أيها العرب.. عاد إليكم ترامب، فما أنتم فاعلون؟!
عاد ترامب إلى البيت الأبيض، ومع عودته عاد حكام الدول العربية ربط أحزمتهم، لكن هذه المرة بشكل أشد. فالرجل الذي يعشق "الفوضى"، يَأمر ولا يتفاوض، يُقرر ولا يُناقش، يُحدد مصير العالم ولا يَهمه إلاّ تطبيق سياسته الترامبية. "أمريكا أولا".
بعودته، وضع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تريليون دولار تحت تصرف ساكن البيت الأبيض الجديد ليضخها في اقتصاد الولايات المتحدة، لعلّi يرضى ويَكُفَّ عن الطلب. بدوره الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، اهتز الكرسي الذي وضعه عليه العسكر ليحكم البلاد، حيث خرج في حوار مع صحيفة "لوبينيون" الفرنسية، ليقول إن بلاده ليس لديها أي مُشكل مع إسرائيل، وإن نظامه مستعد للتطبيع، عند قيام دولة فلسطينية. لكنه لم يقل عن أي أرضٍ ستقام هذه الدولة، وما هي حدودها، ولما كانت إسرائيل قبل عودة ترامب تهدد الأمن القومي الجزائري عندما شارك 18 عسكريا في تداريب "الأسد الإفريقي" بالمغرب، وما الذي تغير اليوم لتصبح إسرائيل "ناعمة" لا تهدد نياشين عسكر النظام الجزائري!
والنظام الجزائري هو نفسه الذي سارع إلى توقيع عقود تنقيب عن النفط بملايير الدولارات لصالح شركة "شيفرون" الأمريكية، لعلّ ترامب لا يَلتف لهذا النظام المُتخلف في شمال إفريقيا الذي مازال يعيش في ستينيات القرن الماضي.
في مصر، لجأ عبد الفتاح السيسي إلى الاختباء وراء الشعب. وقال إنه مستعد لمطالبة -هذا الشعب - بالنزول إلى الشارع للاعتراض على طلب دونالد ترامب ترحيل الفلسطينيين إلى"مصر المحروسة". السيسي عاد بعدها ليخفف من لهجته، لأنه أدرك أن الشعب المصري إذا نزل إلى الشارع لا ضمانة أن يعود إلا بإسقاط السيسي نفسه عن حكم مصر.
في الأردن التي تعيش على المساعدات الأمريكية العسكرية التي تفوق الملياري دولار سنويا، اكتفى الملك عبد الله بلقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يحمل لقب الرئيس دون أن يحكم، ليعلن الملك الهاشمي أن بلاده ترفض أيّة محاولة لتهجير الفلسطينيين. هكذا، وكفى، ولن نزيد عن ذلك قِيْد أُنْمُلَة.
في المغرب اخترنا تازة قبل غزة، وكفى المؤمنين شر القتال. في الكويت، ثلة من الشيعة يعبثون بالدولة النفطية الغنية منذ عقدين، حيث البلاد غارقة في تشكيل الحكومة تلوى الأخرى، وملفات الفساد التي لا تنتهي، ولا شأن لها بفلسطين إلا بما تسير من التصريحات والضرب على طاولات البرلمان. وأمنها القومي مُرتبط ارتباطا لا نزاع فيه بـ"الكابوي الأمريكي" الذي حرّر البلاد ذات يوم من غزو عِراق صدام حسين.
في قطر، يواجهون غطرسة ترامب تارة بتقديم أنفسهم أنهم أهل الحل والعقد، والوسيط الوحيد الذي يجمع من لا يجتمع. طالبان وحماس وكل الفصائل والمِلَل، على طاولة واحدة مع الأمريكان أو الإسرائيليين في دوحة المُعِز. وتارة لا يجدون مفرا من توقيع عقود بملايين الدولار مع "البيزنس مان" وصِهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير الذي يُشبه جهنم الذي لا تشبع، كما حصل حينما جمعت شركة "أفينيتي بارتنرز" (Affinity Partners) تمويلاً، الشهر الماضي، بقيمة 1.5 مليار دولار من جهاز قطر للاستثمار.
هكذا، تأمن الدوحة شر ترامب. الدفع مُقابل السلام هو أكثر شيء مريح ويَقدر عليه أهل قطر، وغير ذلك، تصبح الدولة الخليجية الصغيرة في "مَهب الريح" كما حصل سنة 2017 حينما حُوصِرت بين فكي رحى من جيرانها بداعي أنها "تمول الإرهاب".
في تونس، يوجد رئيس اسمه قيس سعيد، مازال يدير البلاد بقصائد الشعر الجاهلي، حتى أدخل البلاد في أزمة حليب وخبز وجعل الشعب التونسي العريق يتأزم نفسيا بعدما كان في سلام إلى أن جاءهم رئيس من عهد هامان قتل ثورتهم وأدخلهم في غياهب المجهول.
أما في أبو ظبي، فعيال زايد مشغولون بإسقاط البشير ودعم احميدتي في السودان، وتسليح حفتر في ليبيا، وشراء آلاف الهكتارات في مصر لبناء المنتجعات، أكثر من اهتمامهم بمصير الفلسطينيين.
هذا هو حال الآمّة العربية، فكيف لا يعرض ترامب دروسه على حكامها ليقول لهم ما عليهم فِعله، وإن اعترضوا ما عليه إلاّ أن يفتح لهم صندوق باندورا المليء بالويلات والجحيم، كما في الميثولوجيا الإغريقية!
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :