الوليدية.. لوحة رسمتها الطبيعة وجمّلها مد البحر ومذاق المحّار

 الوليدية.. لوحة رسمتها الطبيعة وجمّلها مد البحر ومذاق المحّار
الصحيفة من الوليدية
السبت 30 نونبر 2024 - 16:03

تمنح لزائرها مزيجاً عجيبا من الاستمتاع برمال شواطئها الناعمة ومياهها الرقراقة، وكذا بالمناظر الطبيعية التي تمنحها بحيرتها، بينما ينضاف لكل هذا المذاق المميز للمحار الذي تتميز به المنطقة.

هي الملاذ الأفضل دون شك لمن يبحث عن لحظات من العزلة والهدوء وصفاء الذهن، بما تمنحه من أصوات الطبيعة ومناظرها الخلاّبة.

إنها قرية الوليدية الساحلية التابعة لإقليم سيدي بنور، والتي تتواجد في حوض أرضي وتحيط بها جزر صغيرة تحميها من الرياح.

توفر مدينة الوليدية العديد من الخيارات للإقامة على جنبات بحريتها الشهيرة

تعتبر الوليدية من أفضل الشواطئ المطلّة على المحيط الأطلسي من الجهة الشمالية، وتتواجد بين مدينة آسفي ومدينة الجديدة، بينما تبعد عن مدينة الدار البيضاء مئة وثمانية وخمسين كيلومتراً، وعن مراكش مئتين واثني عشر كيلومتراً.

سميت الوليدية بهذا الاسم نسبة إلى السلطان الوليد من سلالة السعديين، وتضم آثاراً تاريخية تعود إلى الفترة التي عرفت أوج تطورها بين القرنين 16 و17.

عهد السلطان الوليد إلى الهولنديين في سنة 1634 بناء القصبة من أجل مراقبة وحراسة السواحل، التي كانت خاضعة للاحتلال البرتغالي، ثم من أجل الدفاع عن الدخول إلى الميناء والوصول إليه في أمان.

يمكنك أن تصل إلى مدينة الوليدية عبر الطريق، انطلاقا من الجديدة أو آسفي، عبر الحافلة (بأسعار في حدود 30 درهم)، أو سيارات الأجرة الكبيرة، وفي حالة اختيار الأخيرة، فمن الأفضل ألا تضيع فرصة المشاهد التي تمنحها الطريق الساحلية هنا، وتأمل المناظر الطبيعية وزرقة البحر، واللتان سترافقانك طيلة الرحلة.

بالنسبة للإقامة، فإن السعة الفندقية للوليدية تصل إلى 216 سريرا، دون الحديث عن الشقق والفيلات المخصصة للكراء من طرف أصحابها، والتي تبقى أسعارها في حدود المعقول طيلة السنة.

تمتد بحيرة الوليدية على مسافة تصل 12 كيلومترا، وقد تم تصنيفها موقعا محميا منذ سنة 1978، حيث تجذب الآلاف من الطيور التي تضفي عليه منظرا رائعا ومشهدا جميلا.

حاول أن تلتقط أنفاسك وأنت تستمتع بهذا المشهد الطبيعي المبهر، وأنت تجلس على ضفاف الأنهار والبحيرات المالحة بجانب سيدي موسى التي يتخذها البط واللقالق موطنا للاستقرار خلال فصل الشتاء.

منظر عام لبحيرة الوليدية

قد لا يكون في الوليدية مراكز فنون أو متاحف، لكن الطبيعة هنا تمنحك أجمل اللوحات وأكثر، ولك في لوحات الباليه التي تعرض هاهنا من طرف طيور النحام وردية اللون خيرَ مثال.

أما عندما ينخفض مد البحر ويستقر عمق البحيرة بين متران إلى 5 أمتار، فالمشهد يزداد جمالا بظهور جُزيرات العشب الأخضر، وإن كنت محظوظا قد تشهدُ لحظة ظهور قطيع الأبقار التي تدخل سباحةً إلى عرض البحيرة متجهة إلى تلك الجزيرات لتناول العشب، ثم تغادرها قبل أن تطادرها الأمواج التي تطفو على السطح بعد بضع ساعات قليلة.

لعبة المد والجزر هيَ، والتي تمثل ريشة فنان تشكيلي هنا تتلاعب بالمكان وترسم أروعَ اللوحات، وتهبُ النفوس لحظات من الهدوء والتقاط الأنفاس.

