الجزائر تستغل الأزمة مع فرنسا لـ"تصفية حساب" مع شركة "رونو" التي فضلت المغرب في 2012
أفادت تقارير إعلامية فرنسية، أن شركة "رونو" المتخصصة في صناعة السيارات، لازالت لم تحصل على الترخيص من طرف السلطات الجزائرية من أجل إعادة فتح مصنعها في وهران، مشيرة إلى أن السبب يرجع إلى التوترات والأزمات السياسية والدبلوماسية القائمة بين باريس والجزائر.
وأضافت المصادر نفسها، أن مصنع شركة "رونو" الفرنسية الواقع في ضواحي وهران المتخصص في تركيب وإنتاج السيارات، جاهز لاستئناف عمله منذ العام الماضي، إلا أن السلطات الجزائرية هي التي تقف وراء الجمود الذي يعيشه دون وجود مؤشرات عن قرب السماح له باستعادة نشاطه.
ويتوقع أن تستمر الجزائر في رفضها الترخيص لمصنع "رونو" باستئناف أنشطته، ولا سيما أن تقارير سابقة تحدثت عن رغبة الجزائر في إيقاف أنشطة شركة "رونو" وتعويضه الاستثمارات الفرنسية في قطاع السيارات، باستثمارات أخرى من الصين، خاصة في ظل استمرار الأزمة السياسية مع فرنسا.
ويزداد هذا الترجيح قوة، بالعودة إلى ما سبق أن كتبته العديد من التقارير الصحفية الجزائرية، التي انتقدت أن استثمار "رونو" في الجزائر لا يخدم مصالح البلاد الاقتصادية، والمستفيد الأول هو الشركة الفرنسية وليس الجزائر، بخلاف استثمارات "رونو" في المغرب التي ساهمت في إقلاع قطاع السيارات في البلاد.
وكان الوزير الأول السابق في حكومة بوتفليقة، عبد المالك سلال، قد كشف أمام أحد المحاكم الجزائرية التي يُتابع فيها بتهم الفساد، بأن النظام كان يصرف الملايير من عائدات الغاز والنفط لتشويه سمعة المغرب ومحاولة التأثير على مساره التنموي والاقتصادي.
وكشف سلال في نفس المحاكمة أن نظام بوتفليقة أنفق حوالي مليار دولار، بهدف تحطيم مشروع شركة "رونو" التي كانت في ذلك الوقت تخطط للاستثمار في المغرب، في إشارة إلى استثمار مصنع طنجة الذي خلق 6 آلاف فرصة عمل عند انطلاقته في 2012.
وشكل النجاح المغربي في قطاع السيارات، إشارة "سلبية" للجزائر التي تنظر إلى نفسها "كقوة إقليمية"، حيث بدأت مساعي حثيثة للدخول إلى سوق صناعة السيارات والمنافسة فيه، إذ فتحت الباب أمام الشركات الصينية المتخصصة في صناعة السيارات لإنشاء وحدات صناعية تابعة لها في البلاد، على إثر تشريع الجزائر قوانين وإجراءات تُسهل الاستثمار الأجنبي، ومن بين هذه التسهيلات تقديم اعفاءات ضريبية.
ووفق ما ذكرته تقارير إعلامية في العام الضي، فإن 3 شركات صينية تعتزم الاستثمار في الجزائر في مجال صناعة السيارات، ويتعلق الأمر بشركة شيري وجاك وجيلي، حيث أعلن مسؤولو هذه الشركات عن مخططات لإنشاء شركات لصناعة السيارات داخل الجزائر.
ولتفادي تجربتها "غير المقنعة" مع شركة "رونو" الفرنسية التي تسعى للتخلص منها، بعد تفضيلها للمغرب، تشترط الجزائر على الشركات الأجنبية التي تعتزم انشاء صناعة محلية للسيارات في البلاد، أن تحقق الحد الأدنى من الإندماج بنسبة 10 بالمائة بعد انتهاء سنتين، ثم 20 بالمائة بنهاية السنة الثالثة، و30 بالمائة من الاندماج عند مرور 5 سنوات من نشاط الشركة داخل الجزائر.
وعودة إلى الأزمة بين فرنسا والجزائر، فإن سببها يرجع بالأساس، حسب ما أكدته التقارير الفرنسية، إلا رفض الجزائر للخطوة التي أقدمت عليها باريس في يوليوز الماضي، عندما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعم بلاده لسيادة المغرب على الصحراء حيث اعتبر أن "حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان تحت السيادة المغربية".
ومنذ يوليوز الماضي، دخلت الجزائر في تصعيد غير مسبوق مع فرنسا، وهو ما يؤكد أنها الطرف الحقيقي في نزاع الصحراء وليست جبهة "البوليساريو" الانفصالية، وفق ما أكده العديد من المهتمين بملف الصحراء، وبالتالي فإن شركة "رونو" الفرنسية تجد نفسها اليوم ضحية للأزمة القائمة بين البلدين، بسبب الضغوط التي تسعى الجزائر فرضها على فرنسا.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :