بعد المصالحة السعودية القطرية.. خيار "عدم الانحياز" يثبت نجاعته ويُكسب المغرب احترام الخليج

 بعد المصالحة السعودية القطرية.. خيار "عدم الانحياز" يثبت نجاعته ويُكسب المغرب احترام الخليج
الصحيفة – حمزة المتيوي
الثلاثاء 5 يناير 2021 - 11:35

بإعلان وزير الخارجية الكويتي، أحمد ناصر المحمد الصباح، يوم أمس الاثنين، اتفاق المملكة العربية السعودية وقطر على توقيع اتفاق مصالحة بينهما وإعادة فتح الحدود البرية والجوية والبحرية، تكون دول الخليج قد اقتربت من طي صفحة أزمة عمرت لثلاث سنوات ونصف اختارت خلالها دول عربية الاصطفاف مع جهات ومعاداة غيرها، في حين فضلت دول أخرى الإبقاء على علاقاتها جديةً مع الجميع وعدم تحمل وزر خصومة مصيرها الزوال، وهو الجانب الذي اختار المغرب التموقع فيه.

ومنذ بداية الأزمة في 5 نونبر 2017 أظهرت المملكة، البعيدة جغرافيا عن دول الخليج والقريبة منها تاريخيا بمنطق السياسة والمصالح المشتركة، أن تعلن "الحياد الإيجابي"، بل وأن تعرض وساطتها على "الأشقاء المتخاصمين" في سبيل إيجاد حل يعيد للصفين الخليجي والعربي وحدتهما، وهو الأمر الذي كلف الرباط، رغم ذلك، صداما غير مسبوق مع السعودية والإمارات، لكنه في نهاية المطاف أظهر أن خيارها كان الأكثر حكمة.

ثمن رفض الاصطفاف

واختار المغرب منذ الأيام الأولى للأزمة عدم الاصطفاف إلى جانب طرف ضد آخر، وهو ما عبر عنه بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية حينها والذي أكد أنه "بالنظر للروابط الشخصية المتينة، والأخوة الصادقة، والتقدير المتبادل بين الملك محمد السادس وأشقائه ملوك وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي، وأخذا بعين الاعتبار للشراكة الاستراتيجية المتميزة مع دول المجلس، فإن المملكة المغربية حرصت على عدم الانزلاق وراء التصريحات واتخاذ المواقف المتسرعة، والتي لا تقوم سوى بتأجيج الاختلاف وتعميق الخلافات"، كاشفا أيضا عن إجراء العاهل المغربي "اتصالات موسعة ومستمرة مع مختلف الأطراف المعنية بالأزمة الخليجية".

إلا أن هذا الأمر لم يكن مستساغا لكل من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، اللذان كانا يسعيان وراء موقف مغربي مشابه لنظيره المصري الذي أعلن الخصومة الصريحة والقطيعة النهائية مع قطر، الأمر الذي بلغ حد الوقوف أمام مصالح المغرب عدة مرات، على غرار التصويت ضد ملف ترشحه لاحتضان كأس العالم 2026 في اجتماع الفيفا بروسيا سنة 2018، ثم معاكسة الوحدة الترابية للمغرب عبر وسائل الإعلام التي أدت إلى قطيعة دبلوماسية غير مسبوقة بين الرباط من جهة والرياض وأبو ظبي من جهة أخرى.

علاقة أقوى مع قطر

وفي المقابل، رفضت البقاء الرباط البقاء متفرجة على الإغلاق التام للمنافذ الحدودية حول قطر، خاصة وأن القرار المفاجئ الذي تصفه الرياض وأبو ظبي والمنامة بـ"المقاطعة" والذي تسميه الدوحة بـ"الحصار"، أتى في غمرة الاستعدادات لشهر رمضان ما كان يهدد الأسواق القطرية بأزمة تموين كبيرة، الأمر الذي دفع المغرب إلى إمداد القطريين بالسلع عبر خط جوي مباشر، لكن في نونبر من سنة 2017 كانت الخطوة الأكبر حين زار الملك محمد السادس الدوحة واستقبله أميرها تميم بن حمد وسط احتفاء كبير.

وعززت هذه القرارات العلاقات المغربية القطرية بشكل غير مسبوق، الأمر الذي بدا واضحا عقب تدخل القوات المسلحة الملكية لإعادة فتح معبر "الكركارات" الحدودي مع موريتانيا في نونبر الماضين إذ لم تكتف قطر بإعلان دعمها الصريح للمغرب عن طريق وزير خارجيتها، بل إن أميرها اتصل بالملك محمد السادس و"هنأه على ما أسفرت عنه من نتائج إيجابية بإعادة فتح المعبر أمام المرور الآمن للأشخاص والبضائع"، كما عبر عن مساندته للمملكة المغربية "فيما ترتئيه من إجراءات للدفاع عن سلامة وأمن أراضيها ومواطنيها"، وفق ما أورده ما بلاغ للديوان الملكي.

الخليج مع المغرب

وبمرور الوقت ومع تأكيد المغرب وقوفه إلى جانب جميع دول الخليج في أزماتها، على غرار السعودية التي أعلن وقوفه ضد "أي تهديد يستهدف سلامة أراضيها وسيادتها الوطنية"، عقب هجوم الحوثيين على منشآت "أرامكو" النفطية، استطاعت الرباط إعادة المياه إلى مجاريها مع جميع بلدان المنطقة، وكسب دعم خليجي موحد لقضاياها الاستراتيجية، وخاصة الدعم غير المسبوق للمملكة في مواجهة "البوليساريو" المدعومة مباشرة من الجزائر خلال عملية "الكركارات".

ووصل الدعم الخليجي لمغربية الصحراء مستويات أعلى، بافتتاح الإمارات العربية المتحدة لقنصليتها في مدينة العيون يوم 4 نونبر 2019، لتكون بذلك أول دولة من خارج قارة إفريقيا تقوم بهذه الخطوة، تلتها مملكة البحرين في 14 دجنبر 2019 التي افتتحت بدورها قنصليتها في العيون، في الوقت الذي يُنتظر فيه أن يفتح اتفاق المصالحة الذي سيوقع اليوم على هامش اجتماع مجلس التعاون الخليجي في مدينة "العلا" السعودية، المجال لدعم خليجي موحد وأكبر للمغرب قد يسفر عن افتتاح قنصليات أخرى ونقل استثمارات كبرى إلى مدن الصحراء المغربية. 

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...