بفضل استقراره السياسي ودفء مواطنيه، وسحر مدنه العتيقة.. المغرب يترسخ كأحد أفضل وجهات السفر الفردي في العالم لعام 2025

 بفضل استقراره السياسي ودفء مواطنيه، وسحر مدنه العتيقة.. المغرب يترسخ كأحد أفضل وجهات السفر الفردي في العالم لعام 2025
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأحد 6 أبريل 2025 - 12:00

في تصنيف دولي جديد يعكس جاذبية المغرب المتنامية على خريطة السياحة العالمية، صنف موقع متخصص في السفر المملكة المغربية ضمن قائمة أفضل الوجهات في العالم للسفر الفردي لسنة 2025، متفوقة بذلك على دول معروفة مثل فرنسا وفنلندا.

وحسب ما كشفه الخبير في السفر "ويل سارسن" من وكالة Riviera Travel، فقد حلّ المغرب في المرتبة الثامنة عالمياً ضمن هذا التصنيف، الذي يسلط الضوء على الدول التي توفر بيئة مثالية وآمنة وممتعة للمسافرين الذين يختارون خوض تجربة السفر الفردي، ما يؤكد من جديد المكانة المتقدمة التي باتت تحتلها المملكة على مستوى السياحة الثقافية، والتنوع الجغرافي، والتجربة الإنسانية التي تقدمها لزوارها.

واختار الخبير البريطاني مدينة مراكش كنموذج يعكس السحر المغربي الخالص، واصفاً إياها بأنها مدينة "مثالية لمن يرغب في التعمق في الثقافة المغربية الأصيلة"، فقد أشار إلى أن المدينة الحمراء تمثل نقطة التقاء بين التاريخ العريق والحياة اليومية النابضة، حيث تختلط روائح التوابل بألوان الأقمشة وصوت الحرفيين في الأسواق القديمة.

كما أوصى "ويل سارسن"، بزيارة ساحة جامع الفنا الشهيرة، القلب النابض لمراكش، حيث يتلاقى الزوار مع ثقافات متعددة داخل فسيفساء مغربية أصيلة، لافتا إلى أن الساحة، التي تُعد من أبرز رموز المدينة، تحتضن أكشاك الطعام التقليدي، وعروض الحكواتيين، والحرفيين، وتجار التحف، ما يجعل منها فضاءً حياً يختصر روح المدينة.

ومن بين أبرز العوامل التي ساهمت في منح المغرب هذه المرتبة المتقدمة، يشير التقرير إلى دفء العلاقة الإنسانية وكرم الضيافة الذي يتميز به السكان المحليون، وهي خصائص يؤكد التقرير ذاته أنها تنعكس بشكل واضح في تعامل المغاربة مع السياح، خاصة أولئك الذين يفضلون السفر بمفردهم، حيث يجدون ترحاباً وأماناً وتفاعلاً يسهل عليهم استكشاف البلاد براحة وطمأنينة.

ولم يكن تواجد المغرب في هذه القائمة مجرد حضور رمزي، بل جاء متقدماً على دول رائدة في قطاع السياحة مثل فنلندا التي حلت في المرتبة التاسعة، وفرنسا التي جاء في المركز العاشر ويعكس هذا الترتيب تحولاً في خريطة السفر الفردي، حيث باتت الوجهات ذات الطابع الثقافي والتجريبي تحظى بالأولوية على حساب الوجهات التقليدية.

أما صدارة القائمة فكانت من نصيب إسبانيا، التي وصفها التقرير بأنها بلد يقدم مزيجاً مثالياً للمسافرين الأفراد، من الشواطئ النابضة في برشلونة إلى العمق التاريخي والثقافي في غرناطة وإشبيلية، ما يمنح الزائر تجارب متنوعة في بيئة آمنة ومنفتحة.

وتضمنت بقية المراتب الأولى وجهات أوروبية أخرى مثل بحيرات إيطاليا، ومالطا، والنمسا، إضافة إلى مدن إيطالية أخرى، فضلاً عن ماديرا والبرتغال، التي شهدت أيضاً تزايداً في الإقبال على السفر الفردي.

يؤشر هذا التصنيف إلى تحول مهم في النظرة العالمية إلى السياحة في المغرب، من كونها وجهة تقليدية لقضاء العطل، إلى كونها بلدًا يقدم تجارب شخصية وثقافية متميزة تناسب المسافر الفردي الباحث عن الذات، أو عن مغامرة استكشافية فريدة، فالتنوع الجغرافي بين البحر والصحراء، والتعدد الثقافي بين الأمازيغية والعربية والأندلسية، يمنح المغرب بعدًا إنسانيًا وروحيًا لا يوجد في كثير من الوجهات الأخرى.

كما يعكس تزايد الإقبال على المغرب في هذا النوع من السياحة، نجاح السياسات الترويجية في السنوات الأخيرة، والتطور المتسارع في البنية التحتية السياحية، مع الحفاظ على الطابع المحلي الذي يعطي لكل مدينة هويتها الخاصة.

وفي هذا الإطار، يقول محمد بن الطالب، الخبير في السياسات السياحية ومسؤول سابق في المكتب الجهوي للسياحة بمراكش، إن تصنيف المغرب ضمن أفضل الوجهات العالمية للسفر الفردي ليس مجرّد رقم في قائمة دولية، بل هو ثمرة مسار طويل من التراكمات الثقافية والبشرية التي جعلت من المغرب بلدًا يجمع بين الحميمية والانفتاح، بين التقاليد الراسخة وروح العصر.

