بعد 45 سنة من عداءٍ جزائري للمغرب أنهك المنطقة.. الرباط "تقبل" صفقة ترامب في قضية الصحراء

 بعد 45 سنة من عداءٍ جزائري للمغرب أنهك المنطقة.. الرباط "تقبل" صفقة ترامب في قضية الصحراء
الصحيفة - حمزة المتيوي
الجمعة 11 دجنبر 2020 - 12:00

رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مغادرة موقعه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية دون الكشف عن مفاجأة كبيرة من شأنها أن تحدث تغييرات ملموسة على معالم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بعد أن وقع مرسوما رئاسيا بأثر فوري يعترف بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية، مؤكدا للملك محمد السادس، عبر اتصال هاتفي أمس الخميس، أن واشنطن ستبدأ تجسيد هذه الخطوة بافتتاح قنصلية لها بمدينة الداخلة.

وتزامن هذا الإعلان مع إعلان آخر صادر عن الرئيس الأمريكي يؤكد فيه أن الرباط وافقت على تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بموجب اتفاق توسطت فيه واشنطن وهو الأمر الذي أكده أيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وصف الأمر بـ"السلام التاريخي"، في الوقت الذي اتصل فيه الملك محمد السادس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، ليبلغه بأن "عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربية الصحراء لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة"، مجددا تأكيده على اقتناع الرباط بحل الدولتين".

وتأتي هذه الخطوة تأكيدا للتسريبات الدبلوماسية التي سبق أن كشف عنها موقع "أكسيوس" الأمريكي في فبراير الماضي، والذي أورد أن تطبيع العلاقات الدبلوماسية المغربية الإسرائيلية قد يعني أيضا حلا لقضية الصحراء، وهو الأمر الذي يتقاطع مع التطورات الأخيرة في مواقف المنظم الدولي من هذا الملف، عبر افتتاح العديد من القنصليات بالأقاليم الصحراوية واعتماد مجلس الأمن لمشروع القرار الأمريكي بشأن الصحراء في 30 أكتوبر الماضي، الذي لم يأت على ذكر استفتاء تقرير المصير كحل للملف.

وخلال العامين الأخيرين بدا أن المغرب يعمل جاهدا على وضع حد نهائي لمشكلة الصحراء التي استمرت طيلة 45 عاما، النية التي اتضحت عبر "دبلوماسية القنصليات" منذ افتتاح أول واحدة بمدينة العيون في دجنبر 2019 ويتعلق الأمر بالتمثيلية الدبلوماسية لجمهورية جزر القمر، لتتلوها 14 قنصلية إفريقية أخرى، ومؤخرا انضمت كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن وهايتي للقائمة كأولى الدول التي تفتتح قنصليات لها بالصحراء المغربية من خارج القارة السمراء.

وفي غمرة ذلك، كان المغرب يواجه تحديات ميدانية أخرى، عبر التهديدات المتواصلة لجبهة "البوليساريو" الانفصالية بالعودة إلى الحرب ووقف العمل باتفاق إطلاق النار الموقع مع الأمم المتحدة في 1991، وهي التهديدات التي بلغت ذروتها بقيام العشرات من عناصر البوليساريو بإغلاق معبر الكركارات الرابط بين المغرب وموريتانيا عن طريق التسلل إلى المنطقة العازلة، رغم مطالبة الأمم المتحدة لهم رسميا بالانسحاب، وهو ما أنهاه المغرب بعد 3 أسابيع بتدخل عسكري ميداني في 13 نونبر الماضي.

ويأتي قبول المغرب بالمقترح الأمريكي الذي يربط الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء بالتطبيع مع إسرائيل، عقب الجمود الكبير في الموقف الجزائري المستمر منذ عهد الرئيس الأسبق هواري بومدين واستمر في عهد 9 رؤساء دائمين ومؤقتين للجمهورية، آخرهم الرئيس الحالي عبد المجيد تبون المنتخب عقب حراك 2019، والذي لم يُبد أي إشارة لتغير لهجة الجزائر بخصوص هذا الملف حين أعلن خلال حفل تنصيبه أنه يعتبر ملف الصحراء "قضية تصفية استعمار".

ومنذ 1975 لم تنجح أي من الوساطات الإقليمية والدولية في دفع الجزائر إلى إعادة التفكير في جدوى دعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية، بما في ذلك وساطة الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي الذي سبق أن أكد أنه خلال فترة رئاسته عرض على جميع الدول المغاربية وضع قضية الصحراء "بين قوسين" والعمل على بناء الاتحاد المغاربي، وهو الأمر الذي وافقت عليه المغرب إلى جانب تونس وليبيا وموريتانيا فيما عارضته الجزائر وحدها.

وتأتي موافقة الرباط على المقترح الأمريكي كمحاولة لوضع حد نهائي للتهديدات المسلحة الصادرة عن جبهة البوليساريو، والتي كلفت المغرب أموالا طائلة طيلة 4 عقود ونصف من الصراع، انطلاقا من نفقات الحرب التي خاضها في السبعينات إلى غاية بداية التسعينات، ثم بناء الجدار الأمني العازل في الثمانينات وتكاليف صيانته ومراقبته المستمرة إلى غاية اليوم، ووصولا إلى النفقات السنوية للتسلح المستمرة في الارتفاع بشكل صاروخي منذ سنوات، حيث انتقلت من 84,26 مليار درهم سنة 2018 إلى 96,73 مليار درهم سنة 2019 ثم إلى حوالي 111 مليار درهم سنة 2020.

ويشكل العرض الأمريكي للمغرب أكبر "ضمان ديبلوماسي" تتوصل به الرباط بخصوص قضية الصحراء، حيث إن الرئيس الأمريكي أخبر الملك بتوقيع مرسوم رئاسي فوري الأثر يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، ويبدأ تجسيده من خلال فتح قنصلية بمدينة الداخلة، تقوم بالأساس بمهام اقتصادية، من أجل تشجيع الاستثمارات الأمريكية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يعني ضمنيا أن تهديدات "البوليساريو" ستكون موجهة أيضا للمصالح الأمريكية في الصحراء.

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...