بايتاس.. هل يُمكن أن تصمت؟!

 بايتاس.. هل يُمكن أن تصمت؟!
الصحيفة - افتتاحية
الجمعة 1 يوليوز 2022 - 12:31

لم نبالغ في موقع "الصحيفة" حينما شبّهنا الناطق بإسم الحكومة، مصطفى بايتاس، بمحمد سعيد الصحاف، الذي كان يتقلد منصب وزير خارجية وإعلام العراق على عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وكُلّف - حينها - بإدارة الحرب الإعلامية خلال الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، حيث كان يتحدث الرجل "الداهية" عن الهزائم المتوالية لجيش "العلوج"، ويقصد بهم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الذي غزا "بلاد الرافدين" قبل أن يجد الصحّاف قوات المارينز قد سبقته إلى بيته عند عودته ذات مساء.

كان الرجل يقول ما لا يعلم، ويتحدث بما لا يفهم، ويهدي بما يجهل باستمرار حتى بدأت النكت عنه تتداولها الألسن بعد أن دخلت تصريحاته المأثورة إلى كتب التراث العربي، وهو ما نعتقد أنه سينطبق على مصير الناطق بإسم حكومتنا، مصطفى بايتاس مع الكثير من الفوارق، في احترام "ثقل" الصحاف، و"خفة" بايتاس.

مناسبة هذا الحديث هو ما حاول عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، والناطق الرسمي بإسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن يقنعنا به، الأسبوع الماضي، بخصوص "اللعبة القذرة" لارتفاع المحروقات التي تدار في غُرفٍ مُغلقة.

بايتاس الذي كان يتحدث من العيون في المؤتمر الجهوي لحزب "الأحرار"، قال إن الحكومة "تدبر ملف المحروقات بشفافية"، وأنها فضلت تخصيص الأموال للملفات الاجتماعية عوض دعم أسعار المحروقات في ظل وصول سعر اللتر الواحد من البنزين إلى 16 درهما.

ما قاله الناطق الرسمي بإسم الحكومة يعتبر، بحق، تضليل للرأي العالم بكل ما تحمله الكلمة من معنى. والأرقام التي تحدث عنها، فيها مغالطة كبيرة لوزير يَنطق بإسم الحكومة. وحينما يتحدث مصطفى بايتاس عن أن الحكومة لا يمكنها أن تدعم سعر المحروقات للحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة، بعد أن تجاوز سعر اللتر الواحد من البنزين 16 درهما فهذا عنوان كبير لتضارب المصالح التي يمثلها رئيسه في الحكومة والفاعل الأول في سوق المحروقات، لأن المنطق الذي يتحدث به بايتاس هو منطق "البيزنس" وليس منطق رجل دولة يَنطِقُ بإسم حكومة تُمثل المغاربة.

ولأن بايتاس يتبضع جُمَلهُ من لغة الخشب، فلا بأس أن يقرأ (لعله يتعلم) ما فعلته الحكومات في دول العالم من تخفيف ثقل فاتورة المحروقات عليهم دون أن تتركهم فريسة لشركات التوزيع وللأفكار الكسولة التي يُقرها رئيسه في الحكومة، عزيز أخنوش، لِيقوم بعدها هو بتصريفها إلى المغاربة على أنها قرآن مُنزل.

ففي فرنسا، مثلا، خصصت الدولة مليار دولار كدعم حكومي للتخفيف من أسعار المحروقات. وأكدت أن هذا الدعم الذي سيخفف من سعر كل لتر بنزين يشتريه كل فرنسي يهم القطاع العائلي والشركات وسائقي سيارات الأجرة وسائقي الشاحنات والصيادين، ولم تحصره في مهني النقل فقط خوفا من اضراباتهم وتركت باقي المواطنين يحترقون بالأسعار كما فعلت حكومة أخنوش.

وفي هولندا، قلصت الحكومة الضرائب على وقود البنزين والديزل بنسبة 21%، استجابة للأسعار المرتفعة بشكل قياسي. كما سيحصل أصحاب الدخل المتدني على مساعدات لتعويض الارتفاع في أسعار الكهرباء والغاز، وهو ما سيجعل قيمة حزمة هذه التدابير تصل إلى نحو 2.8 مليار أورو.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، دعا الرئيس جو بايدن، الكونغرس إلى تعليق الضرائب على الوقود لمدة 3 أشهر بهدف التقليل من التكلفة التي يتكبدها الأميركيون جراء ارتفاع أسعار الطاقة، مهاجماً في الوقت نفسه شركات الطاقة الأميركية.

لكن في المغرب، هناك خطاب آخر ومنطق آخر وتدبير آخر لِحال المواطنين، حيث يُفضل أخنوش الصمت والاختباء ورا مبررات واهية، ويقوم "صَحّاف المغرب" بتصريف المواقف المخجلة والكسولة التي تجعل من المواطن المغربي فريسة لجشع الشركات وهوامش ربحهم، وأنانية الحكومة التي ترفض تخفيض الضرائب التي تفرضها على كل لتر بنزين يباع في محطات التوزيع، ولتذهب القدرة الشرائية وجيوب المغاربة إلى الجحيم!

لهذا، لا بأس لو توقف الناطق بإسم الحكومة عن بيع بضاعته الفاسدة للمغاربة لأنه لا يقول الحقيقة ولا حتى نصفها. وما عليه إلا أن يصمت، فهنا يُصبح صمته حكمة!

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

الخطيئة الكبرى للدولة

ما حصل بتاريخ 15 شتنبر 2024، حينما تدفق آلاف القاصرين على مدينة الفنيدق رغبة في الهجرة غير النظامية إلى سبتة المحتلة، هو انعكاس صريح على فشل منظومة تربوية وتعليمية بكاملها، وإخفاق مؤلم في ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...