بالوثيقة.. تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء لسنة 2002 يؤكد أن الجزائر والبوليساريو دعمتا مقترح التقسيم الذي رفضه المغرب
وصف السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، غريمه ممثل الجزائر بأنه صاحب ذاكرة قصيرة، وذلك خلال مناقشة ملف الصحراء أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة يوم أمس الأربعاء، مذكرا إياه بأن بلاده كانت قد أيدت مقترحا بتقسيم الصحراء سنة 2002 في الوقت الذي عارض المغرب ذلك، وهو الأمر الذي يؤكده تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الحالة في الصحراء الصادر بتاريخ 19 فبراير 2002، والذي تمكنت "الصحيفة" من الحصول عليه.
وقال هلال مخاطبا نظيره الجزائري إنه "إذا كانت هناك دولة اقترحت تقسيم الصحراء، فهي الجزائر في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عندما تحدث مع المبعوث الخاص جيمس بيكر سنة 2002"، مضيفا أن المغرب رفض ذلك لأنه بالنسبة له "أراضي الصحراء واحدة والشعب هناك واحد ولا تقبل المملكة أن تُنتزع الصحراء من أراضيها"، وهو كلام يؤكده التقرير الصادر عن الأمين العام الراحل للمنظمة الأممية، كوفي عنان، الذي وثق قبول الجزائر وجبهة "البوليساريو" بما كان يسمى "الحل الثالث".
وجاء في الصفحة الأولى من التقرير وفق الوثيقة المدرجة في أرشيف الأمم المتحدة "من رأي مبعوثي الشخصي أن الجزائر وجبهة البوليساريو مستعدتان للمناقشة والتفاوض حول تقسيم الإقليم كحل سياسي للنزاع على الصحراء الغربية"، وذلك تبعا للقاء الذي جمع بيكر ببوتفليقة خلال زيارة قام بها هذا الأخير لهيوستن بالولايات المتحدة الأمريكية في 2 نونبر 2001.

وفي الصفحتين 9 و10 من الوثيقة يتحدث الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة عن هذا المقترح موردا "وكخيار ثالث يمكن لمجلس الأمن أن يطلب من مبعوثي الخاص لآخر مرة أن يتحرى عما إذا كان الطرفان يرغبان الآن في إجراء مناقشة تحت رعايته، سواء بصورة مباشرة أو عن طريق محادثات غير مباشرة، لإمكانية تقسيم الإقليم، على أساس ألا يتم البت في شيء حتى يتخذ قرار نهائي بصدد كل شيء".

وتضيف الوثيقة الأممية أنه "إذا ما اعتمد مجلس الأمن هذا الخيار، "في حالة ما إذا كان الطرفان لا يرغبان في تقسيم الإقليم أو لا يستطيعان الموافقة على ذلك بحلول 1 نونبر 2002 فسيُطلب من مبعوثي الخاص أن يعرض فيما بعد على الطرفين اقتراحا بشأن تقسيم الإقليم وهو اقتراح سيعرض أيضا على مجلس الأمن". ونسبت الوثيقة على أنه "سيقوم مجلس الأمن بعرض هذا الاقتراح على الطرفين على أساس غير تفاوضي في السعي من أجل حل سياسي من شأنه أن يمنح كل طرف بعض، ولكن لا كل، ما يريده، وسيتبع سابقة التقسيم المتفق عليها في 1976 بين المغرب وموريتانيا، ولكنها ليست بالضرورة نفس الترتيبات الإقليمية، وإذا ما اعتمد مجلس الأمن هذا الخيار فسيتسنى الإبقاء على البعثة بحجمها الحالي، أو حتى المضي في تخفيضها".
وبالعودة إلى موقف الرباط وقتها، نجد أنها رفضت فكرة التقسيم مباشرة بعد صدور التقرير، وجاء ذلك على لسان وزير الخارجية والتعاون المغربي حينها، محمد بن عيسى، الذي صرح لجريدة "الشرق الأوسط" في عددها الصادر بتاريخ 21 فبراير 2002 أن المغرب "يرفض رفضا مطلقا أي توجه يستهدف تقسيم الصحراء"، مضيفا أن هذا الموضوع "غير قابل للمناقشة مهما كانت الظروف".
وأورد بن عيسى أن المغرب "لا يمكنه أن يكرر أو يقبل بممارسة معادلة تقسيم الأرض والعائلات التي عانت وتعاني منه غالبية الدول الإفريقية حيث قامت الإدارات الاستعمارية بتقسيم الأرض والسكان، وتابع الأمر يتعلق بـ"مخطط خطير وسابقة خطيرة ستوسع بمقتضاها النزاعات على طول الشمال الإفريقي من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي".
وبعدها بأيام صدر إعلان جديد على لسان كاتب الدولة في وزارة الخارجية والتعاون حينها، الطيب الفاسي الفهري، تفاعلا مع تقارير إسبانية تحدثت عن مناقشة الرباط لمقترح تقسيم الصحراء، حيث أورد أن المغرب "يرفض كليا فكرة تقسيم الصحراء أو حتى مناقشة هذا الموضوع"، وأضاف أن المملكة ردت على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حينها وأخبرته برفضها مقترح التقسيم.