بسبب "وضعها غير المريح" في فضاء تتصارع فيه المغرب والجزائر على الزعامة.. موريتانيا غابت عن اجتماع مراكش لكنها ستوفر مسلكا بريا لدول الساحل للوصول إلى ميناء الداخلة

 بسبب "وضعها غير المريح" في فضاء تتصارع فيه المغرب والجزائر على الزعامة.. موريتانيا غابت عن اجتماع مراكش لكنها ستوفر مسلكا بريا لدول الساحل للوصول إلى ميناء الداخلة
الصحيفة – حمزة المتيوي
الثلاثاء 26 دجنبر 2023 - 22:45

كانت موريتانيا هي البلد الوحيد من بين دول منطقة الساحل الخمس، التي غابت عن اجتماع مراكش المنعقد يوم السبت الماضي بمراكش في إطار المبادرة الدولية، التي أطلقها الملك محمد السادس بتاريخ 6 نونبر 2023، لتعزيز ولوج تلك البلدان إلى المحيط الأطلسي، وهو أمر طرح العديد من علامات الاستفهام ارتباطا بالوضع الحساس لهذا البلد المغاربي، في فضاء تتصارع فيه جارتاها، المغرب والجزائر، بشكل علني ومحموم، على الزعامة الإقليمية.

ولم تعلن نواكشوط أنها ستنضم إلى المبادرة، كما لم يصدر عنها أي تفاعل سلبي معها، حتى بعد الشروع في تنزيلها من خلال اجتماع مراكش، الذي دعا له وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، والذي شارك فيها وزراء خارجية مالي وبوركينافاسو والنيجر وتشاد، ليعلنوا جميعا انخراطهم في المبادرة الملكية الدولية من خلال بيان ختامي تحدث عن إتاحتها "فرصا كبيرة للتحول الاقتصادي في المنطقة برمتها".

ويرى محمد شقير، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية والقضايا العسكرية والأمنية، أن إحجام موريتانيا عن الحضور إلى اجتماع مراكش، يعود أساسا إلى "وضعها غير المريح بين قوتين إقليميتين، هما المغرب والجزائر"، وهو ما دفع سلطاتها إلى "عدم التعجل في الوقت الراهن، وعدم اتخاذ قرار بالمشاركة في هذه المبادرة، على الأقل الآن"، منبها إلى تلك المشاركة ستُفسر من لدن الجانب الجزائري على أن كفتها تميل لفائدة المغرب.

ووفق الأكاديمي المغربي، فإن موريتانيا تركز على تحقيق التوازن في علاقاتها بين البلدين المغاربيين، خصوصا وأن الجزائر تتعامل بحساسية كبيرة مع المبادرة الملكية لارتباطها المباشر بقضية الصحراء، بالإضافة إلى أن الإطلالة على المحيط الأطلسي ليست أولوية بالنسبة لنواكشوط، وفق شقير، لأنها، وبخلاف دول الساحل الأربع الأخرى، لديها بالفعل منفذ بحري، متوقعا أن تأخذ موريتانيا الوقت الكافي لتتبع تطورات اجتماع مراكش ورصد مآلاته ومستقبله".

ومع ذلك، فإن تنزيل المبادرة الملكية الدولية، التي قال عنها وزراء خارجية الدول التي شاركت في لقاء 23 دجنبر 2023، بأنها "ستسهم فيه من تسريع للتواصل الإقليمي وللتدفقات التجارية ومن ازدهار مشترك في منطقة الساحل"، لن يكون عمليا إلا بضمان مسلك بري لبضائعها صوب ميناء الداخلة الأطلسي، وهو ما يمر لزوما عبر موريتانيا، في ظل إقفال الحدود البرية بين المغرب والجزائر، وتبني هذه الأخيرة للطرح الانفصالي في ملف الصحراء.

والمؤكد هو أن هذه المبادرة، عند إتمام تنزيلها، ستخلق رواجا اقتصاديا كبيرا عبر مواقع مرور المبادلات التجارية، وهو ما ستستفيد منه موريتانيا مهما كان موقعها من المبادرة، الأمر الذي يؤكده شقير، التي أورد أن موقعها الجغرافي يتيح لها الاستفادة من المبادرة حتى دون الاندماج فيها، بمجرد مرور شاحنات الدول الأخرى من على أراضيها، وهو سبب آخر دفعها إلى التروي وعدم الحسم في الانضمام إلى دول الساحل الأخرى التي شاركت في اجتماع مراكش.

ومن جهة أخرى، يطرح عدم حضور نواكشوط أيضا علامات استفهام بخصوص مدى تخوفها من أن يصبح ميناء الداخلة الأطلسي، منافسا مباشرة لميناء نواذيبو، الشريان الاقتصادي لموريتانيا، خصوصا وأن المغرب يعتبره الشريان البحري الرئيس الذي سيربطه بدول غرب إفريقيا والقارة السمراء عموما، وسيكون كذلك المنفذ البحري الرئيسي لدول الساحل الأخرى وكلها دول مطوقة لا واجهة بحرية لها.

وفي هذا الإطار يرى شقير أن أي منافسة ستدخلها موريتانيا لمنافسة ميناء الداخلة ستنتهي بخسارتها، لأن الأمر يتعلق بمشروع ضخم تراهن عليه عدة جهات إقليمية ودولية، فالمخطط له أن يكون الأكبر في إفريقيا على الواجهة الأطلسية، والفاعلون في الميدان التجاري واللوجيستي ينزلون هناك بثقلهم، لذلك فإن دخول ميناء نواذيبو في صراع معه ليس مطروحا.

ويمضي المحلل السياسي موضحا أن ميناء الداخلية يدخل في سياق جيو-استراتيجي كبير يتجاوز موريتانيا وحتى الجزائر، مرتبط بقوى عظمى دولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وبلدان ذات ثقل إقليمي كبير مثل الإمارات العربية المتحدة، ونواكشوط في وضعها الحالي ليست لديها الإمكانيات اللوجيستية أو السياسية أو الاقتصادية لمنافسته، لذلك سيكون الأسلم هو أن تعمل على التكامل معه والاستفادة منه.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

قسوة الفراغ!

صُور غارقة في الألم تلك التي تأتينا من مدينة الفنيدق على مدخل سبتة المُحتلة، حيث يتجمهر المئات من المغاربة ومعهم مهاجرين من تونس والجزائر ومن دول جنوب الصحراء، أغلبهم أطفال ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...