السعيدية.. جوهرة المغرب الزرقاء ومدينة الاصطياف والاستجمام والأسرار المخبوءة

 السعيدية.. جوهرة المغرب الزرقاء ومدينة الاصطياف والاستجمام والأسرار المخبوءة
الصحيفة من وجدة
الأثنين 13 فبراير 2023 - 17:56

هي مدينة الاصطياف والاستجمام عن جدارة، وبمجرد ما يطرق فصل الصيف الأبواب تطلق نداءاتها لعشاقها وزوارها ومكتشفيها أن تعالوْا لتعيشوا أياما لا تنسى هاهنا.

هي مدينة السعيدية، أو جوهرة المغرب الزرقاء، حيث شواطئ الرمال الناعمة الممتدة على مدى 14 كيلومترا، والمياه الفيروزية النقية التي تغري بالسباحة ثم أخذ حمام شمسٍ دافئ ينسيك إرهاق العمل وضغوط الحياة.

المدينة التي لا تكتفي بمنحك فقط فرصة الاستجمام، بل فرصة التجول أيضا في كورنيشها الشهير، بعد نهاية يوم طويل، لتنتعشوا بهواء المساء البارد ورذاذ الأمواج اللطيفة الذي ينعش الروح والجسد معاً، وسط آلاف المصطافين الآخرين الذين جاؤوا للاستجمام وتبادل الأحاديث والمسامرة ليلاً.

في مدينة السعيدية لا مكان للملل أو الضجر، فزرقة البحر تهبُك النشاط نهارا، والكورنيش يمنحك متعة التجوال ليلا، وبين هذا الوقت وذاك، يمكنك قضاء باقي سحابة يومك في زيارة الميناء الترفيهي الذي يضم 850 مرساة، ولم لا القيام بالتعرف على مدارس لتلقين رياضة الزوارق الشراعية والغطس و التزلج على الماء.

وفي وسط اليوم يمكنكم تغيير الوجهة نحو المطاعم المتناثرة على طول الساحل، أو حتى زيارة أحد مراكز العلاج بالحامات أو القيام بالتسوق. ما هو مؤكد أن مدينة السعيدية تقدم لك عروضا متنوعة من الأنشطة والخدمات لقضاء عطلة رائعة يصعب نسيانها.

الوصول والإقامة

تقع السعيدية على ساحل البحر الأبيض المتوسط شمال شرق المملكة المغربية، على بعد 22 كيلومترا من مدينة بركان، و60 كيلومترا عن مدينة وجدة، بعددِ سكانٍ يراوح 9000 نسمة. هي من المدن حديثة التأسيس بالنظر إلى تاريخ الدولة المغربية، حيث يعود تاريخ إنشائها إلى سنة 1548، وفي سنة 1881 شهدت المدينة بناء قلعة ومسجدين في تطور لافت.

خضعت المدينة سنة 1913م للسيطرة الفرنسية، وكانت تابعة للحماية الفرنسية في المغرب، وبعد حصول المغرب على الاستقلال استأثرت المدينة باهتمام السلطات وتوجهت الأنظار إليها مع مرور السنين كوجهة سياحية تستحق كل العناية.

بالنسبة للقادمين إليها من خارج المغرب، فإن مدينة السعيدية محاطة بمطارين هما مطار وجدة ومطار الناظور، واللذين يمكن الوصول إليهما انطلاقا من عدد من المدن الأوروبية المتواجدة في بلدان إسبانيا، فرنسا، بلجيكا، هولندا وألمانيا، وعلى متن خطوط مختلفة الأثمنة، بينها الطيران المنخفض التكلفة. كما أن الطيران الداخلي نحو المدينتين متوفر أيضا عبر مطاريْ طنجة والدار البيضاء.

عدا هذا، فإن الوصول إلى مدينة السعيدية يبقى سهلا، إما بواسطة سيارات الأجرة (من المطارات)، أو عبر الحافلات العمومية القادمة من مدن أخرى.

على مستوى الإقامة، توفر مدينة السعيدية عرضاً سياحيا سخيّا، من خلال خيارات إقامة كثيرة بين فنادق مصنفة، ودور إقامة، وشقق خاصة، بأسعار ملائمة تختلف حسب الرغبة وعدد الأفراد.

من أين أبدأ؟

لأن أول ما يسمُ السعيدية هو شاطئها، فإن أفضل بداية لا يمكن إلا أن تكون من خلال اكتشاف ما استطعت منه، وهو الشاطئ النظيف الذي يمتد على طول 14 كيلومترا ليكون بذلك أطول شاطئ في منطقة شمال أفريقيا، وثالث أطول شاطئٍ في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.

وليست الجولة في هذا الشاطئ عبثية بين رمال وبحر، بل هي تحتفظ لك بالكثير من المفاجآت والشواطئ غير الاعتيادية على غرار الشاطئ الأحمر الذي يعتبر من أبرز الأماكن التي يتعين اكتشافها.

يقع هذا الشاطئ بعد منطقة "راس الما" الشهيرة، في الطريق المؤدية إلى مدينة الناظور، ويمكن الوصول إليه بسهولة عن طريق ركوب القوارب الصغيرة بأثمنة في المتناول، حيث بمجرد ما تقترب منه يبرز لك خليج صغير جميل تحيط به منحدرات صخرية عالية، أكسبت هذه المنطقة وشاطئها شهرة كبيرة.

