بعدما وصف السجناء بـ "الحُثالة" و"الصرف الاجتماعي".. مطالب حقوقية بإقالة التامك من المندوبية العامة لإدارة السجون

 بعدما وصف السجناء بـ "الحُثالة" و"الصرف الاجتماعي".. مطالب حقوقية بإقالة التامك من المندوبية العامة لإدارة السجون
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 10 نونبر 2023 - 23:01

تجدّدت المطالب الحقوقية بإقالة المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الادماج، محمد صالح التامك، على إثر وصفه نزلاء المؤسسات السجنية بـ"حثالة المجتمع"، و"الصرف الاجتماعي" من قلب المؤسسة التشريعية، الأمر الذي اعتبر خرقا للقواعد الدولية في معاملة السجناء والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب وكذا والمقتضيات القانونية التي تؤطر المنظومة السجنية على المستوى الوطني.

وتأتي هذه التصريحات "المثيرة" التي أدلى بها المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الادماج، محمد صالح التامك، داخل لجنة العدل والتشريع، أثناء تقديمه لمشروع الميزانية الفرعية للمندوبية التابعة لرئاسة الحكومة، على بُعد أسبوعين فقط من مصادقة مجلس النواب على مشروع القانون رقم 10.23 المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، الأمر الذي اعتبر "تناقضا" مع المجهودات الإصلاحية التي تبذلها الدولة في هذا الإطار وفاء بتعهداتها الدولية.

وأكّدت مصادر برلمانية في لجنة العدل والتشريع فضلت عدم الكشف عن هويتها لـ "الصحيفة"، التصريحات التي أدلى بها المسؤول السجني على مسامعهم، مشيرة إلى أن جميع الأخبار الرائجة حول "اعتذاره في الحقيقة هي مجانبة للصواب، إذ أنه وتحت ضغط القاعة لم يسحب كلمة حثالة المجتمع، بل حاول شرحها ووضع تبرير لها فقط، بدعوى أنهم ضحايا مجتمع، ليستبدل المصطلح الأول بالصرف الاجتماعي على غرار الصرف الصحي"، وهو ما يُثبت وفق المصادر ذاتها "تمسّكه بمبدأ التبخيس والتنقيص من هذه الفئة والحط من كرامتها".

وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن "مسؤولي التواصل في مندوبية السجون حاولوا من جانبهم احتواء الأزمة ولملمة الحرج الذي تسبب فيه التامك، من خلال مُطالبة عدد من الصحافيين بسحب العبارات المُصرح بها التي تضمّنتها مداخلته أو تلطيفها، واعتبار تبريراته بمثابة اعتذار وتراجع عمّا صرّح به كون الظرفية لا تتحمل أزمة جديدة، وهو ما امتثل له عدد منهم".

واعتبر الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الحقوقي محمد الزهاري، أن هذه التصريحات "المسيئة" التي أدلى بها التامك من قلب المؤسسة التشريعية "تعكس حقيقة وطبيعة من يدبّر المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج"، موردا أنه "ليس التصريح بغريب عن هذا الشخص لأنه اتخذ مبادرات كذلك تثير الاستغراب والاندهاش، عندما يتقمص دورا معينا للرد على ما ينشر بالجرائد الدولية أو منابر وطنية أو يرد على تصريحات معتقل سياسي سابق أو معتقل رأي".

الزهاري، وفي تصريح خصّ به "الصحيفة"، قال إن التامك "كان من بين من ذاقوا مرارة السجن والاعتقال وكان عليه أكثر من غيره أن يقدر الظروف ويستحضر المعاناة ويتحدث عن الواقع ويسمي الأشياء بمسمياتها وأن يبقى منسجما مع القوانين الدولية أو المقتضيات الدولية التي تؤطر الفضاءات السجنية في العالم والمقتضيات القانونية التي تؤطر المنظومة السجنية على المستوى الوطني، وخاصة أننا اليوم على بعد أسبوعين بعد مصادقة مجلس النواب على مشروع القانون رقم 10.23 المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية والذي تمت المصادقة عليه في جلسة عامة وكان محط نقاش".

وأشار المتحدث، إلى أن أشغال اللجنة العدل والتشريع التي ناقشت مشروع القانون وكذلك النقاش الذي ميّز الجلسة العامة، شهدت توجها يصبو تحسين أوضاع السجون والحرص على الاهتمام بالأوضاع الإنسانية للسجناء والنزلاء والساكنة السجنية، وكذا البحث عن بدائل للتقليص من حدة الاكتظاظ الذي يميز هذه المؤسسات، إذ أنه اليوم نتحدث عن مندوبية بها ساكنة سجنية تشارف على بلوغ 100 ألف نزيل أو سجين، مضيفا:"ونحن نتحدث عن مؤسسات من المفروض أن تكون هناك استحضار لكل القواعد المنصوص عليها في الوثيقة التي صدرت عن المؤتمر الأول لمنع الجريمة والمتعلق بمعاملة المجرمين أو القواعد الدولية في معاملة السجناء".

