المعارك الخاسرة للجزائر

 المعارك الخاسرة للجزائر
الصحيفة - افتتاحية
الثلاثاء 29 غشت 2023 - 2:02

منذ أن استقلت الجزائر عن فرنسا باستفتاء شعبي، وافق الرئيس الفرنسي السابق، شارل ديغول على إجرائه سنة 1962 وفقا لاتفاقية "إيفيان"، وما تلاه من انقلاب على أحمد بن بلة كأول رئيس مدني، من طرف محمد إبراهيم بوخروبة الملقب بـ"هواري بومدين"، والبلاد تسير بطريقة "ايديولوجية عقيمة"، جعلتها تخسر كل معاركها السياسية والاقتصادية والعسكرية، مع ضياع سنوات طويلة من التنمية في خيارات "انفعالية" مُدمرة للمستقبل.

بَنَت الجزائر كل مستقبلها على العداء المملكة. ميزانيتها السنوية تُفصّل والمغرب مَوجود في كل القطاعات. من مزيانية الجيش إلى ميزانية الخارجية إلى ميزانية الاستخبارات ثم ميزانية "الصناديق السوداء" التي تصرف على جبهة البوليساريو الانفصالية، وميزانيات أخرى تصرف فقط من أجل منافسة المغرب في مجالات كثيرة أو محاولة عرقلته كما أكد ذلك الوزير الأول الجزائري السابق، عبد المالك سلال، أثناء محاكمته سنة 2020 حينما اعترف أن الهدف من الاستثمارات التي جرى إطلاقها سنة 2014 في مجال صناعة السيارات، والتي كلفت خزينة الدولة 34 مليار دينار جزائري قبل أن تنتهي بالفشل، كان الهدف منها تدمير صناعة السيارات في المغرب!

وخلال خمسين الماضية، رفعت الجزائر من عدائها للمغرب، وخاضت ضده العديد من المعارك الخاسرة، أو عملت على الدخول في العديد "المعارك الوهمية" لإزعاجه أو إضعافه بوهم مفرط تبين في الأخير أن النظام العسكري الحاكم خارج سياق تطور بنية السياسة الدولية.

حديث أعلى سلطة في البلاد (ولو نظريا) عن الانضمام إلى مجموعة بريكس، وطوافه على العديد من الدول للحصول على تصويتها من أجل الانضمام لهذه المجموعة الاقتصادية، وتصريحات الرئيس عبد العزيز تبون في العديد من اللقاءات التلفزيونية وخلال زياته المتعدد إلى الخارج حول أن الجزائر "قوة اقتصادية" ضرورة لدول البركيس، كلها بيّنت إلى أي حد يعيش النظام العسكري الحاكم في الجزائر في "وهم مفرط" بعد أن رفضت المجموعة طلب الجزائر وقبلت ست دول أخرى من بينها مصر وإثيوبيا إفريقيا، بالرغم من ضخ الجزائر بـ"فلسفة الرشوة" مليار ونصف المليار دولار في بنك بريكس لعل هذا المبلغ يشفع لها في القبول دون جدوى.

أكثر من ذلك، صرّح وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف الذي تعد بلادها حليفا استراتيجيا للجزائر أن "الاعتبارات الأهم لقبول عضوية دولة من الدول المرشحة، كانت هيبتها ووزنها (السياسي)، وبطبيعة الحال موقفها على الساحة الدولية". والأكيد أن المجموعة التي تضم روسيا وجنوب إفريقيا والصين والبرازيل والهند لم تجد في الجزائر "القوة الضاربة" من أجل قبولها في هذا التحالف الاقتصادي على خلاف من يصرح به شنقريحة وتبون كل يوم للقنوات المحلية ويوهم الجزائريين بذلك.

وإن كانت الجزائر قد خسرت بكثير من الخيبة الانضمام إلى بريكس، فقد خسرت، أيضا، السباق لتنظيم كأس إفريقيا للأمم لسنة 2025 أمام المغرب، بالرغم من توظيفها لكل مواردها المالية والسياسية من أجل الفوز بهذا البطولة القارية التي كانت تطمح من خلالها لإبراز تفوقها على المغرب، وليس الهدف هو تنظيم تظاهرة وفق رؤية استراتيجية لتطوير بنياتها التحتية وإشعاع البلاد والاستئناس بتنظيم تظاهرات دولية للمستقبل.

في نفس السياق، خسرت الجزائر معركة دخول رئيس اتحادها لكرة القدم جهيد زفيزف، لعضوية المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بعد أن كان الهدف من هذا الترشيح هو تغيير قوانين "الكاف" لقبلول جبهة البوليساريو الانفصالية ضمن الاتحاد القاري للعبة، ولم يكن الهدف هو المساهمة في تطوير كرة القدم الإفريقية أو البحث عن تأهيل الكرة الجزائرية والدفاع عن مصالحها الوطنية.

وإن أضيفت لهذه المعارك، معركتها الخاسرة مع إسبانيا التي خاضتها للتأثير على مدريد في قضية الصحراء، وقبلها، معركة تحويل معبر الكركرات إلى نقطة ازعاج للمملكة، وقبل ذلك، معركة الرمال لسنة 1963 التي تحولت إلى عقد أبدية، وتراكم المعارك الخاسرة طوال الخمسين سنة الأخيرة، حينها يمكن أن يطرح السؤال: أليس هناك من عاقل في الجزائر يقول لنظام العسكر كفى؟!

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

أيها العرب.. عاد إليكم ترامب، فما أنتم فاعلون؟!

عاد ترامب إلى البيت الأبيض، ومع عودته عاد حكام الدول العربية ربط أحزمتهم، لكن هذه المرة بشكل أشد. فالرجل الذي يعشق "الفوضى"، يَأمر ولا يتفاوض، يُقرر ولا يُناقش، يُحدد مصير ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...