كما يمكنك التوجه ناحية الجنوب، على بعد مسافة 30 كيلومترا من "راس لما"، حيث توجد بحيرة "مارشيكا"، حيث يمكنك اكتشاف شاطئ سيدي البشير، وهو عبارة عن خليج محاط بمنحدرات عالية، كأنها تشعرك بالحماية، تنتهي برمال ناعمة للغاية.

ولا تخلو هذه الشواطئ الممتدة من مجموعة من الخدمات عالية المستوى، على غرار المدينة المائية "أكوابارك"، فضلا عن العديد من المنشآت الموجهة للأنشطة الرياضية، بما فيها الرياضات الهادئة كملاعب الغولف المكونة من 18 حفرة "بحيرات السعيدية" و"تلال"، إضافة إلى ملاعب التنس ونوادي اللياقة البدنية، وكذا رياضات الإثارة والأدرينالين كالفلايبورد والكاياك والإبحار الشراعي والغوص تحت الماء.

الطبيعة.. عوالم ساحرة

من أجواء الزرقة يمكنك أن تنتقل إلى أجواء الخضرة، لتكتشف مجموعة من الأماكن الطبيعية التي تزخر بها هذه المدينة الساحلية. فهناك، وعلى مساحة 2700 هكتار، تنتظرك محمية ملوية الطبيعية، التي تعد ملاذا بيئيا رائعا لأنواع مختلفة من الطيور تقارب 270 نوعا كالبلشون العظيم، ومالك الحزين الأرجواني، و طيور السنونو البحرية، والفلامنكو وغيرها.

تم تصنيف المحمية بمثابة "موقع بيولوجي وبيئي هام" في سنة 2005، حيث تعتبر وجهة مميزة للغاية لا ينبغي التفريط في زيارتها خلال التواجد بالمنطقة.

ولتستشفّ أكثر عظمة وجمال ما أنت مقبل عليك، لا بأس أن تعرف أن نهر ملوية ينطلق من نقطة توجد بين الأطلس المتوسط والكبير بمنطقة ميدلت، ممتدّا على مسافة تزيد عن 600 كيلومترا عبر ربوع المملكة، قبل أن يصب في البحر الأبيض المتوسط في منطقة راس الما، بالقرب من مدينة السعيدية.

وإن كنت تريد المزج بين الاستكشاف والرياضة، وكنت من هواة مغامرات الاستغوار، فهناك مدار سياحي بالنتظارك يمتد على مسافة ثمانية كيلومترات يمر عبر جبال بني يزناسن، الغنية بمؤهلاتها الطبيعية، وصولا إلى مغارة الجمل التي تعد موقعا متميزا لعشاق هذه الرياضة.

ومستعيناً بمرشدي وساكنة المنطقة، لا تنس أن تمنح نفسك فرصة اكتشاف وادي زكزل ومغارة الجمل ومغارة الحمام والبلدة الخلابة تافوغالت بروعة الطبيعة الأخاذة التي تحيط بها.

قصبة وطعام محلي

بعد هذه الجولات الساحرة، لا بأس أن تستريح باسترجاع بعض من التاريخ الجميل للمدينة، وتتوجه رأساً نحو القصبة التي بناها الحسن الأول سنة 1883 عند مصب وادي كيس، بهدف وضع حدٍ لتوسع الفرنسيين. ويعتبر علال بن منصور البخاري أول قائدٍ استلم قيادة القصبة، وكانت تعرف حينها باسم القصبة السعيدة، قبل أن يطلق عليها لاحقا اسم قصبة عجرود، وسعيدة عجرود.

تحيط بالقصبة أسوار مربعة يبلغ طول كل واحد منا حوالي 100 متر، بعلو حوالي 6 أمتار، حيث تشعر وأنت داخلها أن الزمن قد عاد بك إلى الوراء وأن أصوات الراحلين الذين عبروا من هنا لا زال صداها يتردد بالمكان.

ومن المؤكد أنك بعد هذه الجولات الاستكشافية الكثيرة، ستستجيب لنداء المعدة، وهنا ستكتشف أن مدينة السعيدية، التي تشتهر بوجبات السمك المقلي والسردين المشوي، تشتهر أيضًا بأكلة كاران المعروفة بشكل كبير بين أبناء المنطقة والتي يتم إعدادها عن طريق دهن فطيرة الحمص على الخبز الطازج مع رشه بقليل من الكامون، حيث تقدم على شكل ساندويتش لذيذ وسريع الهضم.

تشتهر السعيدية أيضا بالمعجنات، خصوصا بالكعك المقرمش الذي يجهز على شكل حلقة يتم تحضيرها باليانس والسمسم، ومن الأفضل أن تعود بالكثير منه معك لأنك ستشتاق مذاقه لا محالة.

أما بالنسبة للمنتوجات المحلية، فالمنطقة تزخر بأشجار فاكهة المزاح التي تنتج المنطقة منها ما نسبته 80٪ من الإنتاج الوطني)، كما أنك لن تغفل عن اقتناء بعض الحوامض المتوفرة بكثرة في المنطقة كالبرتقال والكلمانتين، اللذين تشتهر بهما أيضا المدينة الجارة بركان.

السعيدية.. إلى اللقاء

وأنتم تستعدون لمغادرة هذه المدينة الباذخة، في جولة مسائية تحت أشجار الأوكاليبتوس و الميموزا التي  تحيط بالشاطئ، لا بأس أن تبدأو بالاستعداد لتكرار الزيارة، لأن أسرار هذه المدينة أكبر من أن تكتشف في زيارة واحدة.
ومن المؤكد أنكم، وأنتم تغادرون، لن تستعملوا عبارة "وداعا"، بل "إلى اللقاء السعيدية".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...