وهذه الوثيقة التي صدرت في 1955 ودخلت حيز النفاذ في 1977، أشار الزهاري إلى أن المغرب من الدول التي التزمت ببنودها، وتفاخر وردد ذلك في المنتديات الحقوقية المتعلقة بأوضاع السجون، وشدّد على أنه ملتزم بهذه القواعد النموذجية الدنيا في معاملة السجناء".

وشدّد الفاعل الحقوقي في حديثه لـ "الصحيفة"، على أنه من الضروري استحضار واقع أن التامك "موظف في إطار هذا القانون، ومن المفروض عليه أن يمتثل وينضبط لمدونة قواعد السلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون وهي وثيقة صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة"، مضيفا: "هذه الأمور كلها تجعل ما صرح به هذا الشخص يعتبر تصرفا غير مسؤول تماما، وغير منسجم مع التوجهات وحرص السلطات العمومية والمنظمات الحقوقية والدولية التي تتابع أوضاع السجون في المغرب على أن تتجه أمور حقوق الانسان في اتجاه تحسين الوضعية وليس الطرد".

ونبّه الزهاري، إلى أن هذه تصريحات "غير مسؤولة من طرف التامك، وتتناقض مع ما يُعبر عنه رسميا من طرف السلطات العمومية المعنية بشكل مباشر وغير مباشر بأوضاع السجون، سيما في الشق المرتبط باحترامها للقانون المنظم للمؤسسات السجنية، ومدونة القواعد الدنيا لمعاملة السجناء، ومدونة سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون واحترامها لكل المعاهدات والإعلانات المرتبطة بالموضوع".

وأردف المتحدث "الوقت قد حان لإعفاء هذا المسؤول من مهامه، ووضع حد لمعاناة متعددة للساكنة السجنية إزاء سلوكاته وممارساته، واليوم ونعتبر أن المؤسسات السجنية أصبحت قلاعا مغلقة ضد المنظمات الحقوقية" موضحا: " في السابق، عندما نتقدم برسائل إلى المندوبية العامة للسجون أي في 2008، وسابقا أيضا عندما كانت تابعة لوزارة العدل، نتلقى أجوبة وكانت المؤسسة السجنية منفتحة على المنظمات الحقوقية وكان يسمح لنا أيضا بزيارة المؤسسات السجنية والاستفسار حول أوضاع السجناء والنزلاء وبعض الحالات الخاصة التي ترد عليها، فيما اليوم أصبحت مغلقة وأبوابها موصدة في وجه الجمعيات الحقوقية".

واعتبر الزهاري، أن تدبير التامك، لهذا المرفق في العشر سنوات "فيه الكثير مما يقال، أما الآن فالوقت مناسب لإعفائه من مهامه، فيما اعتذاره حتى وإن تم خلال الاجتماع لا يكفي لأن المسألة تهم وتمس كرامة السجناء والمواطنين المغاربة مسلوبي الحرية موجودين داخل المؤسسات السجنية، وهذه الاوصاف ليست بالسهلة ولا يمكن أن تمُر هكذا بدون عقاب أو تصدي من خلال الجهات المالكة لسلطة القرار ولها صلاحيات إعفاء المسؤول من مهامه، وتوقيفه عند حده ومعالجة هذا الوضع في أسرع وقت ممكن، علما أنه لا يمكن أن نبرر نقص الموارد البشرية بغياب تحفيزات أو اهتمام أو عدم إعطاء ما يكفي من الإمكانيات المالية والتحفيزية التي تشتغل في سجون المملكة يجب ألا تكون مبررا لكي ننعت السجناء بهذه الصفات".

وزاد المتحدث: "نحن مع تحسين ظروف عمل كل الطاقات البشرية بمختلف درجاتها ماديا واجتماعيا والاهتمام بهم ومكافأتهم على المجهودات التي يقومون بها والتي يجب أن تكون مؤطرة بالقانون وتبتعد عن العنف وتحقير السجناء، والمس بسلامتهم البدنية وكل ما طالب به المندوب من أجلهم لكن لا يمكن أن نربط الخصاص بوصف الساكنة السجنية بما وصفها به المندوب، ويجب التفكير في إيجاد حلول بنيوية بمقاربة إنسانية واجتماعية ومادية وأن نجد الأساليب والحلول للمشاكل المطروحة على هذا المستوى" مضيفا: "لا مجال لاستمرار هذا المسؤول في مهامه كيفما كان مبرره، ونحن مع تحسين ظروف عمل موظفي السجون ومواردها البشرية في كافة المؤسسات السجنية التي يجب أن تكون مؤطرة بالقانون المنظم للمؤسسات السجنية وما انخرط فيه المغرب دوليا بالتزامه ومصادقته على القوانين والمعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

أقيلوا هذا الرجل !

صناعة الفشل في المغرب سلعة رائجة. هذا على الأقل ما يمكن استخلاصه عند الإطلاع على حال شركة الخطوط الملكية المغربية التي يقودها عبد الحميد عدو إلى الهاوية وهو مستمتع بالمُهمة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...