"المادة 9".. أو عندما يُعاكس العثماني التوجيهات الملكية في قضايا نزع الملكية

 "المادة 9".. أو عندما يُعاكس العثماني التوجيهات الملكية في قضايا نزع الملكية
الصحيفة - هشام الطرشي
الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 15:00

لم تجد حكومة سعد الدين العثماني أية غضاضةٍ في إقرارها العملي بمخالفة التوجيهات الملكية فيما يتعلق بقضايا نزع الملكية وتنامي شكاوى المواطنين من عدم تعويضهم من طرف الدولة بعد صدور أحكام قضائية نهائية.

الحكومة وهي تُقحم، من جديد، في مشروع قانون المالية رقم 70.19 لسنة 2020 "المادة 9" التي جاء في فقرتها الثالثة: "يتعين على الآمرين بالصرف إدراج الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الأحكام القضائية في حدود الإمكانات المتاحة بميزانياتهم، وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة"، تؤكد رغبتها في أن لا يتمكن المواطن الحائز على حكم قضائي نهائي ضد إحدى مؤسسات الدولة وزارة كانت أو جماعة محلية، من الحصول على التعويض الذي حكمت به المحكمة داخل الآجال القانونية. 

ذات المادة تتحدث عن أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز لهذه الغاية"، وهو ما يعاكس مضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، حيث تحدث العاهل المغربي بلغة واضحة ولهجة حاسمة على أن "العديد من المواطنين يشتكون من قضايا نزع الملكية، لأن الدولة لم تقم بتعويضهم عن أملاكهم، أو لتأخير عملية التعويض لسنوات طويلة تضر بمصالحهم، أو لأن مبلغ التعويض أقل من ثمن البيع المعمول به، وغيرها من الأسباب"، مؤكدا على أن "نزع الملكية يجب أن يتم لضرورة المصلحة العامة القصوى، وأن يتم التعويض طبقا للأسعار المعمول بها، في نفس تاريخ القيام بهذه العملية مع تبسيط مساطر الحصول عليه".

تساؤل العاهل المغربي بالقول إنه "من غير المفهوم أن تسلب الإدارة للمواطن حقوقه، وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها. وكيف لمسؤول أن يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضائي نهائي؟"، يضع رغبة الحكومة في منع المواطنين من تنفيذ الأحكام ضد الدولة أمام سؤال مدى استيعابها لمضامين الخطب والرسائل الملكية، مما يشكك في صدقية حرصها على مسايرة التوجيهات الملكية.

الرؤساء السابقون لجمعية هيئات المحامين بالمغرب والنقباء وهم يعلنون، في رسالة مفتوحة لكل المحاميات والمحامين، رفضهم للمادة التاسعة، طالبوا هيئات المحامين بعدم السكوت "لأن تنفيذ الأحكام ضد الدولة ليس منحة بل هو واجب مفروض عليها وعلى كل محكوم عليه على السواء كما حددته قواعد المسطرة المدنية و كما فرضته المادة 126 من دستور المغرب".

داعين المحامين في ذات الرسالة إلى "القيام بواجبهم والوقوف من أجل الدفاع عن القرارات والأحكام القضائية الصادرة بالأساس ضد الدولة والدود عن مصداقيتها وعن قيمتها وفرض تنفيذها ومنع التلاعب بها أو التحايل على تنفيذها ضدا على الوقار والاحترام الواجب لها وضدا على القيمة الدستورية للأحكام النهائية الواجبة التنفيذ". معتبرين أن المادة التاسعة من مشروع قانون مالية سنة 2020 من أخطر المقتضيات التي ستغتصب مصداقية القضاء ومصداقية أحكامه ضد الدولة وستقوض أحد المقومات الأساسية لدولة القانون.

إسرائيل.. الاستثمار المُربح للغرب!

سنة 1986 وقف جو بايدن الذي كان عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي، عن الحزب الديمقراطي، ليلقي عرضا مطولا أمام قاعة مليئة بالسياسيين وصناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، حول دور ...