الغرينتا وروح الفريق.. ماذا تغير داخل المنتخب المغربي مع "الكوتش" حاليلوزيتش؟
عاد التفاؤل إلى الشارع الكروي المغربي، مع تأهل المنتخب الوطني إلى دور ربع نهائي كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، بعد أن كان الانطباع السائد قبل البطولة، يصب في اتجاه مغاير، بالرغم من النتائج الإيجابية التي ظل يحققها "الأسود" طيلة مسار التصفيات، بقيادة الناخب الوطني، البوسني وحيد حاليلوزيتش.
ماذا تغير بين الأمس واليوم؟ هل أحدث "الكوتش" حاليلوزيتش رجة داخل النخبة الوطنية؟..أسئلة تطرح نفسها في ظل المستوى الذي يظهر به المنتخب المغربي منذ انطلاقة "كان 2021" والرسائل الإيجابية التي تنبعث من داخل المجموعة، منذ أن وطأت أقدام اللاعبين العاصمة الكاميرونية ياوندي.
روح المجموعة.. بين الأمس واليوم
يكاد يجمع المتتبعون لشؤون كرة القدم المغربية، أن قائمة ال28 لاعبا التي وجهت لها الدعوة من أجل المشاركة في كأس أمم إفريقيا، تخالف كل التوقعات، حتى أنها حملت معها عدة مفاجئات وخلفت ردود أفعال حول عدم استدعاء بعض النجوم المحترفين، في مقدمتهم حكيم زياش ونصير المزراوي، تواليا، لاعبي تشيلسي الإنجليزي وأياكس أمستردام الهولندي.
وسط هذا "الجو" من الحيرة الممزوجة بعوامل خارجية مرتبطة بجائحة "كورونا"، استعد المنتخب المغربي للمشاركة القارية، فارتأى الناخب الوطني إحاطة المجموعة بالعناية، وسط فقاعة من التركيز واللحمة، رغم الغيابات العديدة والضغوطات المسلطة من قبل الرأي العام، خاصة عبر منصات التواصل الإجتماعي.
أشبه بتركيبة دورة 2004 بتونس، بقيادة بادو الزاكي، والذي تعرف إبانها المغاربة على لاعبين مثل مروان الشماخ وجواد الزايري ويوسف المختاري، الذين شكلوا نواة فريق وطني تنافسي، يعمل بنظام المجموعة في غياب النجومية، مثلما هو حال المجموعة الحالية، حيث أسماء تكاد تتعرف على أجواء الكرة الإفريقية.
راهن حاليلوزيتش على مجموعته، التي قضى فترة طويلة، من أجل تشكيلها، حتى أصبحت التشكيلة معروفة بشكل كبير، منذ فترة التصفيات وحتى أولى المباريات في مرحلة النهائيات، إلا أن الأجمل كان هو الانسجام الذي تمكن المدرب البوسني من تشكيله مع لاعبيه، والذي ظهر جليا في الكاميرون، وسط أجواء البطولة.
بالأمس القريب، كان الحديث عن صراع "المجموعات"، بين محترفي فرنسا وهولندا واللاعبين المحليين، والذي أرخى بظلاله على حياة المجموعة وانعكس سلبا حتى على النتائج، كما كان في نسخة "الكان" الأخيرة بمصر، حين افتقد الفريق الوطني لتلك الروح الانتصارية خلال مباراة دور ثمن النهائي أمام منتخب بنين.
خلال التظاهرة القارية الجارية، تلمس من الصور القادمة من داخل مجموعة "الأسود"، روحا إيجابية بين الأفراد، فلا فرق بين أشرف حكيمي الذي يلعب في باريس سان جرمان الفرنسي وسفيان رحيمي المحترف في فريق العين الإماراتي، على سبيل الذكر ليس الحصر، كما أن اللاعبين الأكثر تجربة دوليا، ينقلون خبرتهم للعناصر الشابة.
سفيان بوفال.. من الظل إلى النجومية!
يعتبر اللاعب المغربي سفيان بوفال من بين نجوم الدورة، على الأقل، إلى غاية مباريات دور ثمن النهائي، حيث قدم لاعب أنجيه الفرنسي عروضا طيبة وتمكن من قيادة المنتخب الوطني لتجاوز دور المجموعات، ليس فقط بفضل نجاعته التهديفية وإنما أيضا بالإضافة التقنية التي قدمها على أرضية الميدان والطاقة الإيجابية التي مررها إلى زملائه، خاصة خلال مواجهة منتخب مالاوي.
بوفال "النسخة الحالية" مغاير بشكل كبير عن اللاعب الذي كان يلعب تحت إمرة الفرنسي هيرفي رونار، حين شارك بديلا بمعية المنتخب الوطني الذي خاض نهائيات كأس أمم إفريقيا 2019 بمصر، كما لم يحظى بفرصته كاملة مع التغيير الذي شمل العارضة التقنية ل"الأسود"، حتى في مشوار تصفيات "الكان" و"المونديال"، بقيادة حاليلوزيتش.
تغييرات جذرية شهدتها مسيرة بوفال الاحترافية، أهلته اليوم ليكون ضمن دعامات الفريق الوطني، بعد أن أبعدته الإصابات عن مستواه المعهود، لينتقل من الدوري الإنجليزي الممتاز رفقة ساوتهامبتون، إلى سيلتا فيغو الإسباني، ثم يستقر به المقام في فرنسا، حيث بدأ يتسعيد شيئا من إبداعات البدايات رفقة ليل.
مع عودته إلى فريقه "الأم" في أكتوبر 2020، أضحى بوفال من بين نجوم "الليغ 1" بأرقام شخصية مميزة (ست أهداف وأربعة تمريرات من أصل 33 مواجهة)، كما يصنف ضمن أفضل المراوغين في الدوري الفرنسي، وهي الميزة التي لاطالما طبعت لعب بوفال، بيد أنها صبت في الجماعية أكثر من الفردية التي كانت عليه في السابق.
في حال التقدم في باقي الأدوار النهائية ل"كان2021"، سترتفع أسهم بوفال مجددا ومعها آمال المغاربة في أن يكون ابن مدينة مكناس ضمن أحد أفضل الأجيال في تاريخ كرة القدم الوطنية.