الحركة الشعبية يدخل "موسم الامتحانات".. الحزب "الجوكر" يبحث عن موطئ قدم في الانتخابات ويبحث عن خلفية للعنصر
ظل حزب الحركة الشعبية، عقب جميع الانتخابات التشريعية التي جرت في عهد الملك محمد السادس، بما فيها تلك التي تلت دستور 2011، الرقم الثابت في معادلة كل التحالفات الحكومية، إذ حتى حكومة عباس الفاسي التي لم يحُز فيها على أي منصب وزاري سنة 2007 ما فتئ أن التحق بها في تعديل 2009 عندما حصل محمد أوزين على منصب كاتب الدولة في الخارجية ومحند العنصر على منصب وزير دولة بدون حقيبة، والعَنصر تحديدا كان "العُنصر الثابت" خلال كل التجارب السابقة، لكنه لن يظل كذلك بعد معركة 2021 الانتخابية الثلاثية.
ويستعد حزب "السنبلة" لدخول معترك الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية التي ستجرى جميعها يوم 8 شتنبر المقبل، مع متغيرات كثيرة، لعل من أبرزها وصول عدوى الانشقاق إلى صفوفه بعد ما ظن أنه تخلص منها منذ إعادة توحيد الأحزاب الحركية الثلاثة سنة 2006، وذلك بعدما أعلن عز الدين التويمي عضو المكتب السياسي السابق للحزب والكاتب العام لاتحاد النقابات الشعبية، تأسيس حزب جديد مكوَّن أساسا من النقابيين الحركيين ومن أعضاء في المكتب السياسي.
وتأتي خطوة تأسيس هذا الحزب الذي أُطلق عليه اسم "اتحاد الحركات الشعبية"، عقب صراع بين العنصر ومجموعة من القيادات قُبيل الانتخابات، وفي خضم الإعداد للمؤتمر الوطني، ولذلك أعلن مؤسسوه عن العودة لنهج زعيمه التاريخي الراحل المحجوبي أحرضان، غير أن العنصر، الذي يرأس حاليا مجلس جهة فاس – مكناس، أعلن أن المحطة الانتخابية المقبلة ستكون هي الأخيرة له كأمين عام للحزب، كاشفا أنه لن يترشح لهذا المنصب مرة أخرى.
وكان وصول العنصر إلى رئاسة حزب الحركة الشعبية سنة 1986 بعد مؤتمر استثنائي، السببَ الرئيس في رحيل أحرضان عنه بعد إقالته من منصب الأمين العام وتأسيسه سنة 1991 حزب الحركة الوطنية الشعبية قبل أن يندمج مرة أخرى في الحزب الأم رفقة الاتحاد الديمقراطي سنة 2006، وفي الوقت الذي كانت فيه الساحة السياسية تنتظر أن يخلفه على رأس الحركة وزير الداخلية السابق محمد حصاد خلال مؤتمر 2018 جاء "الزلزال الحكومي" الذي "أعدم" هذا الأخير سياسيا، عندما أعفاه الملك من منصبه كوزير للتربية الوطنية على خلفية "حراك الريف".
ويُحسب للعنصر أنه خلال السنوات الماضية نجح في الحفاظ على موقع "الجوكر" لحزبه، فهو ببقائه دائما ضمن الأحزاب الستة الأولى عقب كل انتخابات تشريعية، ظل جزءا ثابتا تقريبا في الائتلافات الحكومية، وهو ما حدث سنة 2011 بعد حصوله على 32 مقعدا في مجلس النواب، حين تحالف مع حزب العدالة والتنمية وشارك في حكومة عبد الإله بن كيران، ثم سنة 2016 بعد حصوله على 27 مقعدا ودخوله في التحالف الذي شكله عزيز أخنوش، والذي أدى إلى بلوكاج انتهى بإعفاء الملك لابن كيران من تشكيل الحكومة، وتكليف سعد الدين العثماني الذي سيضم الحركيين إلى تحالفه.
وحتى في 2019 حين بدأ الإعداد للنسخة الثانية من حكومة العثماني التي طلب الملك أن تكون "حكومةً للكفاءات"، استطاع حزب الحركة الشعبية أن يتفادى العودة للمعارضة مثلما فعل شريكه السابق في الحكومة حزب التقدم والاشتراكية، واستطاع الظفر بحقيبتين فيها، الأول لنزهة بوشارب، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، والثانية لسعيد أمزازي، الذي سيظل وزيرا للتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ثم سيضيف لمهامه الحكومية بعد أشهر، مهمة الناطق الرسمي باسم الحكومة.
ويستعد حزب الحركة الشعبية لدخول امتحانات عسيرة ستكون محطتُها الأولى الانتخابات القادمة، التي تبرز فيها المنافسة على أشدها بين أحزاب "العدالة والتنمية" و"التجمع الوطني للأحرار" و"الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، إذ على الحركيين الحسم في ما إذا كانوا سيختارون التموقع في تحالف مسبق أم الانتظار لحين ظهور النتائج لعلهم يواصلون لعب دور "الجوكر".
وبمجرد ما سينتهون من هذا الامتحان سيكونون مطالبين بتجاوز استحقاق المؤتمر الوطني لاختيار أمين عام جديد، وهي المهمة التي لا تبدو سهلة في ظل عدم بروز اسم قد يقود المرحلة المقبلة، لدرجة أن العنصر نفسه قال إنه لا يملك أي "مرشح مفضل"، ليظهر وسط هذه الضبابية اسم وحيد قد يبدو الأقرب نسبيا لتحمل هذه المهمة، وهو سعيد أمزازي.
وراكم أمزازي بعض "النجومية" المرفوقة بالكثير من "الجدل" خلال الأشهر الماضية، وذلك بعدما وجد نفسه مجبرا على مواجهة عدة تحديات، أبرزها قرار التعليم عن بعد خلال انتشار فيروس كورونا ثم كيفية إجراء امتحانات الباكالوريا في ذروة الجائحة، وصولا إلى تدبيره لملف "الأساتذة المتعاقدين"، وهي كلها محطات جعلت منه "الحركي الأبرز" مؤخرا، بغض النظر عن التقييمات المختلفة لقدرته على تجاوزها.