بعد الإعلان عن دخوله نادي "الدول النووية".. المغرب يَعتمد على الخبرة الروسية والرواسب الهائلة من اليورانيوم الموجودة في الفوسفاط

 بعد الإعلان عن دخوله نادي "الدول النووية".. المغرب يَعتمد على الخبرة الروسية والرواسب الهائلة من اليورانيوم الموجودة في الفوسفاط
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 1 دجنبر 2023 - 22:45

في إطار مساعيه للتقليل من التبعية الطاقية للخارج، تمكن المغرب من ضمان مقعده ضمن نادي الدول النووية السلمية، ليس فقط بفضل الاستثمارات الضخمة التي خُصصتها الدولة لهذا القطاع، سيما على مستوى الطاقة الشمسية والريحية وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وفق ما أكده رافائيل ماريانو جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو يُعلن انتقال المملكة عمليا نحو بناء مفاعل نووي مغربي محتمل بعد العام 2030، لكن أيضا بفضل الشراكة "المتينة" مع روسيا باعتبارها الدولة الرائدة عالميا في المجال.

ولم يكن مفاجئا، خروج المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بتصريح على هامش المعرض النووي العالمي في باريس، قال فيه إن المغرب يوجد ضمن 12 دولة من المتوقع أن تصبح "دولا نووية" حيث ستشرع في إنتاج الكهرباء بالاستعانة بمصادر الطاقة النووية خلال السنوات القليلة المقبلة، مشدّدا على ضرورة مضاعفة عدد المفاعلات النووية في العالم البالغ حاليا نحو 400 مفاعل، لتسهيل تنزيل توصيات اتفاقية باريس للمناخ.

وسجّل المتحدث، وجود 10 دول في الوقت الحالي، دخلت عمليا مرحلة اتخاذ القرار لبناء محطات للطاقة النووية، و17 دولة أخرى في مرحلة التقييم؛ لكن سيكون هناك نحو 12 أو 13 دولة نووية جديدة في غضون سنوات قليلة، من بينها المغرب، الذي أبدى "نية جدية ومسؤولة للدخول في تعاون مكثف في أفق تقوية وتمتين إمكاناته في المجال النووي، سواء الأمنية أو التقنية"، وفق ما جاء في الموقع الرسمي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي أشار إلى وجود توقعات بأن المملكة المغربية من المحتمل أن تنتقل عمليا نحو بناء مفاعل نووي مغربي محتمل بعد العام 2030.

ومُنذ حصوله عام 2016 على الموافقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لأجل مباشرة العمل على وضع برنامجه النووي السلمي، سار المغرب بخطوات ثابته في تسريع أوراش الانتقال الطاقي لتجاوز الكهرباء المنتجة من الطاقات الأحفورية الملوثة، والوفاء بتعهداته الأممية عبر الاستجابة التقنية والإدارية والقانونية والأمنية والتدبيرية، وتمكين كفاءاته البشرية وتثمين التجربة العلمية لإطلاق البرامج المماثلة، لاعتمادها في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه.

ويراهن المغرب بالدرجة الأولى على علاقاته بموسكو الرائدة في هذا القطاع، حيث أبرم في أكتوبر 2022، اتفاقية للتعاون في مجال استخدام الطاقة النووية، ووقعت الاتفاقية عن الجانب الروسي شركة "روساتوم" الحكومية المتخصصة في الطاقة النووية، وبموجب هذا الاتفاق "تساعد روسيا المغرب على إنشاء وتحسين البنية التحتية للطاقة النووية، وتصميم وبناء المفاعلات النووية"، كما "تقدّم روسيا المساعدة للمغرب من أجل التنقيب عن رواسب اليورانيوم وتطويرها ودراسة قاعدة الموارد المعدنية في البلاد، وتدريب الكوادر العاملة في محطات الطاقة النووية".

ووقعت الشركة  الروسية المختصة ذاتها، في مجال صناعة الطاقة النووية والطاقات البديلة، في يوليوز الماضي أيضا، اتفاقا مع الشركة المغربية “Water & Energy Solutions” لتنفيذ مشاريع لتحلية مياه البحر، انطلاقا من ذات التوجه المتصل باعتماد النووي لغايات سلمية، بشكل يساهم في مخطط المغرب لتوفير 1,3 مليارات متر مكعب من المياه سنويا.

ويرى البروفسور عبد الصمد الملاوي، الخبير الدولي في الطاقة أن المساعدة التي تُقدّمها روسيا للمغرب، بموجب الاتفاقية الأخيرة التي تم توقيعها في إنشاء وتحسين البنية التحتية في تصميم وبناء محطات نووية بقدرة 1,6 جيكاوات بالإضافة إلى محطات تحلية مياه البحر عن طريق الكهرباء المنتجة من خلال هذه المحطة النووية بالإضافة إلى الاستغلال العلمي والتقني للمحطة في الدراسة والبحث وتفعيل المفاعلات النووية السلمية، هي مساعدة "قيّمة حقا".

