بعد أن قادته جنوب إفريقيا.. ثلاث دول ضمن مجموعة "التنمية لإفريقيا الجنوبية" ترفض مُذكرة تَفَاهم وُقعت مع "البوليساريو" وتؤكد دعمها للحكم الذاتي

 بعد أن قادته جنوب إفريقيا.. ثلاث دول ضمن مجموعة "التنمية لإفريقيا الجنوبية" ترفض مُذكرة تَفَاهم وُقعت مع "البوليساريو" وتؤكد دعمها للحكم الذاتي
الصحيفة - خولة اجعيفري
الثلاثاء 15 أبريل 2025 - 19:50

لم تمرّ أيام على توقيع مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC) لمذكرة تفاهم مثيرة للجدل مع ما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، حتى بدأت تداعياتها تتفجر داخل القارة الإفريقية، كاشفة عن تصدعات حادة في المواقف الإقليمية.

وفي وقت كان يُفترض أن تعكس هذه الخطوة وحدةً سياسية لدول الجنوب الإفريقي، جاءت الردود الصريحة والرافضة من ثلاث دول ذات وزن—مالاوي، زامبيا، واتحاد جزر القمر—لتدق ناقوس الإنذار، وتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن قضية الصحراء لم تعد ورقة بيد التنظيمات الإيديولوجية، بل ملفًا يُعاد التفكير فيه بمنظور واقعي وبراغماتي.

وهذه الموجة من الرفض السريع والمدروس لم تكتفِ بنسف مضمون الاتفاق فحسب، الذي اعتبر مبادرة انفرادية من دولة جنوب إفريقيا، بعد آن قعت الأمانة التنفيذية للمجموعة الإنمائية للجنوب الإفريقي (SADC)، التي تعد مجموعة اقتصادية إقليمية تتكون من 16 دولة، على "بروتوكول اتفاق" مع ما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، وهو ما أثار رفض دول داعمة لمغربية الصحراء داخل المجموعة.

بل كشف أيضًا حدود تحركات بعض التنظيمات الإقليمية في ملفات تتجاوز نطاقها، حيث خرجت الثلاث دول الإفريقية لتعلن رسميًا رفضها لهذه الخطوة، مؤكدة دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد للنزاع الإقليمي حول الصحراء.

وتكشف هذه الردود الدبلوماسية المتسارعة عمق الانقسام داخل القارة الإفريقية، بل وحتى في قلب الفضاء الجغرافي الذي تنشط فيه منظمة SADC، بشأن مدى شرعية وجدوى هذه المبادرة التي وُقعت باسم المنظمة، كما تسلط الضوء على تحوّل متنامٍ في المواقف الإفريقية نحو رؤية تعتبر المقترح المغربي أكثر عقلانية وواقعية لتسوية النزاع، بعيدًا عن الاصطفافات الأيديولوجية التي ميّزت مواقف بعض الدول في العقود الماضية.

في مذكرة دبلوماسية رسمية (رقم 135/25) مؤرخة في 14 أبريل 2025، وجهتها وزارة الخارجية لجمهورية مالاوي إلى سفارة المملكة المغربية في ليلونغوي، أكدت الحكومة المالاوية موقفًا حازمًا من مذكرة التفاهم الموقعة بين SADC و"البوليساريو".

فقد شددت مالاوي على رفضها التام للاتفاق، معتبرة إياه غير ملزم، ومجددة دعمها "الراسخ" لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، واصفة إياه بـ"الحل العملي" للنزاع الإقليمي حول الصحراء. كما أوضحت الوثيقة أن مالاوي غير مُلزمة بأي من بنود مذكرة التفاهم الموقعة، مشيرة إلى أن هذا الموقف الحاسم جاء بعد مرور أقل من أسبوعين على إعلان SADC عن الاتفاق، ما يعكس وضوح الرؤية وسرعة التحرك لدى الدبلوماسية المالاوية.

