المحكمة الأوروبية تصدر غدا الجمعة حكمها في "شرعية" أو بطلان اتفاقية الصيد البحري بين بروكسيل والرباط.. ومصادر حكومية لـ "الصحيفة": "نتوقعه قرارا إيجابيا"
تتجه الأنظار غدا الجمعة إلى أروقة السياسة والاقتصاد الأوروبي والمغربي على حد سواء، حيث ستصدر محكمة العدل الأوروبية حكمها الحاسم بشأن الطعن الذي تقدم به مجلس الاتحاد الأوروبي ضد قرار المحكمة الأوروبية القاضي ببطلان اتفاقية الصيد البحري بين التكتل الإقليمي والمملكة المغربية، الصادر في شتنبر 2021، على خلفية شمولها مياه الصحراء، ما يضع الشراكة بين شركاء المتوسط على مفترق الطرق، فيما يسود التفاؤل والإيجابية بشأن القرار الذي ستصدره محكمة العدل الأوروبية وفق ما أكدته مصادر "الصحيفة".
وحددت المحكمة الأوروبية الجمعة 4 أكتوبر الجاري، موعدا للإفراج عن حكمها بشأن الطعن المقدم حول اتفاقية الصيد البحري، إلى جانب اتفاقية الأفضليات التعريفية التي شملت الأقاليم الجنوبية للمملكة بما فيها مطالبة نقابة المزارعين الفرنسيين بوقف استيراد المنتجات الفلاحية من الأقاليم الجنوبية للمملكة، ما فجّر في وقت سابق جدلا واسعا شمل الأوساط السياسية والقانونية من الجانبين، باتت جميعها تنتظر نتائج الحكم الحاسم الذي لا يُعد مسألة قانونية فحسب، بل يُشكل منعطفا مفصليا في مستقبل التعاون الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، خصوصا في مجالي الصيد البحري والتجارة، وهي القضية التي يُمكن اعتبارها محركًا جوهريًا لعلاقات تجارية حساسة قد ترسم ملامح شراكات جديدة أو تُلقي بظلال من الغموض على المصالح المتبادلة.
وحسب ما أكدته مصادر حكومية مغربية لـ "الصحيفة"، فإن المملكة أخذت علما سلفا بتحديد المحكمة الأوروبية موعد الإعلان الرسمي عن حكمها بشأن الطعن المقدم حول اتفاقية الصيد البحري، لكن أيضا بالنسبة لمجموعة من اتفاقيات التي تخص الأفضليات التعريفية التي شملت الأقاليم الجنوبية للمملكة، وتتوقعه "إيجابيا" استنادا إلى الشرعية القانونية والأعراف الدبلوماسية المعمول بها أمميا، مشدّدة على أن الجميع بات يعلم ويُدرك ومتيقّن من شرعية الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بما فيها المؤسسات التابعة لهذا التكتل الإقليمي.
ووفق ما أسرّته المصادر ذاتها لـ "الصحيفة"، فإن الملفات التي ستحسم فيها المحكمة الأوروبية غدا الجمعة هي ثلاثة، اثنين منها متعلّقة بالطعن المقدم من طرف مجلس ومفوضية الاتحاد الأوروبي في دجنبر 2021 ضد قرار محكمة الاتحاد الأوروبي في شتنبر 2021 والذي كان قد قضى بإلغاء الاتفاقيتين الرئيسيتين الموقعتين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب (الاتفاق حول المنتجات الزراعية من جهة واتفاق الصيد البحري من جهة أخرى، واللتين تشملان الأقاليم الجنوبية للمملكة من منطلق ما اعترته خرق لقرارات محكمة العدل الأوروبية وخاصة قرار 2016 و 2018، ثم القرار الثالث مرتبط بالشكوى التي سبق وتقدمت بها نقابة المزارعين الفرنسيين ضد شركات فرنسية تستورد المنتجات الفلاحية القادمة من الصحراء المغربية صوب السوق الأوروبية.
وترى المصادر ذاتها، أن الاتحاد الأوروبي متمسّك بتأمين شراكته الحيوية مع المملكة وأن الأقاليم الجنوبية للمملكة هي في قلب كل الاتفاقيات مع الشريك الإقليمي، كما أن دول الاتحاد ومؤسساته على عاتقها مسؤولية مهمة وكبيرة لاحترام الشرعية القانونية والدبلوماسية بما يحفظ هذه العلاقة من محاولات الاستفزاز والمناورات السياسية غير المُجدية التي قد تعكر صفو التعاون التاريخي بين الجانبين، والروابط الاقتصادية والتجارية القوية للتكتل الإقليمي مع المغرب من أقصى شماله وإلى حدود أعمق نقطة في الأقاليم الجنوبية للمملكة التي تُشكل عنصراً أساسياً في هذا التعاون المتبادل.
ولاشك أن اتفاقية الصيد البحري اليوم تمثل الاختبار الأكبر للاتحاد، إذ أن التوصل إلى قرار يتماشى وحدة المغرب الترابية على أقاليمه الجنوبية لا يضمن فقط حماية المصالح المشتركة، بل يعزز الاستمرارية للشراكات الإستراتيجية التي تخدم مصلحة الطرفين في المستقبل، والتي تعزّزت بشكل أكبر على مدار السنوات الأخيرة.
أما بالنسبة لـ "البوليساريو" فمن جانبها، تخوض بمعية حاضنتها الجزائر حربا ضروسا في الكواليس للحيلولة دون صدور قرار حاسم يعزز موقف المغرب ويتماهى ومصالحه، سيّما وأنها تراهن كثيرا على احتمالية تأكيد المحكمة الأوروبية لقراراتها السابقة لخلق انتصارات "وهمية وصغيرة" جديدة تعتبرها ردا على الاعترافات المتصاعدة لدول الأوروبية في مقدمتها فرنسا وإسبانيا بدعم مبادرة الحكم الذاتي، باعتباره الأساس الأكثر "منطقية وواقعية" لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء.
وتزعم الجبهة الانفصالية، أنها الممثل الشرعي لساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة، وتملك الشخصية القانونية الدولية للتقاضي باسمهم أمام المحاكم الأوروبية، ما دفعها إلى سلك مسار رفض ما تعتبره "استغلال" المغرب لثروات الاقليم المحسوب على الأقاليم الـ 12 للمملكة، والذي توّج بقرار شتنبر 2021 محل الطعن الحالي، فيما اعتبرت الأمر مكسبا لها في انتظار قرار محكمة العدل الأوروبية غدا الجمعة، الذي من المرتقب أن يحسم بشكل واضح ونهائي في مسألة الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة والتي تشمل الأقاليم الجنوبية، سواء تعلق الأمر بالاتفاقيات المتعلقة بالصيد أو بالفلاحة والزراعة.
وكان مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية، قد استئنفا الحكم الأولي، واصفين القرار بأنه "سابقة قانونية خطيرة" معتبرين ان الجبهة الانفصالية لا تتمتع بالأهلية القانونية اللازمة لتمثيل "الشعب الصحراوي"، مما يجعل الحكم السابق غير متوافق مع المعايير القانونية والدبلوماسية المعمول بها.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :