بعد سنة على توقيعه.. مركز بحثي يسائل الحكومة عن مآل اتفاق الحوار الاجتماعي
رصد مركز بحثي في دراسة حديثة له حول موضوع: "شعار الدولة الاجتماعية في الميزان – قراءة في حصيلة السنة الاجتماعية الأولى_أبريل 2022-أبريل 2023" أوجه قصور الفعل الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022. معتبرا أن التوافق الإيجابي الذي تحقق في أبريل من سنة 2022 لم يدم طويلا، إما بسبب عدم مبادرة الحكومة إلى تنفيذ بعض الالتزامات المتوافق عليها، أو بسبب عدم انخراط الفرقاء في تنزيل المقتضيات ذات الصلة بإقرار السلم الاجتماعي ومأسسة الحوار الاجتماعي على المستوى الترابي وإقرار السلم الاجتماعي.
وعددت "نقطة يقظة" الصادرة عن مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، مناحي التأخر الحاصل في تنزيل مخرجات الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، باعتباره وثيقة مرجعية لمأسسة الحوار الاجتماعي بالمغرب، سواء تعلق الأمر التخلف عن إحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي كفضاء لترسيخ الثلاثية، وأكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل والمناخ الاجتماعي. إضافة إلى عدم إصدار التقرير السنوي حول المناخ الاجتماعي والذي كان مبرمجا في مارس 2023، والتخلف عن هيكلة اللجنة الجهوية للحوار الاجتماعي واللجنة الإقليمية، والتي يناط بهما دراسة وضعية مناخ الأعمال ووضعية المناخ الاجتماعي جهويا وإقليميا.
وفي ذات السياق، سجلت الورقة التي أعدها محمد طارق، أستاذ القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – المحمدية - جامعة الحسن الثاني - الدار البيضاء، على الحكومة عدم تفعيل مجموعة من المقتضيات ذات الصلة بتنزيل الاتفاق الاجتماعي لـ30 أبريل 2022، على مستوى القطاع الخاص، والذي ظل يعرف مشاكل بنيوية، اتفق الأطراف على معالجتها بشكل سريع وجذري، حيث لم تقدّم الحكومة أي عرض يهم تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتيسير عمل المرأة، وخاصة الالتزام بتخفيض كلفة الأجر الخاص بالعاملات والعمال المنزليين لدى مشغليهم، كما أنها لم تتمكن من إنشاء 100 حضانة سنويا، التي التزمت بإحداثها لفائدة عمال وعاملات المقاولات، عبر تخصيص منحة لبناء وتهيئة وتجهيز كل حضانة، هذا دون إغفال فشل الحكومة والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين معا في تحقيق تحدي 100 اتفاقية شغل سنويا على الأقل، حيث لم تتجاوز الحصيلة 16 اتفاقية شغل جماعية خلال هذه السنة الاجتماعية (12 اتفاقية خلال سنة 2022، و04 اتفاقيات خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2023).
وبخصوص القطاع العام، الذي حضي بنصيب وافر من النقاش داخل لجنة القطاع العام المنبثقة عن اللجنة العليا للحوار الاجتماعي، خاصة بعد سنوات من التضييق على الممارسة النقابية داخل الوظيفة العمومية، بحسب ما جاء في الدراسة، فقد توجت بالتزامات لم تستطع الحكومة تنفيذ جزء منها خلال السنة الاجتماعية (2022 – 2023)، ومنها: التأخر في إقرار الزيادة العامة في الأجور، حيث لم تستطع الحكومة التوافق مع الشركاء الاجتماعيين على أجرأة هذا الالتزام خلال دورة شتنبر 2022، ناهيك عن عدم الحسم في مراجعة نظام الضريبة على الدخل، وذلك من خلال مراجعة الأشطر ونسب الضريبة، إذ لم تتمكن الحكومة من إقراره بموجب قانون المالية للسنة المالية 2023.
وقد سجل المركز البحثي تطلعه إلى جولة أبريل 2023 بوصفها فرصة لتقييم حصيلة السنة الاجتماعية (أبريل 2022 – أبريل 2023)، ولحظة أساسية ستتيح للنقابات عرض مجموعة من المشاكل التي تعاني منها الطبقة الشغيلة، وفي مقدمتها ضرورة تحرك الحكومة لاستتباب الأمن الغذائي الوطني وعودة أثمان المواد الأساسية إلى مستوياتها السابقة، عبر اعتماد آليات لتخفيض الأسعار، ودعم القدرة الشرائية للأجراء، والتسريع بتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، والحوار الاجتماعي فضاء كذلك لسماع صوت الاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي يطالب الحكومة باستعجالية التدخل لحماية المقاولة المغربية في هذه الظرفية الدولية والوطنية، وبتسريع إخراج القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات، وستكون الحكومة ملزمة قبل تاريخ 30 أبريل 2023 بتقديم أجوبتها في خضم سياق وطني موسوم بالعديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، أبرزها ضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية والتحكم في التوازنات المالية مع الحفاظ على دينامية الاقتصاد وتعزيز مناعته وقدرته على الصمود في ظل طرفية عالمية سمتها الأبرز توالي الأزمات والصدمات، مقابل إقرار السلم الاجتماعي، بما يجعل من الحوار الاجتماعي آلية في خدمة الدولة الاجتماعية.
هذا وخلصت الورقة إلى جملة من التوصيات دعت إلى ضرورة فتح ورش استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بتشريعات العمل، عبر تفعيل دور لجنة تشريعات العمل المنصوص عليها في الميثاق الوطني لمأسسة للحوار الاجتماعي، والتي تحتاج إلى طلب الدعم التقني من منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية، بما يضمن التطبيق السليم لاتفاق 30 أبريل 2022، وفعلية شعار الدولة الاجتماعية الذي يروم في جوهره جعل المواطن ضمن الأولويات الكبرى في مسلسل الإصلاح، من خلال ترسيخ مبادئ التضامن والتكافل والتآزر الاجتماعي.