المجالات؟
لماذا لا تعبأون إلا بتحويلِنا إلى طوابيرَ من العاطلاتِ والعاطلين؟
ولماذا لم تُفكّروا في تعويضاتِ اللاّشُغل؟
أليست في الدول الأخرى تعويضاتٌ عن البطالة؟
أليس للمرأة هناك - وهي ربةُ بيت - راتِبٌ قارّ عن عمَلها بالبيت؟ أليس البيتُ عمَلا؟ أليست تربيةُ الأطفال عمَلا؟ أليست خدمةُ المرأةِ لزوجِ عَملا؟
ألا تَجدُون هذه الحقوق في ثقافتكم؟
لماذا ما زلتُم على سياسةِ الإقطاع؟
لماذا لا تتعاملُون معنا بصفتِنا مُواطنين؟ شُركاء في الوطن؟ إخوة في الإنسانية؟
لماذا أنتم مَرضَى بالإيديولوجية الإقطاعية؟
لماذا تتعاملُون معنا، نحن المواطنين، وكأننا مُجردُ سِلعة؟ - وهل نحن سِلعة؟
ألا تعُون أنكم قد أوصَلتُم بلدَنا إلى حافةِ الانهيار؟
وأنكم قد أسأتُم أيّما إساءةٍ لسُمعة بلادِنا، بإغراقها في حِراكاتٍ اجتماعيةٍ مُتواصلة؟ وباتّهام الرّيفِ بالانفصال؟ وبما فَعلتُم في حقّ المقاطعةِ الشعبيةِ للاحتِكار؟
لقد تصرّفتُم مع المُجتمع المغربي، وكأنكُم فوق القانون..
وإلى الآن، ما زال البلدُ يؤدّي تبعاتِ سُوءِ تدبيرِكُم، وسوءِ تسييرِكُم، وسوءِ تعامُلِكُم أنتُم وأحزابُ "الأغلبيةِ الحكومية" مع شبابِنا ذوي المَطالبِ الاجتماعيةِ المشروعة..
لماذا أسأتُم لشبابِنا؟
لماذا أدخلتُمُوهُم إلى السّجُون؟
لماذا عشرُون سنَة لزعيمِ الحِراك؟
هل لأنه طالبَ بمُستشفًى وجامعةٍ وحقوقٍ أخرى يُنادي بها كلُّ المجتمعِ المغربي؟
ثُمّ، أليست لحِزبِكم أغلبيةٌ برلمانية؟ لماذا لم يقُم بواجبِه في إصدار عفوٍ شاملٍ عن المعتقَلين الحِراكيّين السياسيين..
لماذا غَضّ "حزبُكم"، طرفَهُ عن حقّ مُعتقَلي الحراكِ الاجتماعي المُسالِمِ في العفوِ الشامل؟ هل يَجهلُ أن البرلمانَ الذي هو فيه الحزبَ الأول، له صلاحيةُ إصدارِ العفو، بقُوةِ الفصل 71 من الدستُور؟
إذا كانت الأحزابُ جاهِلة، فتلكَ مُشكلة..
وإذا كانت تتَجاهَل، فالمشكلةُ أكبرُ وأخطر.. - لماذا لا تُطبّقون الدستور؟!
مَشاكلُنا معكُم لا تنتهي هُنا..
والمغربُ مُقبلٌ على سنواتٍ من المُعاناة، بسببِ ما قد فعَلتُم..
وقد أسأتُم كثيرا، لكُلّ البلد..
وتناسيتُم وُعودَكم بإصلاحِ الحالةِ المُتدهوِرة، اقتصاديّا واجتماعيّا وثقافيّا وصحّيا وتعليميّا وتشغيليّا…
كما غضَضتُم الطّرفَ عن وعُودِكم الانتخابية، ومنها وَعدُكُم بمُحاربة الفساد..
وإنكُم لم تحاربوا الفساد..
في عَهدِكم ازدادَ الفسادُ، وأصبَح الفُقراءُ أكثرَ فقرًا، والأغنياءُ ازدادُوا غنًى.. ومجموعاتُ الضغط ما زالت تَحتكرُ الثرواتِ طُولاً وعرضًا..
وأنتم تُبرّرُون الفساد، لدرجة أن زعيمَكم السابق تحدّثَ عن أباطرةِ المالِ والأعمال، وهؤلاء لا يُؤدّون حتى الضرائب، وقال مُوجّهًا كلامَه إليهم: "عفَا اللهُ عمّا سلَف"!
هكذا أنتم تُبرّرون جرائمَ اقتصادية..
وما زلتُم كما كنتُم: تُوظّفون الدّينَ لتبريرِ أفعالٍ غيرِ سويّة! - ألا تعُون أن الوقتَ قد تغيّر؟ وأن المغاربة، ومنهم حتى أطفال، على عِلمٍ تامّ بأنكم لا تُريدون خيرًا للبلد!
الوعيُ الشاملُ لا يَستثني المُدنَ والبوادي، والفيافِي والقِفار.. الكُلّ يَتوقّع أنكم ذاهبُون بنا إلى مجهول..
وأنتُم أوّلُ من سيُؤدّي ثمنَ الغرَق، في المجهول..
وهذا لن يكون مُفاجأةً لأحد.. فالعملُ السيّئ لا يُؤدّي إلا لنهايةٍ سيّئة..
ولكن الغباءَ وحدَه يَحسبُ أنه هو عينُ الذكاء..
والذكاءُ ما كان هو الغباء..
وأنتم مُصِرّون على اقترافِ نفسِ أخطائِكم، وهذا يقودُ حتمًا إلى ما قد لا تتَوقّعون..
ومهما يكُن، وفي كل الأحوال، فإن في بلدنا عُقلاءَ لن يَسمحُوا لأيّ كان، بأن يُغامرَ ويُخاطِرَ بالبلد، من أجلِ فئةٍ تَتوهّمُ أن الناسَ ما زالوا قابلِين لأن يَتعرّضوا لمزيدٍ من غَسلِ الأدمِغة..
ولنا اليومَ مَناعة..
ولم يعُد أحدٌ منكم مُقْنِعًا، لأبسطِ واحدٍ فينا..
ومن حقّكم أن تَبقوا على حالِكم من الخيال الغبيّ..
تخيّلوا كما يَحلُو لكُم..
والمغربُ يتغيّر.. والمؤكدُ أنكُم في طريقِ المُحاسبة.. - الحسابُ لا ريب فيه!
- [email protected]