بعد أن كانت كل الطرق تؤدي إليها.. روما تخوض حربها "المقدسة" الأخيرة
بعد أن كانت كل الطرق تؤدي إليها، نفر منها العالم وتركها في مواجهة وباء "كورونا" الذي تسلل إلى شوارعها وحولها إلى بؤرة لفيروس "كوفيد-19".
روما. مدينة القياصرة، وتاريخ طويل من الصراعات ووقصص الشجاعة، تعيش تحت التنفس الاصطناعي وتودع المئات من مواطنيها تحت صمت كنائس "البازيليك".
فقط دعاء البابا وأغاني بالية للمواطنين من شرفات المنازل، هو كل ما تبقى للإيطاليين ليواجهوا مصيرهم في عزلة عن العالم الخارجي، وحرب "مقدسة" أخرى وسط حجر صحي اضطراري، لعلهم يفوزون بمعركتهم الأخيرة.
مشهد تقشعر له الأبدان، أن
ترى إيطاليا المفعمة بالحياة، تحرق مواطنيها "مكرهة"، تفاضل بينهم في ظل
نقص الإمكانيات الطبية لاحتوء الوضع الوبائي، بعد أن اجتاحت "كورونا"
أرجاء البلاد وحولتها لثاني أكثر الدول العالمية الموبوءة، بعد الصين حيث ظهرت
أولى إصابة مؤكد بالفيروس، في نونبر الماضي.
تخلت دول الجوار عن روما، بعد أن أغلقت فرنسا وألمانيا، حدودهما، كما أصبح "الاتحاد الأوروبي" مجرد رسم على الأوراق بدون أي حمولة إنسانية، ولا اتحاد للشعوب، ولا تضامن في المحن. فقط "اتحاد" مختوم على أوراق رسمية ينظر إليها "الطاليان" بقرف كبير.
استسلمت إيطاليا للوضع المأساوي، حتى أصبحت ترى في تقليص عدد الوفيات اليومي، من 600 إلى 599 (على سبيل المقارنة) بارقة تعيد لها الأمل في غد أفضل. مستقبل عقدت ميلانو العزم أن يكون، بمساعدة خارجية، قادمة من خارج حدود الدول الـ27 المشكلين لما يدعى "الاتحاد الأوروبي".
بعد أن أرسلت بيكين طائرة خاصة محملة بتحهيزات طبية ضرورية لمواجهة "كورونا"، استعانت روما بأزيد من 52 طبيبا وممرضا، أتوا من كوبا، محملين بتجارب مواجهة أوبئة سابقة على غرار "ايبولا" الذي ضرب القارة الإفريقية، فيما ستصل شحنة أخرى، من ثلاث ملايين قناع طبي، قادمة من الصين، روسيا، والهند، من أجل تجهيز محاولة إنقاذ الوضع الذي تعيشه المنظومة الصحية الإيطالية، التي اضطرت، بالرغم من صلابتها، إلى رفع الراية البيضاء وطلب الاستنجاد بالمعونة الخارجية.
سابق لأوانه أن تخطو روما إلى ما فعلته بريطانيا، بمغادرتها للعائلة الأوروبية، الذي اشتهرت بالـ "BREXIT"، إلا أن نهاية الكابوس الذي تعيشه إيطاليا ومعه العالم، سيترتب عنه، لا محالة، قرارات حاسمة وتغيير كبير على مستوى الخارطة السياسية الدولية، كما أظهرته الرسائل الغاضبة القادمة من صربيا، حين اتهم الرئيس ألكسندر فوسيتش، في 17 مارس الماضي، الاتحاد الأوروبي، بالتخلي عن بلاده في مواجهته للأزمة، بعد صدور قرار المجلس الأوروبي بتقليص صادرات المعدات الطبية.
"عندما يسير كل شيء في وضع سيء، عليك الاعتماد على الأمة. وهنا يكمن الدرس الرئيسي لهذه الأزمة. سرعان ما أغلق الألمان حدودهم وحظروا تصدير المعدات الطبية، وأنا لا أتحامل ضدهم، لقد عملوا على حماية نظام الرعاية الصحية وشعبهم.. الاتحاد الأوروبي عديم الفائدة، أورسولا فون دير لين، رئيس المفوضية الأوروبية، مقتصرة على نشر مقاطع فيديو لترينا كَيف نغسل أيدينا.." هكذا يلخص الوضع الحالي من قبل فلوريان فيليبو، رئيس حزب "المواطنين" الفرنسي، الداعم لمبادرة "FREXIT" (خروج فرسا من الاتحاد الأوروبي).
ستنتصر البشرية على وباء "كورونا"، عاجلا أم آجلا، لكن الدروس المستخلصة من تدبير العالم لهذه الظرفية الاستثنائية، سيوضح الرؤية أكثر حول مستقبلها..#DistantiMaUniti (بعيدون لكن متحدون).