استطلاع.. 64 في المائة من قراء "الصحيفة" يتوقعون استمرار الخلاف المغربي الجزائري لعقود طويلة.. و23 في المائة يرجحون دخول البلدين في حرب عسكرية
في استطلاع للرأي أجرته "الصحيفة" على مدى أربعة أسابيع، لا يتوقع قراء الموقع حدوث انفراج قريب في العلاقات بين الجزائر والمغرب القوتين الوازنتين في شمال غرب إفريقيا، إذ يُرشح أكثر من 64 في المائة من أدلوا بصوتهم في الاستطلاع، الاستمرار على نهج العداوة بين البلدين لعقود قادمة دون الحسم فيها، ودون أن تتحول إلى حرب مفتوحة، وذلك رغم التهديدات المتوالية من النظام الجزائري بالحرب التي تأتي بمناسبة وبغير مناسبة على لسان الرئيس عبد المجيد تبون في أكثر من خرجة إعلامية أو من خلال الخطب الطويلة لقائد أركان الجيش لسعيد شنقريحة الذي يظل يطوف على الثكنات العسكرية منذ سنوات ويحث الجيش على الاستعداد لـ"العدو الكلاسيكي" الذي يقصد به المغرب.
ومع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة، في في مقابل تقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة، أجرت "الصحيفة"، استطلاع رأي سألت فيه قرائها حول توقعاتهم إزاء نهاية أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين، حيث أكد خلاله 64 في المائة من القراء توقعهم باستمرار هذا الخلاف لعقود قادمة دون الحسم فيه.
وجاء في الاستطلاع، الذي وضعته "الصحيفة" بين يدي قرائها منذ أسابيع، وشارك فيه 1357 من المصوتين من مختلف دول العالم، وفي مقدمتهم المغاربة والجزائريين باعتبارهم الأكثر زيارة للموقع الإخباري المغربي، فإن احتمالية نشوب حرب عسكرية بين الجيش المغربي ونظيره الجزائري ضعيفة، إذ لا يتجاوز عدد الداعمين لهذا الاحتمال 323 شخصا بنسبة تصل إلى 23 في المائة يعتبرون أن الأمور قد تصل بالفعل إلى حرب بين الجارين.
بالمقابل يرى 11 في المائة من قراء "الصحيفة"، وفق المعطيات الرقمية التي جاء بها الاستطلاع أن البلدين قد يحتكمان في وقت لاحق إلى المصير المشترك من أجل نزع أسباب الخلاف، إذ يتفاءل حوالي 153 فردا من المصوتين بإمكانية حدوث انفراج في العلاقة بين البلدين على أساس التوافق، وذلك على الرغم من وجود العديد من الملفات الخلافية، وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية، ودعم النظام الجزائري للجبهة الانفصالية البوليساريو.

وتعيش العلاقات السياسية بين الجزائر والمغرب عل وقع التجاذبات منذ استقلال البلدين، وذلك على خلفية ملف الصحراء المغربية تحديدا، وصلت لدرجة القطيعة الدبلوماسية وغلق الحدود، إذ يتهم المغرب الجزائر بعدم الحياد في القضية ووقوفها إلى جانب جبهة البوليساريو الانفصالية، في حين تشدد الجزائر على أنها مجرد ملاحظ في الملف الذي يخص "تقرير المصير" وفق القانون الدولي للأمم المتحدة، وهو ما نفته تقارير عديدة ودلائل تابثة تؤكد أن الجزائر طرفا في النزاع.
وكان قادة الجيش الجزائري، قد أصدروا السنة الماضية، تعليمات بحشد أكبر عدد من القوات العسكرية ومن العتاد على الحدود المغربية الجزائرية، وسط حديث عن احتمالية نشوب مواجهات مسلحة مع القوات المسلحة الملكية المغربية، فيما شرعت منابر إعلامية صحافية مقربة من دوائر الحكم العسكري في دق طبول الحرب إذعانا باحتمالية حدوثها، وهو ما نفته مصادر أخرى أكدت أن كل ما في الأمر هو حدوث مواجهات مسلحة بين الجيش الجزائري ومتمردين ينتمون إلى حركة تطالب باستقلال جنوب البلاد لإنشاء دولة مستقلة.
وكان الدبلوماسي الجزائري، عمار بلاني، الذي كان يشغل منصب "المبعوث الخاص المكلف بقضية الصحراء و بلدان المغرب العربي" قد سبق وأكد أن "الجزائر قد تلجأ إلى إجراءات تصعيدية في خلافها مع المغرب وتتخذ المزيد من الخطوات بعد قطع العلاقات وإغلاق المجال الجوي". مضيفا أن "من غير الممكن استبعاد اللجوء لإجراءات إضافية"، دون أن يحدد طبيعة هذه الإجراءات التي ربما تكون قيد الدراسة، وذلك تزامنا مع قيام الجيش الجزائري بعد ساعات فقط من قرار إغلاق المجالي الجوي على الطائرات المغربية.
وفي مطلع شهر يونيو 2023، كتب موقع "مغرب انتلجنس"، أن رئيس أركان الجيش الجزائري، سعيد شنقريحة، شرع في تعزيز غير مسبوق لعناصر الجيش المنتشرة بالقرب من الحدود الجزائرية المغربية، لافتا إل أنه قد تم إرسال عدد أكبر من القوات وأفضل تجهيزًا من عدة مناطق جزائرية أخرى ليتم نشرها على وجه الخصوص في محيط "حماقير" الواقعة على بعد أكثر من 110 كيلومترات جنوب غرب بشار وليست بعيدة عن الحدود المغربية.
وإعتبر الموقع أن الانتشار الواسع - حينها - للقوات العسكرية الجزائرية، غير مسبوق، مشيرًا إلى أنه تمت دراسته وشرحه والمصادقة عليه من قبل القيادة العسكرية العليا للجيش الجزائري وكذلك من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أثناء اجتمع ضد كبار المسؤولين العسكريين فقط، الذي عقد في 1 يونيو 2023.
وذكر المصدر ذاته، فقد قدم خلال هذا الاجتماع الحساس للغاية، سعيد شنقريحة لعبد المجيد تبون، خطة عمل تتوقع مخاطر عالية جدا للاحتكاك العسكري مع الجار المغربي، ومجابهة ما اعتبر الخطر بتسريع العمليات العسكرية المغربية التي تنفذ ضد مليشيات جبهة البوليساريو وراء الجدار الرملي الذي يفصل الجزء المغربي من الصحراء عن المنطقة العازلة مع حدود الجزائر.