الأطباء يتهمون الحكومة المُقامرة بصحة المغاربة.. مشروع الأدوية الجنيسة يفتقر للضمانات العلمية ويقوّض الثقة في المنظومة الصحية

 الأطباء يتهمون الحكومة المُقامرة بصحة المغاربة.. مشروع الأدوية الجنيسة يفتقر للضمانات العلمية ويقوّض الثقة في المنظومة الصحية
الصحيفة - خولة اجعيفري
الثلاثاء 4 نونبر 2025 - 9:00

اتهمت التنسيقية النقابية للأطباء العاملين بالقطاع الخاص وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالمجازفة بصحة المغاربة من خلال مشروع "دليل الأدوية الجنيسة" الذي يمنح الصيادلة صلاحية استبدال الأدوية الموصوفة دون الرجوع إلى الطبيب، معتبرة أن الحكومة تُقدِم على خطوة غير محسوبة العواقب في ملف يتعلّق مباشرة بسلامة المرضى وثقة المجتمع في الدواء الوطني.

وحذّرت التنسيقية، من أن المشروع الذي تسوّقه الوزارة بوصفه إصلاحا يهدف إلى تقليص كلفة العلاج، يخفي في الواقع اختلالات علمية وتنظيمية "عميقة وخطيرة" تجعل تطبيقه في الميدان "مغامرة صحية غير مسؤولة" وتنذر بزعزعة أسس الممارسة الطبية وتقويض مبدأ المسؤولية المهنية. 

وأكدت أن تمرير هذا المشروع في غياب دراسات علمية منشورة ومعايير مراقبة دقيقة يمثل "انحرافا عن المنطق الطبي السليم" ويهدد بتحويل الصيدليات إلى فضاءات لتجارب دوائية غير مضبوطة، داعية إلى وقفه فورًا إلى حين توفير شروط السلامة والتكافؤ الحيوي الحقيقي بين الأدوية.

وسجّلت التنسيقية، بقلق بالغ أن المشروع في صيغته الحالية يعاني من اختلالات تقنية وبشرية وتنظيمية تجعل تطبيقه شبه مستحيل على أرض الواقع ومن أبرز ما أشارت إليه انعدام التكافؤ الحيوي الحقيقي بين العديد من الأدوية الجنيسة ونظيراتها الأصلية، في ظل غياب دراسات منشورة ومعايير مراقبة صارمة تضمن فعالية الاستبدال وأمانه، إلى جانب تفاوت جودة التصنيع والمراقبة بين المختبرات المنتجة، مما يجعل الثقة العلمية في عدد من الأدوية الجنيسة محلّ شك وتساؤل مشروع.

ولفتت التنسيقية إلى أن اختلاف المكونات الثانوية بين الدواء الأصلي ونظيره الجنيس قد يؤدي إلى آثار غير متوقعة، خاصة عند المرضى المزمنين أو الذين يعانون من حساسية تجاه بعض المواد المضافة، محذّرة من أن غياب نظام رقمي موحّد لتتبع عمليات الاستبدال سيحوّل الممارسة إلى مجال مفتوح للعشوائية والتضارب في المسؤوليات القانونية.

وأبرزت في السياق ذاته أن غياب الصيدلي المؤطر عن مكان عمله في عدد من الصيدليات، وتركها في أحيان كثيرة تحت إشراف مساعدين غير مؤهلين علميا أو قانونيا أو أخلاقيا يجعل من فكرة “الاستبدال المسؤول” مجرد وهم إداري بعيد عن الواقع كما أكدت أن غياب أي تكوين فعلي ومنهجي للمساعدين في مجال الاستبدال الدوائي يضاعف خطر الأخطاء العلاجية، ويقوّض أسس السلامة الصحية للمريض.

وتوقفت التنسيقية عند وضعية المناطق النائية التي تفتقر لأطباء وصيادلة قارّين، معتبرة أن السماح بالاستبدال في تلك المناطق قد يحوّل العملية إلى ممارسة تلقائية من طرف أشخاص غير مؤهلين، في غياب أي إشراف طبي أو رقابي فعلي كما انتقدت تهميش الهيئات العلمية والمهنية في إعداد المشروع، واعتماد الوزارة مقاربة “فوقية لا تشاركية” في موضوع بالغ الحساسية يرتبط مباشرة بأمن المواطن الصحي.

وبناء على هذه الملاحظات، اعتبرت التنسيقية أن تنزيل المشروع في الظروف الحالية “يُعدّ مخاطرة غير مقبولة تمسّ سلامة المرضى وتضرب في العمق أسس الممارسة الطبية وأخلاقياتها”، مطالبة بتجميد العمل به فورًا إلى حين إعداد قاعدة علمية شفافة ومؤسساتية تضمن التكافؤ الحيوي الحقيقي كما دعت إلى إشراك الهيئات الطبية والصيدلانية والعلمية في صياغة الدليل النهائي، بعيدا عن المقاربات التقنية الضيقة، مع تحديد دقيق للمسؤوليات القانونية بين الطبيب والصيدلي حماية لحقوق المريض وضمانًا لسلامته.

وطالبت التنسيقية أيضا بتفعيل المراقبة الميدانية للصيدليات وضمان حضور الصيدلي المؤطر بشكل دائم، وتوقيف كل الممارسات العشوائية في التسيير، إلى جانب اعتماد تكوين إلزامي للمساعدين في مجال السلامة الدوائية قبل منحهم أي تفويض أو صلاحية مهنية.

ونبهت التنسيقية، إلى "خطورة الاستعجال في تنزيل هذا الإجراء دون أسس واقعية وعلمية واضحة"، محمّلة وزارة الصحة المسؤولية الكاملة عن كل ما قد يترتب عن هذا القرار من اختلالات ومضاعفات تمس صحة المواطن وثقة المجتمع في المنظومة الصحية الوطنية.

وفي تصريح لـ "الصحيفة" قال شراف لحنش رئيس التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص، تعليقا على مسودة مشروع “دليل الأدوية الجنيسة” التي أعلنت عنها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والتي تتجه نحو تمكين الصيدلي من استبدال الدواء الموصوف بنظيره الجنيس دون الرجوع إلى الطبيب، إنّ هذا التوجه، "رغم وجاهة أهدافه المعلنة، يثير قلقا مشروعا لدى الأطباء والمهنيين لما يحمله من مخاطر تنظيمية وعلمية إذا تم تنزيله في غياب الشروط الضرورية للسلامة الدوائية."

وأوضح لحنش أن أي إصلاح يروم ترشيد نفقات العلاج لا يمكن أن ينجح إلا بتوفر ضمانات علمية واضحة للتكافؤ الحيوي بين الأدوية الأصلية والجنيسة، ونظام مراقبة فعال، وتكوين مهني مؤطر لكل المتدخلين في الحلقة الدوائية.

وأضاف أن "استبعاد الهيئات الطبية والعلمية من النقاش حول مشروع بهذه الحساسية لا يخدم المصلحة العامة، ويقوّض الثقة المتبادلة بين مهنيي الصحة ومؤسسات الدولة".

وختم رئيس التنسيقية تصريحه بالتأكيد على أنه "من هذا المنطلق، أجدد الدعوة إلى مراجعة المسودة الحالية وفتح حوار مهني مسؤول يضم ممثلي الأطباء والصيادلة والخبراء، من أجل بلورة مقاربة متوازنة تراعي سلامة المواطن أولاً، وتضمن ممارسة مهنية تحترم الأدوار التكاملية بين الطبيب والصيدلي."

ويأتي هذا الموقف في سياق جدل متصاعد بين الأطباء والصيادلة منذ سنة 2023، حين أعادت وزارة الصحة طرح ملف الأدوية الجنيسة في إطار سياساتها لتقليص كلفة العلاج وتوسيع التغطية الصحية الشاملة وبينما يعتبر الصيادلة أن منحهم حق الاستبدال خطوة نحو 

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

رغم قرار مجلس الأمن.. الحل النهائي لملف الصحراء مازال شاقا

بعد أسابيع من اليوم، أو حتى بعد شهور قليلة، على المغرب أن يقدم للأمم المتحدة، مشروعه المُفصّل حول خطة "الحكم الذاتي" في الصحراء، إثر تصويت مجلس الأمن الدولي على القرار ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...