السياحة المغربية تصطدم بالحائط.. و"فقر فظيع" في استراتيجية الـ "ONMT" والوزارة الوصية
من لندن إلى دبلن ثم إلى مدريد، يسابق المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة، عادل الفقير، الزمن ليعيد ترتيب أوراق السياحة المغربية المبعثرة.
يغير الرجل ربطة عنقه، لكن خطابه ظل واحدا سواء عند لقائه مع مسؤولي "إيزي جيت" للطيران والأسفار أو مع مهنيي جمعية وكالات الأسفار البريطانية ومنظمي الرحلات "ABTA".
نفس الخطاب، نفس الجمل، ونفس الرؤية التي لم تقنع أحدا كما هو حال لقائه مع مسؤولي شركة "ريان إير" الإيرلندية للطيران أو مسؤولي شركة الطيران الوطني الإسبانية "إيبيريا".
يؤكد مصدر من داخل وزارة السياحة أن الرجل يتميز بخطاب أنيق لكنه غير مقنع لشركات الطيران ووكالات الأسفار التي التقاها في عواصم الدول الأوروبية التي زارها، وهو ما بدأت وزير السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني، فاطمة الزهراء عمور تطرح عن نتائج هذه اللقاءات الكثير من الأسئلة التي تعتبرها ملحة، خصوصا وأن التوقعات "المبهرة" التي كانت تنتظرها ووعد بها عادل الفقيري لم تتحقق لحد الآن.
وحسب نفس المصدر، فإن أغلب شركات الطيران أو وكالات الأسفار وعدت بالحفاظ على الحد الأدنى من تسويقها لوجهات المملكة المغربية في ظل عدم وجود خطاب والتزامات واضحة من طرف الحكومة المغربية.
وإن كان عادل الفقير لا يملك الحل السحري لإعادة إحياء الثقة لدى كبريات وكالات الأسفار وشركات الطيران في وجهة المغرب لأنه لا يملك القرار السياسي لذلك، فأوجه القصور التي ينتقده من خلالها المنعشون في القطاع السياحي المغربي يكمل في أن الرجل يسير بدون خطة واضحة لإنقاذ القطاع بعد أن وصلت السياحة المغربية إلى حد "الإفلاس المحقق" حسب أحد المنعشين في مجال الفندقة، الذي أكد لـ "الصحيفة" أن السياحة في المغرب تحتاج على الأقل لأربع سنوات من الجهد والعمل المضني لتعود لما كانت عليه قبل جائحة "كوفيد19".
وفي الوقت الذي يحتاج فيه القطاع إلى خطة تسويقية ناضجة، يعتمد المكتب الوطني المغربي للسياحة على الخط السهلة السطحية التي تعتمد على المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة يائسة لإنعاش السياحة الداخلية، وهي الخطة التي وصفها العديد من الفاعلين في القطاع بـ "الكسولة" التي تعتمد على "وهم وسائل التواصل الاجتماعي" والإغراق في استنزاف الوقت والجهد والأموال العمومية في خطط غير مدروسة وفيها الكثير من البلادة في ضخ دماء حقيقية للسياحة المغربية.
وفي ظل الكثير من التخبط في تدبير القطاع الذي يحتاج للكثير من الإبداع والعمل المدروس لإنقاذه، يبدو أن المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة، عادل الفقير، يبني كل استراتيجيته على خطط تسويقية فيها الكثير من الارتجال، وهو ما اتضح جليا في إطلاق حملات إعلانية تخص "نتلاقاو في بلادنا" و"أجي تمنظر" و"أجي تحرك" و"أجي ترتاح" و"أجي تكتاشف" وكلها شعارات تصلح لحملات تشجيع الرياضة وليس لحملة تسويقية لإنعاش السياحة!
وإضافة لكل هذا، يبدو أن المكتب الوطني للسياحة يفتقد لرؤية العناصر المهمة في انتكاسة السياحة المغربية، بالإضافة إلى الظروف الصحية التي ألمت بالعالم جراء تداعيات جائحة "كوفيد19"، هناك عوامل أخرى لم يستطع المكتب المغربي للسياحة تطوير رؤيته فيها والتي تخص العوامل المصاحبة لتطوير العرض السياحي والبيئة التي تساعد على تسويق المنتوج المغربي داخليا وخارجيا.
من بين هذه العوامل عروض الفندقة المقدمة للسائح والتي تعتبر من بين الأغلى في العالم قياسا بأسواق مهمة ومنافسة، حيث تعتبر أسعار الفنادق المغربية مبالغ فيها قياسا بالخدمات والمنتوج السياحي المقدم.
هذا بالإضافة إلى البيئية الغير الصحية التي تواكب السائح من النقل السياحي إلى البازارات الغير منتظمة إلى حصر العروض السياحية في التنشيط أو "بيع شمس أكادير" للأوروبين دون تنويع مَطلوب لإغناء العرض السياحي المغربي، خصوصا وأن المملكة تتوفر على غنى طبيعي وثقافي وتراثي وتاريخي يمكنه من تنويع عروضه عوض الاقتصار على رؤية واحدة جافة يحاول تسويقها المكتب الوطني للسياحة ووزارة السياحة عن المغرب.
وإن كان الانتقادات تةجه للمكتب الوطني المغربي للسياحة، فهي لا تستثني مسؤولية الوزارة الوصية على القطاع التي استهلكت وقتا طويلا لفهم أن القطاع في مجمله دخل إلى مرحلة "الانتكاسة" التي يصعب الخروج منها على المدى المتوسط.