زامبيا من جهتها لم تتأخر في إعلان موقفها، ففي 8 أبريل 2025، أصدرت وزارة الخارجية الزامبية مذكرة رسمية (رقم 1415/2025) موجهة إلى سفارة المغرب في لوساكا، عبّرت فيها عن رفضها القاطع لمذكرة التفاهم التي وُقّعت في غابورون.

وأكدت الحكومة الزامبية أن هذه المذكرة غير مُلزمة، معلنة "بدون أي لبس" دعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، والتي وصفتها السلطات في لوساكا بـ"الحل الوحيد الجاد وذو المصداقية والواقعي" لتسوية النزاع، كما أوضحت أن زامبيا "غير مرتبطة" بأي من أحكام مذكرة التفاهم، مما يبرز استقلالية موقفها وعدم تبنيها للنهج الذي اتبعته SADC في هذه المسألة المثيرة للجدل.

أما موقف اتحاد جزر القمر فتميّز بتفصيله القانوني والدستوري ففي مذكرة رسمية (رقم 25-292/MAE/SG/DGAPJ/dna) مؤرخة في 7 أبريل 2025 وموجهة إلى الأمانة التنفيذية لـSADC في غابورون، عبّرت الحكومة القمرية عن "دهشتها" من توقيع مذكرة التفاهم مع "البوليساريو".

وذكّرت المذكرة المنظمة بموقفها الثابت من قضية الصحراء، كما عبّرت عنه في مذكرة شفوية سابقة (رقم 20-2019/MAECU/SG/i.a) بتاريخ 2 أكتوبر 2020، خلال قمة رؤساء دول وحكومات SADC التي انعقدت في تنزانيا.

 وأشارت جزر القمر إلى أن قضية الصحراء تندرج ضمن اختصاص مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة، لا المنظمات الإقليمية كما استندت إلى المادة 5 من الميثاق التأسيسي لـSADC التي تحصر نطاق تدخلها في منطقة إفريقيا الجنوبية.

وانتهت المذكرة بتحذير واضح من أن "تدخل SADC في قضية الصحراء قد يُقوّض مصداقية المنظمة الإقليمية"، ما يعكس مستوى الجدية الذي تتعامل به جزر القمر مع مخاطر تسييس النزاع في الأطر غير المختصة.

المواقف الثلاثة جاءت في ظرف قياسي، ما يؤشر على تنسيق محتمل أو على الأقل على إدراك مشترك لخطورة الخطوة التي أقدمت عليها SADC، ففي 2 أبريل 2025، تم توقيع مذكرة التفاهم بين SADC و"البوليساريو"، وفي 7 أبريل 2025: صدور مذكرة رفض من جزر القمر، وفي 8 أبريل 2025: صدور مذكرة رفض من زامبيا، ثم 14 أبريل 2025: صدور مذكرة رفض من مالاوي.

وتبرز هذه المواقف المتقاربة زمنيًا وتوجهًا كمؤشر على تحوّل ملحوظ في توازنات الملف داخل القارة الإفريقية، فعلى الرغم من محاولات بعض الجهات توظيف التنظيمات الإقليمية في الصراع السياسي والدبلوماسي، إلا أن عددًا متزايدًا من الدول الإفريقية بات يعتبر المقترح المغربي للحكم الذاتي هو الخيار الواقعي والعملي الوحيد لتسوية النزاع المزمن حول الصحراء، بعيدًا عن الطروحات الانفصالية التي أثبتت محدودية تأثيرها وفقدانها للزخم الدولي.

وفي ظل هذا السياق، تكون مذكرة التفاهم بين SADC و"البوليساريو" قد أطلقت دينامية عكسية، إذ لم تُوحّد الصفوف بل فجّرت الخلافات وأعادت النقاش حول حدود صلاحيات المنظمات الإقليمية وتوازن المواقف داخل القارة.

مَعاركنا الوهمية

من يُلقي نظرة على ما يُنتجه المغاربة من محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنه أن يخلص إلى قناعة ترتقي إلى مستوى الإيمان، بأن جزءًا كبير من هذا الشعب غارق في ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...