بعد اعتراف فرنسا وألمانيا بجرائمهما في إفريقيا.. هل تعترف إسبانيا بجريمة إلقاء الغازات السامة على شمال المغرب؟

 بعد اعتراف فرنسا وألمانيا بجرائمهما في إفريقيا.. هل تعترف إسبانيا بجريمة إلقاء الغازات السامة على شمال المغرب؟
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
السبت 29 ماي 2021 - 12:00

بعد عقود من التماطل، أقدمت كل من فرنسا وألمانيا بشكل متزامن، على الاعتراف بجرائمهما في إفريقيا وتقديم اعتذار رسمي ووعود بمساعدة البلدان التي ضاقت من ويلات استعمارهما الإمبريالي الذي تسبب في مصرع الآلاف من الأفارقة ظلما وعدوانا.

وشهدت العاصمة الرواندية كيغالي، أول أمس الخميس، زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي اعترف في خطاب موجه للروانديين بحضور رئيس البلاد بول كاغامي، بمسؤولية فرنسا في المجازر التي عرفتها رواندا سنة 1994 والتي راح ضحيتها 800 ألف شخص من التوتسي.

واعترف ماكرون في خطاب ألقاه عند النصب التذكاري لضحايا تلك الإبادة الجماعية، بمسؤولية فرنسا في المجارز التي راح ضحيتها 800 ألف شخص من التوتسي على يد الهوتو، بسبب الدور الذي لعبته فرنسا، والذي كان سببا في الخلاف والقطيعة مع رواندا لأكثر من 25 سنة، قبل إعادة تطبيع العلاقات من جديد.

من جانبها، أعترفت ألمانيا أمس الجمعة، ولأول مرة في تاريخها، بارتكابها لـ"إبادة جماعية" ضد شعب هيريرو وناما في ناميبيا، خلال احتلالها لهذا البلد، ما بين 1884 و 1915، حيث قُتل على يدها أكثر من 60 ألف شخص من شعب هيريرو وأكثر من 10 آلاف شخص من شعب ناما، بعد ثورة قام بها هؤلاء دفاعا عن أراضيهم الفلاحية من الاستغلال الألماني.

وتعهدت ألمانيا بعد اعترافها بالجرائم الوحشية التي ارتكبتها ضد قبائل ناميبيا، بتقديم مساعدات تنموية لفائدة نامبيبيا تُقدر قيمتها بمليار يورو، سيتم تقديمها على مدى 30 سنة قادمة، معلنة أنها ستسعى أن يكون أحفاد الضحايا هم المستفيدون الأوائل من هذه المساعدات.

هذا ولا تُعتبر فرنسا وألمانيا، البلدان الأوروبيان الواحيدان المسؤولان عن جرائم إبادة جماعية وارتكاب جرائم حرب في حق الملايين من الشعوب الإفريقية، بل توجد إلى جانبهما دول أخرى، كبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا، وكان المغرب من بين البلدان الإفريقية التي عانت من ممارسات إجرامية من طرف المستعمر الإسباني في عشرينيات القرن الماضي.

ولازالت قضية إلقاء القوات الجوية الإسبانية لغاز "الخردل" السام على المناطق الريفية بشمال المغرب، من أبرز القضايا الشائكة التي لم يتم إعطائها الاهتمام "الرسمي" الكافي من المغرب ولا من إسبانيا، بالرغم من النداءات المتكررة لمنظمات حقوقية وإنسانية تُطالب بتحديد مسؤولية الاستعمار الإسباني في ارتكاب جرائم حرب ضد سكان شمال المغرب.

وتؤكد مصادر تاريخية عديدة إقدام إسبانيا على استعمال الغازات الكيماوية السامة في شمال المغرب، من أجل القضاء على المقاومة الضارية للمقاومين المغاربة بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي، الذي كان قد تسبب في أفدح هزيمة تاريخية للجيش الإسباني في العصر الحديث، عندما أسقط أكثر من 13 ألف جندي إسباني في معركة أنوال سنة 1921 بجيش غير نظامي لا يتعدى عناصره 3 آلاف مقاتل.

وتحول المقاومون المغاربة بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى سد منيع أمام محاولات الاستعمار الإسباني للتوسع في شمال المغرب، لتضطر القوات الإسبانية للاستعانة بأساليب "إجرامية" ومحرمة دوليا للقضاء على المقاومة المغربية، من بينها نهج أسلوب الأرض المحروقة، وقصف مناطق المقاومة بالغازات السامة خلال الغارات الجوية، ابتداء من سنة 1924، مما دفع بزعيم المقاومة، محمد عبد الكريم الخطابي لتسليم نفسه للقوات الفرنسية سنة 1926 حقنا لدماء السكان.

وتتحدث تقارير ودراسات إسبانية وألمانية، عن وجود تنسيق بين إسبانيا وألمانيا، لاستعمال الغازات السامة للقضاء على المقاومة المغربية في شمال المغرب، حيث حصل الاستعمار الإسباني على غاز الخردل من ألمانيا، الأمر الذي يشير إلى تورط ألمانيا بدورها في هذه الجريمة في حق المغرب وسكانه في الشمال.

وفي الوقت الذي تقدمت فرنسا وألمانيا للاعتراف بجرائمهما في ناميبيا ورواندا، يبقى السؤال المطروح، هو متى تعترف إسبانيا بجرائمها في شمال المغرب؟ خاصة أن منطقة الريف، لازالت إلى اليوم تعاني من تبعات الغازات السامة، حيث تنتشر مختلف أنواع السرطان في هذه المنطقة، وتُسجل أرقاما مرتفعة مقارنة بباقي مناطق المملكة المغربية.

النظام الجزائري.. أسير الشيخوخة وإرث الماضي وأحقاده

حين بث التلفزيون الرسمي الجزائري مشاهد استقبال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لنظيره الرواندي بول كغامي، يوم 3 يونيو 2025، كان في حقيقة الأمر، ودون أن يدري، يضع الرَّجُلين في ...