إقصاء المنتخب المغربي من "كان2021".. ثلاث أخطاء قاتلة ارتكبها الناخب الوطني
تحمل الناخب الوطني، البوسني وحيد حاليلوزيتش، مدرب المنتخب المغربي لكرة القدم، جزء كبير من مسؤولية الإقصاء في دور ربع نهائي كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، بعد الخسارة، أمس الأحد، أمام منتخب مصر، بنتيجة هدفين مقابل هدف واحد، في المباراة التي جمعتهما على أرضية ملعب "أحمدو أحيدجو" بالعاصمة ياوندي.
الإطار الفني، تخلف عن حضور المؤتمر الصحفي، عقب نهاية المواجهة، إلا أن ذلك لم يجنبه انتقادات الشارع الكروي المغربي، والذي ترى شريحة كبيرة منه أن بعض الأخطاء التي ارتكبها، هي التي ساهمت في عدم بلوغه دور نصف نهائي البطولة، على الأقل، كما هو مسطر ضمن عقدة أهدافه مع جامعة الكرة، منذ أن تسلم المسؤولية في غشت 2019.
الخطأ الأول.. قائمة الـ 28 لخوض "كان2021"
منذ إعلانه عن قائمة اللاعبين الذين وجهت لهم الدعوة للمشاركة في نهائيات كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، في 23 دجنبر الماضي، اتضح للمتتبع المغربي أن الأمور لا تسير بالشكل الصحيح، خاصة أن بطولة ال"كان" تختلف بشكل كبير عن مرحلة التصفيات، التي شاءت الأقدار أن يقود حاليلوزيتش جل مبارياتها، داخل المغرب.
مدرب "الأسود"، الذي ظل وفيا لاختياراته المعهودة وحافظ على أغلب الركائز التي اعتمد عليها، خلال مشوار التصفيات، نادى على اسمين جديدين ضمن القائمة، شكلا المفاجأة، على غرار عبد الصمد الزلزولي، نجم برشلونة الإسباني، الذي لم يلبي الدعوة، وعز الدين أوناحي، متوسط ميدان فريق أنجيه الفرنسي.
بسبب مشاكل شخصية، أسقط حاليلوزيتش اسمي حكيم زياش، نجم تشيلسي الإنجليزي ونصير مزراوي، مدافع أياكس أمستردام الهولندي، في وقت ظل يردد الناخب الوطني عبارته الشهيرة "مصلحة المنتخب الوطني المغربي فوق كل اعتبار"، وهو ما يتناقض مع المزاجية التي دبر بها البوسني ملف اللاعبين.
اختيارات تحمل الناخب الوطني، وحده، المسؤولية فيها، ليذهب إلى الكاميرون، مقتنعا بالمجموعة التي يحيطها بالعناية الكبيرة منذ أن تولى مسؤولية اختيار الأسماء المشكلة لها، فإما أن الحصيلة الرقمية لمشوار التصفيات كانت "خداعة" أو أن الطبع العنادي للمدرب جعله يتشبث بلاعبين لا يداعبون الكرة إلا في الحصص التدريبية لأنديتهم.
حاليلوزيتش الذي تشبث بالمناداة على المدافع سامي مايي، بدل زهير فضال أو جواد اليميق، هو نفسه من رأى في آدم ماسينا المدافع الأيسر الأفضل على مستوى المحترفين المغاربة، حتى أنه ظل مقتنعا بأن سفيان شاكلا أفضل بديل ممكن، في وقت تعويضه للمدافع بدر بانون بزميله أشرف بنشرقي، عند إصابة الأول ب"كوفيد".
لا مايي أبلى البلاء الحسن عند توظيفه في مركز متوسط الميدان الدفاعي ولا شاكلا كان جديرا بالثقة لما تسبب بهدف أمام الغابون، فكان القائد غانم سايس "ضحية" اختيارات فنية، حين لعب مواجهة المنتخب المصري مصابا، يكاد يقوى على الحركة في الشوطين الإضافيين.
بالإضافة لاختيارات اللاعبين، الذي تعرف جلهم، لأول مرة، على أجواء الأدغال الإفريقية، عند وصولهم إلى ياوندي، فإن عنصر التجربة تم تغييبه في سيرورة المنتخب الوطني، حيث أن حاليلوزيتش عمل على محو معالم التجربة السابقة، بقيادة الفرنسي هيرفي رونار، فلم يعد لأسماء مثل أمين حاريث ويونس بلهندة، على سبيل الذكر، مكان ضمن المنظومة، رغم أن اللاعبين يمارسان حاليا في أجود الدوريات الأوروبية.
الخطأ الثاني.. هلوسات تكتيكية بمساعدة حجي!
وفيا لعنصر المفاجأة، أعلن حاليلوزيتش عن التشكيلة التي ستدخل مواجهة مصر، حيث اعتمد هذه المرة على مهاجم صريح واحد، وهو يوسف النصيري، بعد أن أظهرت ثنائية "النصيري-الكعبي" محدوديتها، إلا أن علامة الاستفهام الكبرى، تجلت في إقحام منير الحدادي، وهو الذي لم يلعب سوى 14 دقيقة أمام منتخب جزر القمر ثم 10 دقائق أمام مالاوي في ثمن النهائي.
ليس هذا فقط، فال"كوتش" البوسني، منح للاعب أيمن برقوق إمكانية اللعب ل104 دقائق أمام المنتخب المصري، وهو الذي لم يشارك سوى ل10 دقائق أمام مالاوي وقبلها 33 دقيقة أمام الغابون، علما أن عداد دقائق اللعب مع فريقه انتراخت فرانكفورت الألماني، لا يتجاوز ال180 خلال الموسم الكروي الجاري.
خطط تتغير مع كل مباراة ورسوم تكتيكية تعبر عن محدودية فكر المدرب، بالإضافة للقراءة السيئة للخصوم، كل هذا في حضرة مصطفى حجي، الذي بدى جليا أن دوره في دكة البدلاء يقتصر على "معانقة اللاعبين"، كما يقول بعض المتتبعين، على سبيل المزحة، إلا أن التساؤلات تظل مشروعة حول دور مساعد الناخب الوطني، الذي عاشر بادو الزاكي ثم رونار وحاليلوزيتش، دون أن تتحسن الأوضاع داخل المنتخب الوطني.
"عند الامتحان يعز المرء أو يهان"..لولا موهبة حكيمي أمام الغابون، لكان حاليلوزيتش قد تجرع أولى هزائمه القاسية، في أول اختبار حقيقي للناخب الوطني، ثم جاء امتحان المباراة الفاصلة في نهائيات بطولة مجمعة، والذي طالما ما رسبت فيه "الأسود" على مر التاريخ الحديث، إلا أن القائد فشل فيه أيضا، حتى لما كانت الأسبقية في النتيجة لصالحه، منذ الدقيقة السابعة.
قبل مواجهة مصر، قال المدرب البوسني إنه وضع خطة لإيقاف محمد صلاح، فكان الأخير، في الواقع، وراء هدفي المنتخب المصري، الأول بسبب سوء التغطية من ماسينا وكسر خط التسلل من الحدادي، ثم الثاني الذي أظهر الضعف الذي يعاني منه الفريق الوطني في الجبهة الدفاعية اليسرى، رغم محاولات نايف أكرد المتكررة للتغطية، إلا أن سرعة صلاح كانت حاسمة.
الخطأ الثالث.. الأنا الزائدة لمدرب برصيد مغمور
يعلم المتتبع الرياضي المغربي أن السيرة الذاتية للمدرب وحيد حاليلوزيتش، لا تضعه في مصاف المدربين الكبار على المستوى الإفريقي، حيث يملك لقبا قاريا واحدا في رصيده الشخصي، حققه سنة 1997، حين قاد فريق الرجاء الرياضي للتتويج بمسابقة عصبة الأبطال.
في مقارنة بسيطة مع البرتغالي كارلوس كيروش، مدرب المنتخب المصري، يتضح أن الفوارق كبيرة، فالأخير صنع مجد بلاده القاري، مع منتخبات الفئات السنية، ثم مع نادي سبورتينغ لشبونة، ناهيك عن قيادة ريال مدريد الإسباني للقب "السوبر" سنة 2004.
من يعاين الثقة الزائدة في خطاب حاليلوزيتش و"الأنا" التي يوظفها في سرد مقارنات تاريخية، يتساءل إن كان الناخب الوطني يعاني من "السكيزوفرينيا"، وهو الذي فشل مع منتخب كوت ديفوار في محطة دور ربع نهائي "كان2010" ثم الإقصاء من دور مجموعات "كان2013" رفقة المنتخب الجزائري.
في سن التاسعة والستين، يظل الإطار البوسني مرددا لأسطوانة تألقه مع "الخضر" في نهائيات كأس العالم 2014، حين تأهل إلى الدور الثاني، قبل الهزيمة بصعوبة أمام منتخب ألمانيا، وهو الحدث التاريخي الذي مرت عليه أزيد من ثمان سنوات.
ما فتئ حاليلوزيتش يبحث عن أرقام تشفع له رفقة المنتخب المغربي، إلا أن "المظاهر خداعة"، حيث أظهرت بطولة "كان2021" أن التأهل متصدرا للمجموعة في التصفيات، ليس معيار حقيقيا، ولا حتى التصنيف الدولي "فيفا" يقيس حجم المنتخبات في المحطات القارية المهمة.