الخبير الدولي، وفي تصريح لـ "الصحيفة"، قال إن روسيا وبموجب العلاقات الطيبة التي تربطها بالمغرب تلعب دورا جوهريا عن طريق هذه الاتفاقية في التنقيب على رواسب اليورانيوم وتطويرها خصوصا أن المملكة تتوفر على كمية مهمة من الفوسفاط وبالتالي هذا سيسهم في تأهيل العنصر المهم المستعمل في التقنية النووية في هذه المحطات بالإضافة إلى أن موسكو تعهدت أيضا بتدريب العاملين في المحطات النووية باعتبارها دولة رائدة في هذا الباب، ولديها السبق عالميا في إنشاء المحطات النووية سواء ذات الاستعمال الكهربائي أو الأخرى المعروفة.

وفي رده على سؤال "الصحيفة"، حول احتمالية نشوء مخاطر أمنية مصاحبة لهذه المشاريع سيّما في ظل التحديات الأمنية في المنطقة، لم يستبعد الملاوي، حدوثها ولو للاستعمال السلمي، ليضيف موضحا: "المغرب منخرط في الاتفاقيات الدولية التي تحد من هكذا استعمالات غير سلمية إلا أنه بإمكانه في إطار التعاون الدولي واستعمالات محددة سلمية وعلمية أن يكتسب مثل هذه المحطات رغم أن هناك مخاطر فنية قائمة يمكن أن تكون إفلاتات أو كوارث نووية مصاحبة أو أخطاء في المعدات كما تبث الأمر في مجموعة من المحطات دوليا بالإضافة إلى المخاطر الأمنية التي من الممكن أن تتعرض لها المحطة النووية عن طريق الهجمات والمخاطر البيئية التي تسببها المحطات من خلال الاشعاع والتلوث".

وأضاف أن "الطاقة النووية هي من الطاقات غير المتجددة، نظرا لأنها تخلف عددا من الإشعاعات المضرة بالانسان والبيئة لذلك توجد نداءات دولية للاستثمارات في الطاقات البديلة، والمغرب هو في إطار الاستراتيجية الوطنية يعمل على تنويع المصادر الطاقية والوفاء بتعهداته الاقتصادية والبيئية وتوجد المعاهدات التي تربطه بالدول وتحتم عليه الحذر من هكذا محطات إلا في الاستعمالات المحدودة ذات الانتاجية الضعيفة أو الاستعمالات المرتبطة بالبحث العلمي."

بالمقابل، يرى البروفسور والخبير الدولي في الطاقة، أن المغرب وكذا الدول الأفريقية ستجني الكثير من الفوائد بالنسبة لمشاريع بناء محطة النووية السلمية، إذ سيتمكن من إنتاج الكهرباء بالدرجة الأولى وهي المسألة التي سيعتمد عليها المغرب للحد من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون المعتمد على توريد الكهرباء عن طريق الطاقات الأحفورية الملوثة.

 وكان المغرب قد تعهد في إطار اتفاقية الإطار ومحطات كوب 22، بالحد حد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بحوالي 45,5 في المائة، "وبالتالي هو يعول على جميع التقنيات التي تنتج الكهرباء سواء الخضراء أو مصادر أخرى بعيدة عن المصادر الأحفورية".

وتأتي هذه البادرة المغربية بخصوص الطاقة النووية السلمية، حسب البروفسور الملاوي، "من بين البدائل التي يمكن المملكة أن تعتمدها للحد من انبعاثات الغازات الدافئة والوفاء بتعهداته البيئية، بالإضافة إلى أنه ستمكن المغرب من زيادة الأمن الطاقي الوطني على اعتبار أن المغرب يستورد تقريبا 90 في المائة من الانتاج والمصادر الطاقية من الخارج.

وأشار المتحدث، إلى أن التغييرات الجيواستراتيجية والسوق الدولية تؤثر بشكل مباشر على الاحتياجات الوطنية، وبالتالي، هذه المحطات يسعها أن تؤمن المصادر الطاقية خصوصا الكهربائية التي هي قلب الاستعمالات اليومية والتجارة والصناعة الوطنية، بالإضافة إلى أن مثل هكذا محطات نووية سلمية ستمكن من تعزيز التنمية الاقتصادية التي تمكنن من الاستثمار في عدة مجالات إلى جانب تمكن من التموقع دوليا لأن امتلاك هذه التقنية ستمكن المغرب من اللعب دور أساسي خصوصا عند بعض الدول الافريقية الفقيرة ليساعدها في إنشاء محطات مماثلة في إطار التعاون جنوب جنوب وسياسة رابح رابح.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

قسوة الفراغ!

صُور غارقة في الألم تلك التي تأتينا من مدينة الفنيدق على مدخل سبتة المُحتلة، حيث يتجمهر المئات من المغاربة ومعهم مهاجرين من تونس والجزائر ومن دول جنوب الصحراء، أغلبهم أطفال ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...