أعرق منظمة نقابية في المغرب تُقاطع مناقشة مشروع قانون الإضراب وتستعد لعقد ندوة للتعريف بـ"انتهاكاته الخطيرة"
تواجه حكومة عزيز أخنوش مخاضا عسيرا لتمرير مشروع قانون الإضراب، في ظل الرفض الذي يواجهه هذا المشروع من طرف العديد من المنظمات النقابية والأحزاب السياسية، خاصة التي تنتمي إلى المعارضة، بسبب ما يصفه الرافضون للمشروع، بكونه يُقيد "الحق في الإضراب" وهو ما يتعارض مع الحق الذي يكفله الدستور.
وتجلت حدة الخلاف بين الحكومة والنقابات بشكل واضح أول أمس الأربعاء، بعدما رفض الاتحاد المغربي للشغل، الذي يُعد أعرق منظمة نقابية في المغرب، المشاركة في لقاء لمناقشة مشروع قانون الإضراب مع وزير الشغل بسبب ما وصفه الاتحاد في بلاغ له بـ"غياب جدول أعمال والنية الصادقة في مباشرة حوار جدي ومفاوضات مسؤولة على أساس مضامين مذكرة الاتحاد المغربي للشغل المتعلقة بمشروع هذا القانون".
وشدد نورالدين سليك رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، في اتصال مع "الصحيفة"، على مضامين البلاغ الذي أصدره الاتحاد أول أمس الأربعاء، وهو البلاغ الذي جاء بعد اجتماع الأمانة العامة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل بمعية أعضاء فريقه البرلماني بمجلس المستشارين وأعضاء لجنته التشريعية للتداول حول مستجدات و"تطورات" ملف مشروع القانون التنظيمي رقم 15-97 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
كما أكد سليك على المطالب والدعوات التي وضعها الاتحاد المغربي للشغل لإعادة النقاش حول المشروع، حيث "يطالب الحكومة والجهات المسؤولة للتدخل من أجل فرض واحترام سُمو الدستور الذي ينص صراحة على ضمان الحريات والحقوق الأساسية وعلى رأسها حق ممارسة الإضراب".
كما دعا الاتحاد المغربي للشغل حكومة أخنوش مرة أخرى، "لفتح حوار جاد ومسؤول حول مضامين مشروع هذا القانون التنظيمي لما يكرس ويضمن ممارسة هذا الحق الكوني والإنساني والدستوري"، مؤكدا على "استمراره في التصدي والصمود في وجه كل المحاولات الرامية لتكبيل وتجريم حق الإضراب".
وبعد أن دعا "كافة المناضلات والمناضلين في الاتحادات المحلية والجهوية والجامعات المهنية والنقابات الوطنية عبر التراب الوطني للتعبئة ورص الصفوف لخوض كل الأشكال النضالية دفاعا عن حق ممارسة الإضراب"، أشار إلى أن سيتم "عقد ندوة صحفية في غضون الأيام المقبلة لتسليط الضوء على الانتهاكات الحقوقية الخطيرة التي يتضمنها مشروع هذا القانون".
جدير بالذكر أن الاتحاد المغربي للشغل اتهم مؤخرا الحكومة بمحاولة تمرير "خدعة كبرى" عبر مشروع قانون الإضراب المصادق عليه من طرف مجلس النواب، حيث وصف حذف العقوبات السالبة للحرية من المشروع بأنه إجراء شكلي يهدف لإخفاء نية الإبقاء على العقوبات بصورة أخرى من خلال الغرامات المالية الضخمة.
وأعلن الاتحاد المغربي للشغل في بلاغ توصلت "الصحيفة" بنسخة منه، عن رفضه لمشروع قانون الإضراب بالصيغة الحالية عقب اجتماعه الأخير مع وزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل، الذي انعقد الأربعاء ما قبل الأخير، مما يشير إلى أن الاتحاد لم يقتنع بالتوضيحات التي قدمها الوزير.
وأوضح الاتحاد أن الحكومة تحاول تصوير المشروع كخطوة نحو حماية حق الإضراب عبر الترويج لحذف العقوبات السالبة للحرية، في حين أن الغرامات المالية المرهقة التي تضمنها المشروع تُعَد، بحسب الاتحاد، وسيلة مقنَّعة للإكراه البدني والعقوبات الحبسية.
وأشار الاتحاد في هذا السياق، حسب ما جاء في بلاغه، إلى أن هذه الغرامات المدرجة في مشروع قانون الإضراب، غير قابلة للسداد من قبل العمال والنقابيين، مما يجعلهم عرضة للإكراه البدني. وبالتالي فإن هذه الخلاصات تتنافى مع تروج له الحكومة بخصوص العقوبات.
وانتقد الاتحاد بشدة ما وصفه بانحياز القانون لصالح أرباب العمل، حيث أكد أن معظم مواده تركز على تقييد حق الإضراب بدلا من تنظيمه وحمايته، متهمًا الحكومة بالانفراد في إعداد المشروع دون استكمال النقاش والحوار الاجتماعي، رغم الالتزامات السابقة الموقعة بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين.
وطالب الاتحاد بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يجرم الإضرابات، كما دعا إلى احترام الحريات النقابية، وتعزيز جهاز تفتيش الشغل، وتشجيع المفاوضات الجماعية، مشددا على ضرورة معالجة الأسباب التي تدفع العمال للإضراب بدلا من وضع عراقيل تجعل ممارسته شبه مستحيلة.