الأمر أكبر من ضغط الإشهار.. هذه أسباب تراجع "إلباييس" عن ربط "إنديتيكس" بفاجعة طنجة

 الأمر أكبر من ضغط الإشهار.. هذه أسباب تراجع "إلباييس" عن ربط "إنديتيكس" بفاجعة طنجة
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأربعاء 10 فبراير 2021 - 20:27

لم تمر التعديلات التي أدخلتها صحيفة "إلباييس" الإسبانية على مقال كان يربط بين فاجعة وفاة 28 عاملا وعاملة غرقا داخل وحدة غير قانونية لصناعة النسيج وبين عملاق الملابس الإسباني "إنديتكس"، دون أن ينتبه إليها أحد، فالحذف الذي طال عبارات نُشرت في النسخة الأولى أثار حفيظة الرأي العام الإسباني باعتبارها محاولة لطمس معطيات مهمة تحت "الضغط".

وحاولت "الصحيفة" من خلال مصادرها تتبع خيوط ما جرى لفهم دوافع "إلباييس"، الصحيفة الأكثر انتشارا في إسبانيا، لحجب معطيات كانت تتحدث عن أن المغرب هو المورد الرئيس لشركة "إنديتكس" المالكة للعلامات التجارية الشهرية "زارا" و"بول آند بير" وبيرشكا" و"ستراديفاريوس"، مع ربط تلك المنتجات بالمعامل غير القانونية المنتشرة في طنجة.

مقتطف من الفقرات التي حذفتها صحيفة "إلباييس" الإسبانية في تقريرها

وبدأ الحديث عن تحكم سلطة "الإشهار" في مواد "إلباييس"، وهو الأمر الذي وجد سنده في تغريدة على "تويتر" لبابلو إيتشينيكي، المتحدث باسم المجموعة البرلمانية "أونيداد بوديموس"، والتي جاء فيها "يبدو أن أحدا ما من إنديتيكس بحث عن اسم الشركة في غوغل واتصل بوسائل الإعلام لتعديل مقالاتها"، وأضاف "لهذا السبب نحتاج لوسائل إعلام غير ممولة من طرف إعلانات الشركات الكبرى".

لكن ما أورده السياسي عن حزب "بوديموس" اليساري المشارك في الحكومة الإسبانية "ليس دقيقا"، على حد توصيف مصادر إسبانية تعمل في المجال الصحافي لـ"الصحيفة"، فعمليا لا تعطي شركة "إنديتيكس" لمالكها أمانسيو أورتيغا أي إعلان لأي من وسائل الإعلام، ولا يوجد أي دليل مادي على تسلم إحدى الصحف أو المنابر الإعلامية الإسبانية أموالا من طرف هذه الشركة، فالأمر "أعقد من ذلك بكثير".

إذا هل كانت التعديلات التي دخلت على مقال "إلباييس" مجرد "صدفة"؟.. تتساءل "الصحيفة" أمام مصادرها، والجواب هو أن هذه الفرضية مستبعدة، فتأثير مجموعة "إنديتيكس" على وسائل الإعلام في إسبانيا يمكن أن يلاحظ بسهولة من خلال المواد الصحافية القليلة التي تتحدث عن تجاوزاتها فيما يخص ظروف اشتغال العمال أو أدائها لواجباتها الضريبية، لكن ذلك لا يتم عن طريق الإشهارات.

وتصف تلك المصادر الأمر بأنه عبارة عن "دائرة مصالح ينتقل تأثير أورتيغا فيها من علاقاته مع السياسيين والفاعلين الاقتصاديين وصولا إلى وسائل الإعلام"، فالموضوع يتعلق بمؤسسة تمثل إحدى ركائز الاقتصاد الإسباني، بالإضافة إلى مساهمتها بتبرعات سخية للعديد من المنظمات الخيرية والمستشفيات.

و"لعبة التبرعات" يتقنها أورتيغا بشكل جيد، وهو ما أشار إليه تقرير لموقع "إثكييردا دياريو" ذي التوجه اليساري بتاريخ 12 أبريل 2020، أي في ذروة انتشار جائحة كورونا، حيث تحدث عن أن مالك "إنديتكس" تبرع بـ63 مليون أورو من أجل اقتناء المعدات والآليات الطبية لمواجهة الجائحة، بعد أن سبق له التبرع خلال السنوات الثلاث الماضية بـ 308 ملايين أورو لمستشفيات السرطان.

ولا يرى التقرير هذه التبرعات كـ"أعمال خيرية" وإنما كـ"استثمار" أو "تكتيك تجاري" البضاعة فيه هي تحسين صورة علامته التجارية، وهنا تدخل على الخط أيضا وسائل الإعلام عبر الترويج لتبرعات أورتيغا كما حدث خلال فترة الجائحة، في حين لا تتم الإشارة إلى الأرقام الفلكية التي يوفرها من خلال التهرب الضريبي عبر اللجوء لملاذات ضريبية في هولندا وإيرلندا وسويسرا وعبر تلاعبات داخل إسبانيا، والتي قدرتها دراسة لحزب الخضر بـ585 مليون أورو ما بين 2011 و2014 فقط.

واستنادا إلى كل ذلك ترى مصادر "الصحيفة" أن التعديلات التي طالت مقال "إلباييس" لا تستند بالضرورة إلى ضغط مباشر من مجموعة "إنديتيكس" استنادا إلى الإعلانات التجارية، لكنها تدخل ضمن "منظومة الحماية" التي يجري توفيرها له في إسبانيا، والتي كان من بين مظاهرها إعلاميا منع عرض تحقيق استقصائي على القناة الوطنية الإسبانية طيلة سنتين بسبب تعرضه لظروف العمل داخل المعامل المُنتجة لملابس الشركة الإسبانية في المغرب.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

الزلزال الذي هَزّ الجميع.. إلاّ ضمير الحكومة!

بقدر ما كانت تداعيات زلزال الحوز قاسية من حيث الخسائر البشرية والمادية، بالقدر نفسه كانت مناسبة لتسليط الضوء على العديد من الأعطاب في البلاد التي يجب إصلاحها، اجتماعيا، واقتصاديا، وسياسيا. أظهرت ...