وأكد بن الطالبن في تصريح خصّ به  "الصحيفة"، أن الزائر الفردي لا يبحث فقط عن موقع جغرافي أو منشأة فندقية، بل يسعى إلى العيش داخل نسيج مجتمعي يشعر فيه بالأمان والانتماء ولو مؤقتًا، وهنا يتجلى تفوق المغرب.

وتابع المتحدث بالقول: "مراكش على سبيل المثال ليست فقط مدينة جميلة، بل هي فضاء روحي وإنساني يلامس وجدان الزائر من اللحظة الأولى الأسواق، الأزقة، الدفء الإنساني، التفاعل العفوي بين السكان والزائر، كلها عناصر تبني تجربة فريدة وخاصة جدًا للمسافر الفردي لهذا السبب نجد أن المغرب لا يُقاس فقط بجمال طبيعته أو تراثه، بل بقدرته على احتضان الزائر ودمجه في عمق الحياة اليومية."

ونبّه الخبير السياسي، إلى أن المملكة اليوم أمام فرصة حقيقية لإعادة صياغة الخطاب السياحي المغربي، وجعل من التجربة الثقافية والإنسانية محورًا أساسًا في الترويج، بدل الاكتفاء بالصورة التقليدية للسياحة الاستهلاكية، مضيفا: "المغرب يمكنه أن يصبح، إذا واصل هذا المسار، مرجعًا عالميًا في ما نسميه 'السياحة التحولية'، أي تلك التي لا تغيّر فقط نظرة الزائر للعالم، بل تغيّره هو نفسه من الداخل."

وتشير التقارير الدولية إلى أن السياحة الفردية تعرف طفرة عالمية غير مسبوقة، فقد كشف تقرير لمنصة "بوكينغ" أن حجوزات السفر الفردي سجلت ارتفاعًا بنسبة 34% خلال سنة 2023 مقارنة بعام 2022، وهو ما يعكس تغيرًا واضحًا في سلوك المسافرين، خاصة من فئة الشباب من جيل الألفية والجيل Z، الذين باتوا يبحثون عن رحلات شخصية، ذات طابع ثقافي وتجريبي، تُشبع فضولهم وتمنحهم مساحات لاكتشاف الذات والتفاعل مع المجتمعات المحلية.

من جهة أخرى، فقد عزز المغرب صورته كوجهة آمنة ومستقرة للمسافرين، إذ احتل المرتبة الأولى على الصعيد الإفريقي في مؤشر السلام العالمي لسنة 2023 (Global Peace Index)، متفوقًا على دول مثل تونس وجنوب إفريقيا ومصر، وتُعد هذه المعطيات عنصرًا حاسمًا في جاذبية الوجهات الفردية، حيث يحتل عامل الأمان أولوية مطلقة لدى المسافر المنفرد.

وفي سياق التحول الكبير الذي يشهده قطاع السياحة العالمي، يبدو أن المغرب ينجح بشكل متسارع في ترسيخ موقعه كوجهة مفضلة للمسافرين الأفراد.

الأرقام الصادرة خلال الأشهر الأولى من سنة 2025 تعزز هذا التوجه، حيث استقبلت المملكة حوالي 2.7 مليون سائح بين يناير وفبراير فقط، مسجلةً بذلك زيادة بنسبة 24% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

ويؤكد هذا الأداء الدينامية المتصاعدة للقطاع، خاصة بعد أن بلغ عدد السياح في سنة 2024 حوالي 17.4 مليون زائر، في سابقة تاريخية تجاوز فيها المغرب السقف الذي كان مبرمجًا بلوغه سنة 2026.

ويُجمع الفاعلون في المجال السياحي على أن هذا النمو النوعي لا يُقاس فقط بعدد الوافدين، بل بطبيعة التجربة التي بات المغرب يقدّمها لزواره فالسائح الفردي، الذي أصبح يمثل شريحة مؤثرة على مستوى القرارات السياحية الدولية، يجد في المدن المغربية الكبرى والتاريخية بيئة آمنة، دافئة، ومتنوعة، تسمح له بالاندماج والتفاعل والتجول دون وساطة، في تجربة تكاد تكون شخصية بامتياز.

وتتجاوب هذه المعطيات الميدانية مع خارطة الطريق الاستراتيجية التي أطلقتها وزارة السياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة للفترة 2023-2026، والتي تركز على تسويق المغرب كعلامة سياحية عالمية، منفتحة على الشرائح الجديدة من الزوار، لا سيما من يبحثون عن السياحة التحولية، أي تلك التي تُحدث فرقًا على المستوى الذاتي والثقافي والاجتماعي.

إن إدراج المغرب في تصنيف دولي مرموق كأحد أفضل 10 وجهات في العالم للسفر الفردي سنة 2025، ليس مجرّد تتويج رمزي، بل هو اعتراف بمكانة جديدة أخذت تتشكل تدريجيًا، في توازن بين الإرث والتجديد، بين الاستراتيجية والسيولة الاجتماعية، وبين الجاذبية السياحية والبُعد الإنساني العميق.

وفي ظل هذه المؤشرات، يبدو المغرب مرشحًا ليس فقط لاستقطاب مزيد من الزوار، بل ليكون نموذجًا إقليميًا في سياحة التجربة والمغزى، حيث لا يعود السفر مجرد تنقل، بل فعل لقاء، وتفاعل، وتحول.

مَعاركنا الوهمية

من يُلقي نظرة على ما يُنتجه المغاربة من محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنه أن يخلص إلى قناعة ترتقي إلى مستوى الإيمان، بأن جزءًا كبير من هذا الشعب غارق في ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...