كَونُ الوليدية قرية هادئة لا يعني أبدأ أنها ستحرمك من لحظات من الأدرينالين والإثارة، فبحيرتها نفسها تدعوك للسباحة وخوض غمار مياهها الصافية، بينما أمواج الأطلسي تدعوك إلى خوض تجربة ركوب الأمواج، والاستمتاع برغوة المياه والأمواج المتلاطمة.

يكفي أن تعلم أن الوليدية هي أول مدينة مغربية استقبلت مدرسةً لتعليم ركوب الأمواج، وذلك سنة 1991 من طرف بطل هذه الرياضة السابق لورنت ميرامون، المغربي المولود في الدار البيضاء.

تتميز مدينة الواليدية بشواطئ تمنح عشاق ركوب الأمواج امكانية ممارسة رياضتهم المفضلة

أما ركوب الخيول بالمساحات البرية الواسعة المتوفرة بالمنطقة أو الشواطئ الكبيرة المهجورة، فمتعة ستجعلك تسترجع تاريخَ حضارات مرت من هنا، وتستحضر أرواح الأجداد الذين كانت الخيول هي وسيلة نقلهم الوحيدة.

ولأن الإثارة لا تكمن فقط في المغامرة، فإن الاستمتاع بالتجول في المدينة القديمة بالوليدية والتوجه نحو القصبة، التي تعتبر أسوارها والمدافع البرتغالية بها شاهدة على فتوحات سابقة، يبقى أيضاً واحداً من المتع المثيرة التي تمنحها لمدينة لزائرها.

ويعد القصر القديم للملك الراحل محمد الخامس مكانا رائعا للاستكشاف سواء بمشهده الخارجي كما يبدو من ضفاف البحيرة، أو بزيارة أحد أحواض تربية المحار داخله.

وسيظل هذا المكان عموما شاهدا تاريخياً على الحقبة التي استقبلت فيها الوليدية الملك محمد الخامس في قصره الذي كان يزوره في فصل الصيف.

يرتبط اسم الوليدية بالمحّأر بشكل كبير، بعد أن وصل صيت هذا الأخير إلى العالمية، من خلال إنتاج المدينة لحوالي 37 طنا سنويا وتوفرها على 7 أحواض خاصة بتربية المحار في بحيرتها.

إذن، إن كنت ترغب في تذوق طبق من المنتجات البحرية، فلا تطل التفكير كثيرا، لأنك ببساطة في عاصمة المحار، وفي المكان الأفضل على الإطلاق الذي يمكنك من تجربة تذوق الأطباق المختلفة له.

ففي المريسة، أو ما يعرف بالميناء الصغير، تتواجد أكواخ صغيرة مخططة بالأزرق والأبيض تقدم أطباق المحار وبلح البحر بمختلف البهارات، مطبوخة أو نيئة، مع مراعاة كافة ميزانيات الزوار، حيث يمكنك تذوق القطعة الواحدة بـ6 دراهم فقط.

تذوق المحار من التقاليد التي ينصح بالسائح أن يحرص عليها عند زيارته لمدينة الوليدية

إضافة إلى المحار، فإن الوليدية تشتهر أيضا بتقديم سرطان البحر، وعنكبوت البحر، كما أن الصيف يتميز خصوصا بانتشار أكواخ القش التي يقدم أصحابها أطباق سمك مشوي من البوري الأحمر والدنيس والسارس وغيرها من أنواع الأسماك التي تخرج طرية في حينها بقرية الصيادين.

ولا يتعلق الأمر هنا بالاستمتاع بالأكل فقط، بل بكل ما يحيط بالمكان من مياه وطبيعة وجمال لا يوصف ولا ينسى.

أما إن كنت من عشاق التسوق، ولا يطيب لك المقام إلا بعد اكتشاف المنتجات المحلية، فإن زيارة السوق الأسبوعي الذي يضجّ بالمزارعين ومنتجاتهم يعد فرصة حقيقية لاكتشاف الثقافة المحلية وما تنتجه من أطعمة وملابس وإكسسوارات.

النظام الجزائري.. أسير الشيخوخة وإرث الماضي وأحقاده

حين بث التلفزيون الرسمي الجزائري مشاهد استقبال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لنظيره الرواندي بول كغامي، يوم 3 يونيو 2025، كان في حقيقة الأمر، ودون أن يدري، يضع الرَّجُلين في ...