ارتفاع حجوزات السياح الصينيين نحو المغرب إلى 270%.. مع توقع تجاوزهم 200 ألف سائح صيني مع نهاية 2025

 ارتفاع حجوزات السياح الصينيين نحو المغرب  إلى 270%.. مع توقع تجاوزهم 200 ألف سائح صيني مع نهاية 2025
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأثنين 2 يونيو 2025 - 20:33

تشهد وجهة المغرب السياحية زخما غير مسبوق في السوق الصينية، مع تزايد الإقبال من طرف السياح الصينيين على المملكة، خاصة مع اقتراب احتفالات "عيد قوارب التنين" التقليدي، أحد أبرز الأعياد في التقويم الثقافي الصيني، فيما هذا الاهتمام المتصاعد تُرجم عمليا بارتفاع كبير في حجوزات الرحلات الجوية والجولات السياحية المنظمة، ما يعكس تحولا لافتا في خريطة اهتمامات المسافر الصيني، الذي بات يرى في المغرب بوابة ساحرة لاكتشاف إفريقيا وشمالها.

المعطيات الإحصائية الصادرة عن منصات السفر الصينية، كشفت عن نمو استثنائي في الطلب على الوجهة المغربية خلال النصف الأول من عام 2025، حيث سجلت الحجوزات الجوية من الصين نحو المغرب ارتفاعا بأكثر من 270% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024.

ولم يتوقف الأمر عند تذاكر السفر فقط، بل شمل أيضا أنماط السياحة المنظمة، حيث عرفت مبيعات الجولات الخاصة مع سائق خاص ارتفاعًا بنسبة 200%، ما يؤشر على تزايد الطلب على تجارب سفر شخصية، مريحة، ومتكيفة مع توقعات السياح الصينيين، فيما هذا التوجه يبرز بوضوح تفضيل السياح الآسيويين، ولا سيما الصينيين، للرحلات التي تجمع بين الراحة والخصوصية، مع الانغماس في الثقافة المحلية دون عناء التنقل العشوائي أو الارتجال، وهو ما يعزز من أهمية تطوير منتجات سياحية مخصصة لهذا السوق المتطلب.

الدينامية الجديدة ليست صدفة، بل جاءت كثمرة لتعاون مؤسساتي مدروس، توّج بتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين منصة Fliggy الصينية والمكتب الوطني المغربي للسياحة، على هامش معرض شنغهاي الدولي للسياحة لسنة 2025، وتمتد هذه الشراكة على مدى ثلاث سنوات، وتهدف إلى تعزيز الحضور المغربي داخل السوق الصينية، وتطوير عروض سياحية مشتركة، وتحسين تجربة السياح الصينيين في المغرب بشكل شامل.

وتتضمن بنود الاتفاقية إطلاق حملات ترويجية رقمية مستهدفة عبر منصات Fliggy الواسعة الانتشار، وتنظيم فعاليات ترويجية وحملات علاقات عامة في كل من المغرب والصين، تهدف إلى إطلاع السياح الصينيين على المؤهلات السياحية المغربية، مع التركيز على تقديم مسارات مصممة خصيصًا تعكس التنوع الثقافي والطبيعي للمملكة.

وتؤكد المنصات السياحية الصينية، أن المملكة المغربية، بما تتميز به من تنوع طبيعي وثقافي، تقدم للسائح الصيني تجربة فريدة تمزج بين عبق التاريخ ودفء الضيافة ومغامرات الطبيعة، موردة أنه في مراكش، ستحمله الأزقة المتعرجة والأسواق التقليدية إلى سحر الشرق العتيق، بينما تقف ساحة جامع الفنا شاهدة على حيوية لا تنام، وفي فاس، مدينة العلم والعراقة، يتجلى الإرث الأندلسي في تفاصيل المعمار والمدابغ العتيقة.

أما لعشاق المغامرة الصحراوية، فتمثل مرزوكة بوابة لاكتشاف الكثبان الذهبية، وعيش ليالٍ أمازيغية في خيم تقليدية وسط الصحراء، وفق المصدر ذاته، وفي الجهة الأخرى، تمتد سواحل الصويرة بأفقها المفتوح على الأطلسي، بينما تسرق شلالات أوزود الألباب بجمالها الأخاذ، فيما هذا التنوع يجعل من المغرب وجهة سياحية متعددة الوجوه، قادرة على إرضاء مختلف الأذواق.

يأتي هذا التعاون مع Fliggy في إطار استراتيجية أوسع تتبعها المنصة الصينية التابعة لمجموعة "علي بابا"، والتي تعمل على تطوير شراكات مماثلة مع وجهات سياحية أخرى، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على غرار تركيا، أما الهدف فهو فتح وجهات بديلة وعالية القيمة للسائح الصيني الذي بات يبحث عن تجارب أصيلة، بعيدة عن الوجهات التقليدية المألوفة.

من جهة ثانية، فإن الاهتمام المتنامي من قبل السياح الصينيين لا يُعدّ فقط نجاحا تسويقيا للمغرب، بل هو مؤشر على نجاعة التحولات في الاستراتيجية السياحية الوطنية التي باتت تراهن على أسواق بعيدة ومربحة بدل الاكتفاء فقط بالأسواق الأوروبية التقليدية، كما أن هذا التوسع يعكس قدرة المغرب على تكييف عرضه السياحي مع متطلبات جمهور عالمي متنوع، وهو ما من شأنه أن يعزز الإيرادات السياحية، ويوسّع من رقعة التشغيل في قطاعات الإيواء والنقل والمطاعم والصناعة التقليدية.

وفي هذا الإطار، قال عبد الرحيم بنعيسى، الخبير في التسويق السياحي والمدير سابق لمؤسسة الترويج السياحي بجهة مراكش آسفي، إن "الاهتمام الصيني المتزايد بالمغرب لم يعد مجرد مؤشر عابر، بل أصبح توجها استراتيجيا ينبغي استثماره بعناية فائقة"، موردا أن " ارتفاع حجوزات الطيران من الصين بنسبة تفوق 270%، وزيادة الطلب على الجولات الخاصة بنسبة 200%، يُظهران أن السائح الصيني لا يبحث فقط عن الوجهة، بل عن التجربة الكاملة المصمّمة خصيصا لتوقعاته".

الخبير السياحي، وفي تصريح لـ "الصحيفة"، استحضر أرقام وزارة السياحة، اتي أشارت إلى أنه لم يكن عدد السياح الصينيين الوافدين إلى المغرب يتجاوز 20 ألف زائر سنويا قبل قرار إلغاء التأشيرة سنة 2016 تزامنا والزيارة الملكية للبلد، لكن هذا الرقم تضاعف ليصل إلى 140 ألف سائح صيني في سنة 2019، قبل أن يتراجع مؤقتا بسبب الجائحة، ويبدأ في التعافي تدريجيا خلال 2023 و2024، وهو ما دفعه إلى توقع أن" يتجاوز عتبة 200 ألف زائر صيني مع نهاية 2025، خاصة إذا استمر دعم الترويج الرقمي والتسهيلات اللوجيستية".

ونبّه المتحدث، إلى أن السياح الصينيون يُعرفون بقدرتهم الشرائية العالية، حيث يُقدّر معدل الإنفاق الفردي لسائح صيني في المغرب بـ ما بين 900 و1200 دولار خلال الرحلة الواحدة، وهو رقم يفوق بكثير معدل الإنفاق لدى السياح الأوروبيين، مضيفا: " كما أن 70% من هؤلاء السياح يفضلون حجز جولات مخصصة مع مرشدين ناطقين بالصينية، وإقامات فاخرة في مدن مثل مراكش، فاس، وأكادير".

لكن لتحقيق استدامة في هذا النمو، يؤكد الخبير السياحي: " نحن بحاجة إلى تعزيز قدرات الموارد البشرية الفندقية في التعامل مع السياح الصينيين من حيث اللغة والخدمات، وتوسيع شبكة الربط الجوي المباشر، خاصة نحو شنغهاي وبكين، ومن دون بنية تحتية قوية، قد يتحول هذا الطلب المتزايد إلى فرصة ضائعة".

وشدّد المتحدث في تصريحه عل أنه "اليوم، المغرب لديه الإمكانيات ليصبح وجهة رائدة في السوق الآسيوية، شريطة مواصلة الاستثمار في الترويج، وتكييف العرض السياحي مع توقعات الزبون الآسيوي الذي يولي أهمية كبرى للجودة، الأصالة، والتجربة المصممة بدقة."

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

النظام الجزائري.. أسير الشيخوخة وإرث الماضي وأحقاده

حين بث التلفزيون الرسمي الجزائري مشاهد استقبال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لنظيره الرواندي بول كغامي، يوم 3 يونيو 2025، كان في حقيقة الأمر، ودون أن يدري، يضع الرَّجُلين في ...