الملك يعلنُ فشلَ أخنوش
حينما كان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، يتلو بلاغا للديوان الملكي، لدعوة المغاربة إلى عدم القيام بشعيرة النحر في عيد الأضحى خلال السنة الهجرية الجارية، نظرا للظروف الصعبة التي ستلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء الشعب، لاسيما ذوي الدخل المحدود، وكذا، بسبب تسجيل تراجعٍ كبير في أعداد الماشية، كان ضمنيًا يُعلن عن فشل عزيز أخنوش كمسؤول تولى وزارة الفلاحة والصيد البحري خلال 14 سنة ما بين 2007 و2021، وصرف 14 مليار دولار على "مُخططٍ أخضر" كان بمثابة نكسة مُؤلمة، وضياعٍ مُهول لموارد الدولة المالية، واستنزافٍ لعقد ونصف في تجربة فاشلة، أفشلها من دبّر مواردها.
قرار الملك هو أيضًا رسالة واضحة عن الحصيلة الصفرية لأخنوش في رئاسة الحكومة الحالية التي تسببت في احتقان اجتماعي غير مسبوق، وارتفاعٍ مخيف لأرقام البطالة، وانكماشٍ للاستثمار الخارجي وخنقٍ للسلة الغذائية للمواطن المغربي، وتدمير كلي للطبقة المتوسطة، وسحقٍ للفئات الهشة بدون رحمة.
ما وصلنا إليه اليوم، كان نتيجة أرقام مغلوطة كانت تقدم للمغاربة حول "المخطط الأخضر"، تتحدث بشكل مُضلل عن الرخاء والنماء ومعدلات نمو في قطاعٍ فلاحي قيل إنه سيُمكن المغرب من ضمان أمنِ غذاء مواطنيه، غير أن امتحان سنوات الجفاف أثبت أن كل تلك المعطيات التي تم تسويقها حول هذا "المخطط الفريد" ما هي إلاّ كومة من البلاغات والتصريحات والأرقام و"البروباغاندا" البعيدة عن الواقع، التي سُوقت للمغاربة وللملك بدون مسؤولية.
السنوات الماضية التي عاكستنا فيها الأمطار، كانت كافية لفتح صندوق "باندورا" كما في الميثولوجيا الإغريقية، حيث خرج كل الشر دفعةً واحدة، ومن بين الأمور التي خرجت 14 مليار دولار التي ذهبت ولم تعد، بعدما صُرفت ببشاعة كبيرة، واستفاد منها كبارُ الفلاحين ممن يبيعون يوميا طعام المغاربة المدعم للأوروبيين بأثمنة زهيدة، ليأكلوا هم ويجوع المغربي، في نوع من التغول والجشع غير المسؤول، دون أن تتدخل الحكومة لضبط مستوى التصدير الذي يهدد بوضوح الأمن الغذائي للمواطنين.
وإن كان أخنوش قاد الفشل بشكل مروع في تدبير "المخطط الأخضر" فمعهُ فريق من المسؤولين ممن لا يملكون أي حس للمسؤولية، كما هو حال وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات السابق، محمد صديقي، الذي تم إعفاؤه في التعديل الحكومي الأخير، والذي احتفل بتاريخ 19 فبراير الماضي بتكريمه بوسام الاستحقاق الزراعي برتبة قائد من قبل آني جينيفارد، وزيرة الفلاحة والسيادة الغذائية والغابات للجمهورية الفرنسية، بمقر الوزارة في باريس.
صديقي احتفى بنيله هذا الوسام الفرنسي الذي يعد من أعلى وأقدم الأوسمة التي تمنحها الجمهورية الفرنسية لمكافأة الخدمات "المتميزة والاستثنائية" المقدمة للفلاحة، والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا قدم صديقي للفلاحة المغربية حتى ينال آعلى وسام فرنسي للكفاءة في الخدمات الاستثنائية؟.
ولمن لا يعرف صديقي، فالرجل تم تعيينه كاتبا عاما لوزارة الفلاحة والصيد البحري منذ سنة 2013 إلى سنة 2021 حيث عُيّن وزيرا الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات خلفًا لعزيز أخنوش الذي تولى رئاسة الحكومة المغربية.
بمعنى آخر أن الرجل كان هو ثاني مسؤول في وزارة الفلاحة التي صرفت ملايير الدولارات على برامج وقطاعات أفضت إلى نتيجة كارثية على مستقبل الآمن الغذائي للمغاربة، فقطيعُ الأغنام أُنهك نصفه دون تعويض وبات أقرب إلى "الانقراض"، وبعدَ عقد ونصف من المخططات والبرامج والدعم الباذخ لكبار الفلاحين، كانت النتيجة أن أصبحت المملكة تستورد اللحوم المجمدة، وتستورد الحليب ومشتقاته، وتستورد الماشية، والمواطنون غير قادرين على شراء الخضار والفاكهة والأسماك وتأمين قفتهم الغذائية، وحتى البيض الذي يعد أكلة الفقراء، تضاعف ثمنه مرتين، دون أن ننسى معاناتهم العام الماضي لشراء أضحية العيد بعدما صارت أغلى من الذهب، ومع كل هذا قدَّمت فرنسا للرجل أعلى وسام لديها مكافأة على خدماته الاستثنائية!.
الخلاصة التي يمكن استخلاصها، أن الفشل في تدبير القطاعات الحكومية أصبح مُدِرًا للدخل، ومرشدا للثروة، كما يمكن ترويضه ليصبح نجاحا ينال عنه أصحابه الأوسمة من دول أجنبية!.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :