انتخابات تونس.. صمت انتخابي تحت ظلال التعديل المثير للجدل واعتقالات الخصوم.. وخبير تونسي لـ "الصحيفة": سعيّد يستبيح كل الأسلحة للظفر بولاية ثانية

 انتخابات تونس.. صمت انتخابي تحت ظلال التعديل المثير للجدل واعتقالات الخصوم.. وخبير تونسي لـ "الصحيفة": سعيّد يستبيح كل الأسلحة للظفر بولاية ثانية
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 23:34

في مشهد سياسي مشحون بالترقب والتوتر، تنتهي اليوم الأربعاء فترة الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية بالخارج في تونس، قبل الدخول غدا الخميس في مرحلة الصمت الانتخابي، وذلك بعد أيام قليلة على دخول التعديل الأخير على القانون الانتخابي التونسي الذي صادق عليه البرلمان على عجل، حيز التنفيذ في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وغذّت شكوك المعارضة التي ترى في هذا التعديل "تفصيل على مقاس" الرئيس قيس سعيّد، ليشق طريقه نحو عهدة رئاسية جديدة، سيّما في ظل الاعتقالات والمتابعات القضائية التي طالت خصومه السياسيين.

وكانت فترة الحملة الانتخابية الرئاسية بالنسبة للتونسيين في الخارج انطلقت يوم الخميس 12 شتنبر 2024 لتتواصل حتى اليوم الأربعاء 2 أكتوبر، على أن يجرى الاقتراع بالخارج أيام 4 و5 و6 أكتوبر 2024، فيما ينظم القانون الانتخابي مختلف مراحل العملية الانتخابية بما في ذلك فترة "الصمت" الانتخابي.

وتعرف النقطة السادسة من الفصل الثالث من قانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 مؤرخ في 26 ماي 2014 يتعلق بالانتخابات والاستفتاء، فترة الصمت الانتخابي بأنها "المدة التي تضم يوم الصمت الانتخابي ويوم الاقتراع إلى حد غلق آخر مكتب اقتراع بالدائرة الانتخابية".، ووفق الفصل 69 من هذا القانون، تحجر جميع أشكال الدعاية خلال فترة الصمت الانتخابي، كما يمنع الفصل 70، خلال الحملة الانتخابية أو حملة الاستفتاء وخلال فترة الصمت الانتخابي، بث ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والاستفتاء والدراسات والتعاليق الصحفي ة المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الإعلام.

وتبدأ فترة الصمت الانتخابي خارج تونس، بالنسبة للاستحقاق الرئاسي الحالي، بداية من يوم 3 أكتوبر 2024 عند الساعة منتصف الليل وتتواصل إلى غاية غلق آخر مكتب اقتراع في مدينة "سان فرانسيسكو" بالولايات المتحدة، كما هذه الفترة داخل تونس من يوم السبت 5 أكتوبر (الساعة منتصف الليل ودقيقة) إلى غاية يوم الأحد 6 أكتوبر مع غلق مكاتب الاقتراع عند الساعة السادسة مساء.

وتدخل تونس مرحلة "الصمت الانتخابي"، تزامنا مع استمرار الجدل حول دخول تعديل القانون الانتخابي المصادق عليه "على عجل" من قبل البرلمان التونسي حيز التنفيذ قبل أيام قليلة من تاريخ الانتخابات الرئاسية، التي يتنافس في مضمارها كل من الرئيس الحالي قيس سعيّد، والعياشي زمال الذي تلقى أمس الثلاثاء حكما بالسجن النافذ لـ 12 عاما بتهمة تزوير تزكيات الناخبين، فضلا عن زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب ذات التوجه الناصري القومي، الذي كان حتى وقت قريب مدافعا شرسا عن مسار الرئيس سعيد بما فيها التدابير الاستثنائية التي اتخذها في يوليوز 2021 وحكم بموجبها بصلاحيات مطلقة تتنافى وأسس الديمقراطية.

وأثار دخول التعديل الأخير على القانون الانتخابي التونسي، بتصويت 116 من أصل 161 برلمانيا تونسيا، حفيظة العديد من الفاعلين السياسيين والمنظمات الحقوقية والمراقبين الدستوريين، ممن استنكروا تمريره بهذه الطريقة السوريالية التي تشرع  تجريد المحكمة الإدارية من سلطة الفصل في النزاعات الانتخابية وتحويلها إلى القضاء العدلي، خصوصا وأنه يأتي عقب أزمة هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية التي أعادت إلى السباق الرئاسي -بموجب أحكامها الباتة والنهائية- 3 مرشحين استبعدتهم الهيئة التي رفضت تطبيق أحكامها جملة وتفصيلا، محذّرة مما اعتبرته مغبة عدم تطبيق أحكامها القضائية على مسار الانتخابات، وهو الوضع المشحون بين المؤسستين، الذي دفع  مجموعة في البرلمان لاستعجال تقديم مقترح قانون بصفة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، تزامنا والحملة الانتخابية لاستبعاد المحكمة وتعويضها بالقضاء العدلي.

وفي هذا الإطار قال الخبير التونسي، وأستاذ القانون الدستوري، رياض دخلاوي لـ "الصحيفة"، إن دخول هذا قانون يسمح بتجريد  المحكمة  الإدارية من اختصاصها السابق، هو نكسة قانونية وحقوقية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، وتبصم على تجاوزات دستورية خطيرة ومهينة للمسار الديمقراطي لتونس.

ويرى دخلاوي، أن صدور هكذا قرار وبنفس الصيغة الاستعجالية مردّه بالأساس لكون المحكمة تمردت انحازت للقانون والعقل، ما استوجب تحويل هذا الاختصاص إلى القضاء العدلي لأنه خاضع للرئاسة وتحت امرتا ما يتنافى والتنافس العادل، كون الهدف  المباشر من كل هذا  هو الحيلولة دون طعن المترشحين  المقصين الدايمي و الزنايدي و المكي في نتائج الانتخابات الرئاسية، والحصول على مصادقة القضاء العدلي على مجزرة إلغاء الأصوات التي سيحصل عليها العياشي الزمال يوم 6 أكتوبر و ذلك بتفعيل الفصل 143 جديد ، وهذا كله يسير وفق منطق "العبث كامل الأوصاف والإهانة الموصوفة للشعب التونسي، واستباحة للدولة التونسية قبل ايام من انتخابات تدل كل المعطيات انه سيهزم فيها.. ولن يفوز إلا بالتدليس".

ووفق حديث الخبير التونسي لـ "الصحيفة"، الرئيس المنتهية ولايته، همّ إلى إجراء تعديل على القانون الانتخابي بعدما تأكد جليا من انحسار شعبيته، لكنه سقط في مغبّة فخ التأكيد للرأي العام الوطني والدولي بأنه المتحكم في قواعد اللعبة الانتخابية كون القانون ذاته، سيُمكنه هو شخصيا من اختيار المحكمة التي يراها تخدم مصلحته لتعبيد الطريق له لولاية ثانية، من خلال تفعيل الفصل 143 لحذف أصوات منافسيه تحت مسمى ارتكاب مخالفات يزجرها قانون البلاد.

وكانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، قد دقّت ناقوس الخطر بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد وتهدد السلم الاجتماعي، بما فيها تفكيك النظام السياسي النابع عن دستور 2014 وتركيز نظام سياسي جديد بناء على دستور كتبه الرئيس المنتهية ولايته بنفسه ولنفسه صادقت عليه أقلية من الناخبين، ونسف حرية التعبير بتعطيل العمل بالمرسومين 115 و 116 والالتجاء للمرسوم عدد 54 وللمجلة الجزائية لترهيب الصحفيين و المعارضين والمواطنين عبر الإيقافات التعسفية والملاحقات القضائية.

واتّهمت الرابطة سعيّد، بتوظيف القضاء بحل المجلس الأعلى للقضاء وإصدار المرسوم عدد 11 لتركيز مجلس أعلى للقضاء مؤقت و معين و المرسوم عدد 35 لإعفاء عشرات القضاة ونقلة عدد كبير منهم/منهن خارج الأطر القانونية ، مع اعتماد السلطة السياسية خطابا عنيفا اقصائيا وعنصريا ووصم كل معارضيها بالخيانة والعمالة و "الارتماء في أحضان الخارج" والزج بالكثيرين منهم في السجون فضلا عن توظيف أجهزة الدولة في سياق الانتخابات الرئاسية قصد استبعاد المنافسين من ذلك ما قامت به هيئة الانتخابات من رفض للامتثال لقرارات المحكمة الإدارية .

واستنكرت الهيئة الحقوقية في السياق ذاته، تنقيح القانون الانتخابي واستعجال النظر فيه أثناء العطلة البرلمانية وقبل الاستحقاق الانتخابي بأسبوعين والمصادقة عليه وختمه ونشره في آجال قياسية، سيّما وأنه "تضمن توجها واضحا القصد منه سحب ولاية المحكمة الإدارية و اختصاصها الأصلي بالتعهد بالنزاعات الانتخابية والبت فيها".

النظام الجزائري.. أسير الشيخوخة وإرث الماضي وأحقاده

حين بث التلفزيون الرسمي الجزائري مشاهد استقبال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لنظيره الرواندي بول كغامي، يوم 3 يونيو 2025، كان في حقيقة الأمر، ودون أن يدري، يضع الرَّجُلين في ...