الجزائر تواصل رفع ميزانية الدفاع بأرقام ضخمة.. خبراء: هواجس أمنية مقلقة ومحاولات لتدارك تقادم الترسانة العسكرية
أعلنت الجزائر عن تخصيص 25 مليار دولار أمريكي للدفاع ضمن مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2025، مما يشير إلى مواصلة الجزائر رفع الميزانية المخصصة للدفاع والتسليح في السنتين الأخيريتين، حيث ارتفعت ميزانية هذا العام بـ3 ملايير دولار عن ميزانية العام الماضي التي كانت 22 مليار دولار.
وسجلت الميزانية التي خصصتها الجزائر العام الماضي للدفاع، أكبر قفزة في تاريخ البلاد، حيث انتقلت من 12 مليار دولار في 2022 إلى 22 مليار دولار في 2023، وذلك تزامنا مع تزايد التوتر في العلاقات الجزائرية مع المغرب والتحديات الأمنية التي تواجهها في حدودها الجنوبية.
وفي هذا السياق، قال الخبير الأمني والاستراتيجي، محمد الطيار، إن الجزائر رفعت من ميزانية الدفاع والتسلح بشكل قیاسي لسنة 2025 "نتیجة لوضعية المخاطر والتهديدات المتعددة وبسبب تنامي الهواجس الأمنية في الجزائر، خاصة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، واتخاد إجراءات تصعيدية في هذا الإطار، فضلا عن اندلاع حرب بين الجيش المالي مدعوما بمجموعة فاغنر الروسية من جهة، والحركات الأزوادية من جهة أخرى، على الحدود المشتركة بين الجزائرو مالي في منطقة تينزواتن ".
وأضاف الطيار في حديث لـ"الصحيفة" أن هناك أيضا تهديدات أخرى تثير هواجس الجزائر ويتعلق الأمر بـ"توتر العلاقات مع الجنرال الليبي حفتر ، ومع مالي، وأغلب دول منطقة الساحل الافريقي، بحكم حجمها الجغرافي وطول حدودها المشتركة مع دول عددية، وعدم قدرتها على مراقبة هذه الحدود بالشكل المطلوب يجعلها تضاعف من تكاليف المراقبة".
وأشار الطيار إلى نقط أخرى تلعب دورا في دفع الجزائر لتوجيه اهتمامها نحو رفع ميزانية الدفاع، من أبرزها "استمرار نزاع الصحراء المغربية وعزم المغرب على استرجاع المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني، والمطالب الإثنية للطوارق في منطقة الساحل الإفريقي وفي الجنوب الجزائري، ومشاكل الحدود مع ليبيا، ومطالب شعب القبايل بالاستقلال في الشمال، وارتفاع المطالب الاجتماعية، وندرة عدد كبير من المواد الغذائية الأساسية، كل هذه العوامل ترفع من الهواجس الأمنية في مفاصل النظام العسكرى الجزائري وتبرر تضخيم فواتر صفقات التسلح وغيرها من مظاهر الفساد المستشري في قيادة الجيش".
واعتبر الخبير الأمني والاستراتيجي، محمد الطيار، أن الميزانية التي خصصتها الجزائر للدفاع لسنة 2025 "تعد الأعلى من ضمن كل القطاعات، مما سيؤثر سلبيا على وضعية البلد الاقتصادية، وستكون له انعكاسات مباشرة على القطاعات التي تعتبر ضرورية للمواطنین، كقطاع التعلیم والسكن والصحة والقطاع الصناعي والفلاحي، وغیرها من القطاعات الأساسیة للاقتصاد الجزائري".
من جانبه، أشار الخبير السياسي والعسكري، محمد شقير، إلى أن من العوامل التي تُفسر بعض أوجه لجوء الجزائر إلى الرفع من ميزانية الدفاع، هو اعتقاده الدائم -في إطار استعدائه للمغرب – "أنه مهدد من طرف المملكة المغربية، خاصة بعد إبرام اتفاقية أبراهام التي رأى فيها تحالفا بين اسرائيل والمغرب يهدد أمنه القومي، لهذا سارع إلى الرفع من ميزانية الدفاع التي ارتفعت خلال السنتين الاخيرتين بشكل لافت".
وأضاف شقير في حديثه لـ"الصحيفة"، أن من العوامل الأخرى لهذا الرفع في ميزانية الدفاع، هي رغبة النظام الجزائري في "تحديث ترسانته العسكرية التي ظهر له بأنها لا تتماشى مع متطلبات الحروب العصرية التي تتطلب تحديثات للجيش وأيضا التزود بتكنولوجيا عسكرية التي تتطلب تكاليف مالية باهضة. زد على ذلك فربما أن العزلة الدبلوماسية التي أصبح يعاني منها النظام سواء مع أوربا أو مع المغرب أو مالي تدفعه إلى إعادة تحالفاته السياسية من خلال استرضاء القوى الكبرى، من خلال عقد صفقات عسكرية ضخمة تمكنه من ضمان رضى هذه الاطراف".
جدير بالذكر أن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قام في العام الماضي بزيارتين إلى روسيا والصين، وقالت تقارير دولية، إن الزيارتين كانتا أيضا بهدف رغبة الجزائر في توقيع صفقات تسلح جديدة، بعد تخصيصها لـ22 مليار دولار لميزانية الدفاع.
ووفق نفس المصادر، فإن علاقات الجزائر الخارجية، شهدت العديد من التوتر بين العام الماضي وهذه السنة، خاصة مع دول الجوار، وبالتالي يُتوقع أن تعمد إلى توقيع صفقات تسلح جديدة، والرفع من قدراتها العسكرية لزيادة المراقبة والحراسة على حدودها، في ظل التهديدات الكبيرة الموجودة على حدودها الجنوبية، والجنوب الشرقي بالخصوص.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :