الحكومة تُمرر مشروع قانون الإضراب في لجنة القطاعات الاجتماعية بعد تنازلات همت "الدوافع السياسية" و"النقابات الأكثر تمثيلية"
تمكن يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، اليوم الأربعاء، من تمرير مشروع قانون الإضراب، المثير للجدل، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية لمجلس النواب، وذلك بعد تقديم العديد من التنازلات وقبول مجموعة من التعديلات التي اقترحتها المعارضة، ما أدى إلى تقليص مواد النص القانوني من 49 إلى 35.
وحصلت الحكومة على موافقة لجنة القطاعات الاجتماعية في الغرفة الأولى بـ 22 صوتا مقابل اعتراض 7 أصوات، وهو الأمر الذي سهلته التعديلات التي جرى إدخالها على مشروع القانون، وأبرزها التراجع عن منع الدعوة للإضراب لأسباب سياسية، بالإضافة إلى التنصيص على العقوبات المانعة للحرية في حالة خرق ضوابط الدعوة إلى الإضراب.
وجرى حذف الفقرة الثانية من المادة الخمسة، التي تنص على أن "كل إضراب لأسباب سياسية يعتبر ممنوعا"، كما طالت التعديلات المواد 39 و40 و41 التي تفتح الباب أمام العقوبات الجنائية المشددة في حق المهالفين لأحكام القانون الجديد، بما في ذلك الدعوة للإضراب بشكل مخالف لنصوصه، بالإضافة إلى المواد التي تحصر حق الدعوة لإضراب في النقابات الأكثر تمثيلية.
وكان النقاش حول تعديلات مشروع القانون، الذي ووجهت نسخته السابقة باعتراضات كبير، قد استمرت بشكل ماراثوني لمدة 18 ساعة، قبل أن تحظى بموافقة نواب أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، الاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية، مقابل معارضة أعضاء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والعدلة والتنمية.
ومباشرة بعد المصادقة على النسخة الجديدة من مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، قال السكوري في تصريح صحفي إنه خضع لإعادة هيكلة شاملة ولتعديلات جوهرية، مبرزا أنه تم تقليص مواد مشروع القانون من 49 مادة الى 35 في هذه المرحلة، ومن المرتقب تقليص هذه المواد أكثر في المراحل المقبلة، مشيرا إلى أنه "تمت معالجة أكثر من 334 تعديلا والإنصات لكل الآراء المعارضة منها والمؤيدة".
وأضاف الوزير "بذلك سيكون مشروع القانون متاحا وفي متناول كل البرلمانيين في انتظار المصادقة عليه بشكل نهائي من قبل مجلسي البرلمان، ليصبح بالتالي في ملكية جميع المغاربة بوصفه نصا يدافع عن حق الإضراب ويحمي حقوق المضربين ويحرص على التوازن، بحيث يحمي العمل وفي نفس الوقت مصالح المواطنات والمواطنين".
وأبرز سكوري أنه في ضوء التعديلات التي إدخالها على هذا النص التنظيمي "يكون هذا القانون قد تقدم بشكل جوهري وأصبح بعيدا كل البعد عن الإجراءات التي وردت فيها ملاحظات الفرقاء الاجتماعيين والمجالس الدستورية وتعديلات فرق المعارضة والأغلبية"، منوها في هذا السياق بـ "العمل الجاد الذي أبانت عنه الفرق وكل النواب بلا استثناء، حيث تم العمل على مدى 18 ساعة متواصلة".
وسجل أن العديد من التعديلات التي طالت مواد مشروع القانون حظيت بالإجماع، "ولاسيما المادة الأولى التي تقوم مقام الديباجة، أو الفئات التي يحق لها ممارسة الحق في الإضراب، وذلك لكي يكون حق الإضراب في متناول شرائح واسعة من المجتمع المغربي على عكس ما كان عليه الأمر في المشروع المودع أصليا".
وأضاف الوزير أنه تم تعديل عدد كبير من المواد المهمة من قبيل سحب منع الإضراب لأسباب سياسية، والإضراب التضامني، والإضراب بالتناوب، فضلا عن تقليص المدد الزمنية للتفاوض ومدد الإخطار بالإضراب، برزا أن "هذا القانون حرص على حماية الحق في العمل من خلال احترام حق العمال غير المضربين، وتعزيز حقوق المضربين، بحيث أصبح ممنوعا على المشغل أن يطرد مضربا أو أن يقوم بإجراء تمييزي ضده".
وحسب السكوري فقد تم "تمكين المهنيين والعمال غير الأجراء والأشخاص الذين يزاولون مهنا خاصة من الحق في الإضراب، وتوسيع الجهات الداعية لممارسة حق الإضراب، إذ لم تعد تقتصر على النقابات الأكثر تمثيلية، بل تم توسيعها لتشمل كل النقابات ذات التمثيلية".
وأشار إلى أنه تم أيضا تيسير شروط "الجمع العام" بحيث أصبح أكثر سهولة، وكذا حذف جميع العقوبات الجنائية المتضمنة في النص الأصلي أو الإحالة عليها، وكذلك حذف العقوبة الحبسية، وإجراء تعديل جوهري يتمثل في حذف مسطرة التسخير، وبالنسبة للفئات الممنوعة من الإضراب، أكد السكوري أنه تم التنصيص على المعايير الدولية ذات الصلة "بحيث قمنا بتنقيح المواد ذات الصلة لتصبح متماشية مع التشريعات الدولية في هذا المجال".