إدارة ترامب تقرر ترحيل 495 مغربيا و306 من الجزائريين و3822 موريتانيا و160 تونسيا مُقيمين بشكل غير شرعي في الولايات المتحدة الأمريكية
سيكون على المغرب والجزائر وتونس، البُلدان المغاربية التي دخلت في صدامات مباشرة مع فرنسا في السابق بسبب قرارات ترحيل المهاجرين غير المرغوب فيهم، فتح حدودها أمام المئات من مواطنيها الذين طالهم قرار الإبعاد الصادر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يهم في المجمل، إلى حدود الآن، ما يُقارب مليونا ونصف المليون من المقيمين بشكل غير شرعي على أراضي الولايات المتحدة.
والحقيقة، أن قائمة الرئيس ترامب لم تكن "انتقائية" كما كان متوقعا، ولم تقتصر على الأشخاص الذين يحملون جنسيات البلدان العربية أو الإسلامية، أو القادمين من بلدان نامية، بل امتدت لتشمل معظم دول العالم، بما في ذلك حلفاء واشنطن، وفي مقدمتهم إسرائيل، إلى جانب دول كبرى مثل فرنسا وألمانيا وكندا والمملكة المتحدة، بل وحتى الأوكرانيين الذين تعيش بلادهم حالة حرب مع روسيا.
المغرب في القائمة
كشفت وثيقة صادرة عن إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية، أنه إلى حدود 24 نونبر 2024، تم إحصاء 1.445.549 شخصا من غير المحتجزين لدى السلطات الأمريكية الذين صدرت في حقهم أوامر بالإبعاد، وهؤلاء سيكونون موضوع الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب في اليوم الأول من ولايته التي انطلقت بتاريخ 20 يناير 2025، القاضي بمُطاردتهم وتحيلهم إلى بلدانهم.
وتشمل القائمة 495 شخص من المغرب، هؤلاء الذين ستكون الرباط مطالبة بتسلُّمهم من السلطات الأمريكية عند توقيفهم تنفيذا للقرار، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول كفية تعامل الحكومة المغربية مع هذا الملف، الذي كان نظيره من أسباب توتر العلاقات مع فرنسا سنة 2021، عندما قررت باريس تقليص التأشيرات المسلمة للمغاربة بنسبة 50 في المائة.
وتحظى العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بأهمية كبيرة لدى الرباط، ويوم أمس الثلاثاء، أجرى وزير الخارجية الأمريكي الجديد ماركو روبيو، اتصالا هاتفيا مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، المُكلف أيضا بالمغاربة المقيمين بالخارج، لكن البيان الصادر عن واشنطن وكذا القصاصة التي نشرتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية، لم يُشيرا إلى مُناقشة ملف الهجرة.
الجزائر، تونس، مصر، موريتانيا...
يشمل قرار الترحيل أيضا 306 جزائريين، وهذا البلد المغاربي، الذي كانت باريس قد أصدرت قرارا ضده سنة 2021 بتقليص التأشرات المسلمة لمواطنيه إلى النصف، شأنه شأن المغرب، يعيش حاليا على وقع أزمة دبلوماسية مع فرنسا، إحدى مظاهرها رفض إصدار التصاريح القنصلية لترحيل مواطنيه غير المرغوب فيهم، وتفاقمت الأزمة أكثر حين رفضت الجزائر تسلم "المؤثر" بوعلام نعمان، بسبب فيديوهاته المحرضة على العنف ضد معارضي الرئيس عبد الجيد تبون داخل الأراضي الفرنسية.
ولا يتوقف الأمر عند الجزائر والمغرب، بل إن كل بُلدان منطقة شمال إفريقيا معنية به، فتونس، التي بدورها عاشت أزمة مع باريس سنة 2021 وطالها قرار تقليص التأشيرات بنسبة 30 في المائة، ستكون مُطلبة بتسلُّم 160 من مواطنيها الذين تلاحقهم إدارة ترامب باعتبارهم مقيمين بشكل غير شرعي داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
ليبيا أيضا معنية بهذا القرار، حيث ضمت القائمة 89 من حاملي جنسيتها، في حين يشمل الإجراء 1461 مواطنا مصريا، ومن المرجح أن يكون العديد منهم من مُعارضي نِظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، لكن المشكلة الأكبر هي تلك التي ستواجهها موريتانيا، البلد الذي سيكون مطالب باستعادة 3822 من مواطنيه، أي أكثر من باقي بلدان شمال إفريقيا مجتمعة.
إيران والخليج وحتى إسرائيل
القائمة شملت أيضا مواطني الدول التي تعيش نزعات مسلحة، مثل سوريا التي على إدارتها الجديدة أن تستقبل 741 شخصا، والسودان الغارقة في حرب أهلية منذ سنة 2023، المطالبة بتسلُّم 1012 من حاملي جنسيتها، إلى جانب العراق بـ1299 شخصيا، ولم يَستثنِ الأمر إيران، "العدو" الرئيس لترامب في الشرق الأوسط بـ2618 مواطنا، كما ستكون تركيا مدعوة لاستقبال 3103 شخصا من مواطنيها.
ولم ينجُ من القائمة حتى مواطنو بلدان الخليج الغنية، الذي يطرح ترحيل بعضهم علامات استفهام حول مصيرهم الإنساني، لكونهم من المُجاهرين بمعارضة الأنظمة الحاكمة هناك، إذ نجد 337 شخصا من المملكة العربية السعودية و146 من الكويت و21 من الإمارات العربية المتحدة و17 من البحرين و10 من قطر و6 من سلطنة عمان.
المثير للانتباه أن القائمة شملت أيضا 1148 شخصا من حاملي الجنسية الإسرائيلية، إلى جانب 1055 من لبنان، في حين ستتم إعادة 1708 أشخاص إلى أفغانستان الموجودة حاليا تحت سيطرة "طالبان"، كما لم يَستثنِ القرار مواطني كوريا الشمالية التي عليها أن تستقبل 3 من مواطنيها، بينما ستستقبل جارتها الجنوبية 837 شخصا، ويوجد 1229 اسم أي القائمة ضمن خانة "كوريا" فقط دون تحديد أي من دولتي شبه الجزيرة.
من أميركا اللاتينية إلى الاتحاد الأوروبي
يتصدر مواطنو الهندوراس الجنسيات التي أصبح حاملوها مهددين بالطرد من الأراضي الأمريكية، بأكثر من 261 ألف شخص، يليهم مواطنو غواتيمالا بأزيد من 253 ألفا، ثم المكسيكيون بما يفوق 252 ألفا، وما يقارب 209 آلاف من السلفادور، كما تشمل القائمة حوالي 46 ألف من نيكاراغوا، وأكثر من 42 ألف كوبي، و32 ألفا من هايتي، وما يزيد عن 31 ألف إكوادوري، وأزيد من 27 ألف كولومبي، وحوالي 23 ألفا من فينزويلا، ونحو 18 ألفا من الهند.
وشملت اللائحة الكثير من مواطني الدول الكبرى، مثل الصين التي أصبح حوالي 38 ألف من مواطنيها مهددين بالترحيل، مقابل 3518 من روسيا، التي يشمل القرار أيضا 1852 شخصا من جارتها أوكرانيا والتي تعيش على وقع الحرب معها منذ 2022، بالإضافة إلى 1290 شخصا من كندا و1157 من المملكة المتحدة، و281 من اليابان، و261 من أستراليا، و60 من سويسرا.
القرار طال أيضا مواطني الاتحاد الأوروبي، إذ ضمت القائمة 402 من حاملي الجنسية الفرنسية، و571 من ألمانيا، و355 من إيطاليا، و364 من إسبانيا، وإلى جانبهم يوجد المئات الذين يحملون جنسيات السويد والنرويج والدانمارك وفنلندا وهولندا والبرتغال، والآلاف من رومانيا وبولندا وهنغاريا وغيرها، بل إن القائمة احتسبت 337 شخصا يحملون جنسية الاتحاد السوفياتي المُفكك منذ ربع قرن.