بعد أن حاولت "تدويل" مقتل 3 من رعاياها في الصحراء.. لماذا "تغافلت" الجزائر عن إجراء تحقيق وعدت به؟
سجل ملاحظون تراجع نبرة التصعيد والتهديد الجزائرية تُجاه المغرب فيما يتعلق بحادث مقتل 3 مواطنين جزائريين في الصحراء المغربية، حيث يبدو وأن الواقعة -بعد أسابيع من حدوثها- تتجه إلى طي النسيان على عكس ما كانت تشير إليه تصريحات وبلاغات المسؤولين الجزائريين في الأيام الأولى بعد الحادث.
وكان بلاغ للرئاسة الجزائرية قد أعلن أن 3 مواطنين جزائريين قُتلوا في قصف في محور طرقي بين ورقلة ونواكشوط وهم على متن شاحنتاهم التجارية، دون الإشارة إلى مكان الحادث الذي اتضح أنه وقع خارج الحدود الجزائرية والحدود الموريتانية، وبالضبط داخل الصحراء المغربية، واتهم البلاغ القوات المغربية بالضلوع وراء القصف.
وتوعدت الجزائر بأن الحادث "لن يمر بدون عقاب"، وهو التهديد الذي جاء قبل بدء الجزائر التحقيق في الحادث لمعرفة هل تقف القوات المغربية بالفعل وراء القصف الذي استهدف رعاياها، أم لجبهة "البوليساريو" علاقة بالحادث، خاصة أن الجبهة الإنفصالية دأبت على إصدار بلاغات بالقيام بعمليات القصف في مناطق قريبة من المنطقة التي تعرض فيها المواطنون الجزائريون للاستهداف.
لكن بعد مرور أسابيع من الحادث، لم تُعلن الجزائر عن أي نتائج مرتبطة بالتحقيق في الواقعة، وطغى صمت تام حولها، كما أن التحركات التي قامت بها الجزائر في الأيام الأولى من أجل "تدويل" القضية لم تُعط نتائج ملموسة، ويبدو وكأن هناك أطراف أخرى تدخلت لإنهاء القضية وتفادي أي تصعيد بين البلدين لعدم رغبة هذه الأطراف في نزاع جديد في منطقة استراتيجية وحيوية للعالم بأسره.
معطيات متفرقة صادرة عن تقارير دولية متعددة بشأن هذا الموضوع، اطلعت عليها "الصحيفة"، تشير إلى أن كل من الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، لم تكن ترغب ولا ترغب، في نزاع مسلح بين البلدين الجارين حتى لا يؤدي هذا النزاع إلى تضارب المصالح بين عدد من البلدان التي لها ارتباطات ومصالح مع كل من المغرب والجزائر، وتبقى إسبانيا أبرز مثال تحدث بنفسه عن ذلك.
وما يُدعم هذا المعطى، هو أن الهيئات والاتحادات، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي التي توجهت إليها الجزائر متهمة المغرب بقصف 3 من رعاياها، لم تُصدر أي رد فعل مقابل هذا التحرك الجزائري، وساد الصمت حول هذه القضية، مما يشير إلى أن هذه الأطراف لا ترغب في تصعيد التوتر بين الطرفين، وتُفضل الإبقاء على وضع لا يقود إلى نزاع مسلح بين الرباط والجزائر.
وكانت دول عربية، إضافة إلى دول أخرى مثل إسبانيا، قد قامت بعد حادث القصف، بمحاولات لتهدئة الأوضاع بين المغرب والجزائر، حتى لا تجد هذه الدول نفسها أمام نزاع لا يخدم مصالحها، أو سيُدخلها في حسابات دعم طرف على طرف آخر، وبالتالي يُرجح أن هذه "الأسباب الدولية" هي التي تقف وراء الهدوء والصمت الذي أعقب الحادث.
كما أن هناك أسباب أخرى لا تقف في صالح الجزائر، قد تكون من بين العوامل التي أدت بقصر المرادية إلى تجاوز تهديداته ضد المغرب، وأبرزها، أن الواقعة حدثت خارج التراب الجزائري، وبالتالي فإن الجزائر يجدر بها تقديم توضيحات عن أسباب تواجد مواطنيها في مناطق لا تدخل في مجال ترابهم الوطني.
كما أن مكان الحادث يُعتبر من المناطق التي تشهد نزاعا مسلحا في الصحراء المغربية بين القوات المغربية وجبهة "البوليساريو" الإنفصالية، وقد قامت عدد من البلدان، مثل إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية بتحذير مواطنيها من المرور منها أو التحليق فوقها، وبالتالي هناك سؤال آخر يجب أن تجيب عنه الجزائر يتعلق بما هي الدوافع والأسباب التي أدت بالضحايا الجزائريين بالتواجد في منطقة مشتعلة.