الكونفيدينثيال: المغرب قوة صاعدة والجزائر فقدت تأثيرها على بلدان إفريقيا
قالت صحيفة "الكونفيدينثيال" الإسبانية في تقرير مصور، أن دور إسبانيا في البحر الأبيض المتوسط، تأثر كثيرا بسبب الصراع القائم بين المغرب والجزائر، حيث يُعتبر الصراع بين البلدين الأخيرين ليس في صالح إسبانيا التي ترتبط بعلاقات مع الجار المغربي، وفي نفس الوقت تعتمد على الغاز الجزائري.
وأبرزت الصحيفة الإسبانية، أن المغرب هو الطرف الذي يبرز قويا بين البلدان الثلاثة، حيث وصفته بأنه "القوة التي تُظهر أنيابها لإسبانيا، والقوة التي تسعى لكي تأخذ بزمام الأمور في منطقة المغرب العربي"، مشيرة إلى أن قضية نزاع الصحراء له امتداد بين المغرب والجزائر وحتى إسبانيا التي كانت تستعمر هذا الجزء من الأراضي المغربية.
واعتبرت الصحيفة، أن الصراع بين المغرب والجزائر، يبدو أنه مُقدر له أن يستمر، مشيرة في سياق استعراض الاختلافات بين البلدين، أن المغرب يُعتبر قوة صاعدة في المنطقة، بالرغم من افتقاره إلى الموارد (في تلميح إلى النفط والغاز اللذان يمتلكهما الجزائر)، إلا أنه يمتلك اقتصادا ديناميكي حيوي، في الوقت الذي فقدت الجزائر الكثير من تأثيرها على بلدان إفريقية.
وما قالته "الكونفيدينثيال" بشأن فقدان الجزائر التأثير الذي كان لديها سابقا على بعض البلدان الإفريقية، تُدركه الجزائر جيدا، حيث أصبحت تسارع الزمن منذ تولي عبد المجيد تبون حكم البلاد خلفا لبوتفليقة، من أجل اللحاق بالتقدم الذي أحرزه المغرب في علاقاته الدولية، وخاصة في علاقاته مع البلدان الإفريقية، حيث نجح الأخير في جر العديد من البلدان إلى صفه في قضايا عديدة، ومن بينها قضية الصحراء، بينما تراجعت الجزائر بشكل كبير خلال فترة بوتفليقة الذي لم يكن نظامه يولي أي اهتمام كبير للقارة السمراء.
وهذا المعطى أشار إليه تقرير أصادر عن المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية الكائن ببرلين والمعروف اختصارا بـ"SWP"، ويحمل عنوان "Maghrebi Rivalries Over Sub-Saharan Africa" أو ما يُمكن ترجمته إلى العربية بـ" التنافس المغاربي على إفريقيا جنوب الصحراء".
ووفق التقرير الألماني، فإن الحضور الجزائري الذي كان بارزا في فترة الهواري بومدين، بدأ في التراجع تدريجيا إلى أن تلاشى بعد دخول الجزائر في عدد من الأزمات، من بينها أزمة "العشرية السوداء" في تسعينيات القرن الماضي، وقد استمر هذا التراجع حتى بعد انتهاء العشرية السوداء، حيث لم يعط نظام بوتفليقة أي اهتمام كبير لإفريقيا، ليُفسح المجال للمغرب الذي بدأ في تغيير سياسته تُجاه القارة الإفريقية، ليطلق مخططات التمدد في القارة عن طريق الديبلوماسية الاقتصادية التي ازدادات قوة وبروزا بعد عودة المغرب للاتحاد الإفريقي في سنة 2017 والزيارات الهامة التي قام بها محمد السادس لعدد من البلدان الإفريقية.
وحسب ذات التقرير، فإن المغرب حقق حضورا قويا في ظرف وجيز، وتمكن من التمدد الاقتصادي في العديد من البلدان الإفريقية، وهو ما أثر حتى على سياسة هذه البلدان التي أصبحت قريبة من توجهات الرباط وداعمة لعدد من القضايا المغربية، من بينها قضية الصحراء التي قررت العديد من البلدان الإفريقية فتح قنصلياتها في الداخلة والعيون، بينما تراجعت بلدان أخرى عن سياستها العدائية تُجاه المغرب، وعلى رأسها نيجيريا.
ويبدو أن الجزائر بعد تولي تبون رئاسة قصر المرادية، استفاقت على هول الفارق الكبير الذي حققه المغرب مقارنة بالجزائر في إفريقيا، لتبدأ حملات واسعة لتقليص هذا الفارق، ومن بين القرارات التي دعمها النظام الجديد لكسب ود الأفارقة، هي سياسية "إعفاء الديون" لصالح العديد من البلدان الإفريقية، وفق ما جاء في التقرير الألماني.
غير أن هذه السياسة، حسب ذات التقرير دائما، أخفقت ولم تستطع الجزائر أن تجني من ورائها أي مكاسب كبيرة أمام الرباط التي تمكنت من تشعيب حضورها ووزنها داخل البلدان الإفريقية، وهو ما يدفع الجزائر اليوم إلى البحث عن سبل جديدة لكبح توسع وتمدد المغرب في القارة السمراء.