بفضل نهجه الاستباقي.. المغرب يتصدر قائمة الدول غير المتأثرة بالإرهاب

 بفضل نهجه الاستباقي.. المغرب يتصدر قائمة الدول غير المتأثرة بالإرهاب
الصحيفة - خولة اجعيفري
الخميس 6 مارس 2025 - 9:00

جدد المغرب تأكيد حضوره كإحدى أكثر الدول أمنًا واستقرارًا، وذلك بتصدره قائمة الدول غير المتأثرة بالإرهاب ضمن مؤشر الإرهاب العالمي لسنة 2025، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام العالمي، وتحقيقه درجة صفر على المؤشر، ما يعكس نجاحه في تحصين أراضيه ضد أي تهديد إرهابي خلال عام 2024 رغما التهديدات المتكررة ويظل بذلك الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا التي تنعم بهذا المستوى من الأمن.

وهذا التصنيف الأممي، جعل المغرب يتقدم بست درجات مقارنة بالعام الماضي، ليحتل الرتبة 100 عالميًا، وهو ما يعكس مدى فاعلية النهج الأمني الاستباقي الذي تعتمده المملكة إذ لم تكتفَ بالتصدي للمخاطر المحتملة، بل تبنى مقاربة شمولية تجمع بين اليقظة الأمنية، والسياسات الوقائية، والتعاون الدولي، إلى جانب برامج محاربة التطرف وإعادة الإدماج، مما مكنه من تحصين نسيجه المجتمعي وتكريس ثقافة الاعتدال.

وفي الوقت الذي نجح فيه المغرب في تحييد أي تهديد إرهابي، لا تزال بعض دول المنطقة وفق التقرير ذاته تواجه مخاطر متزايدة، مما يعزز مكانة المملكة كركيزة للأمن والاستقرار في شمال إفريقيا، فقد جاءت مصر في المرتبة 29 عالميًا، حيث لا تزال تشهد بعض العمليات الإرهابية المتفرقة، خاصة في سيناء، رغم المجهودات الأمنية المكثفة.

 أما على المستوى الاقليمي والمغاربي فقد حلّت الجزائر، في المرتبة 42 عالميًا، إذ تواجه تحديات أمنية ناتجة عن نشاط محدود للجماعات المسلحة خصوصا على مستوى الجنوب وتندوف والحدود مع البرية مع دول الساحل، بينما جاءت تونس في الرتبة 43، تليها ليبيا في المرتبة 53، ما يعكس استمرار التهديدات الإرهابية في هذه الدول بنسب متفاوتة.

وعلى الصعيد العالمي، يظهر تقرير مؤشر الإرهاب 2025 أن الإرهاب لا يزال يشكل تحديًا في عدة مناطق، إذ شهدت بعض الدول ارتفاعًا في أعداد الضحايا، بينما نجحت دول أخرى في تقليص مخاطره بشكل ملموس، فيما تظل منطقة الساحل الإفريقي الأكثر تضررًا، حيث تستحوذ على 47% من إجمالي الوفيات الناتجة عن العمليات الإرهابية، مع تصدر بوركينا فاسو قائمة الدول الأكثر تضررًا بسبب تزايد الهجمات وسقوط عدد متزايد من الضحايا.

وتُظهر الإحصائيات السنوية لعمليات الاجهزة الأمنية، كيف أن المغرب وعلى مر السنوات بتعامل بحذر وجدية كبيرتين مع التهديدات الارهابية، إذ في نونبر من سنة 2024 أعلنت وزارة الداخلية أن المغرب تمكن من تفكيك أكثر من 200 خلية إرهابية منذ سنة 2002، وما بين فاتح يناير 2023 و30 شتنبر 2024 تم تفكيك 9 خلايا واعتقال 33 عنصرا في مدن مغربية عدة.

أما أرقام المديرية العامة للأمن الوطني الخاصة بسنة 2024، فتُظهر أنه في الشق المتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف والإشادة بالأعمال الإرهابية، أحالت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية هذه السنة على النيابة العامة المختصة 32 شخصا يشتبه في تورطهم في هذا النوع من القضايا، وذلك دون احتساب الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.

ومن بين الأشخاص الذين أحيلوا على القضاء في قضايا الإرهاب، وفق المصدر نفسه، جرى تقديم 5 من أجل الارتباط بخلية إرهابية بغرض الإعداد والتحضير لارتكاب أعمال إرهابية والإشادة بالإرهاب، و24 شخصا من أجل تحريض الغير على الالتحاق بتنظيمات إرهابية بالخارج، وشخصان اثنان من أجل الاشتباه في محاولة التخطيط لتنفيذ عمل إرهابي، وشخص واحد من أجل التهديد بارتكاب عمل إرهابي، والأخطر من ذلك هو أن شخصين اثنين من بين الموقوفين كانوا بالفعل بصدد التخطيط لتنفيذ "عمل إرهابي", وفق تقرير المديرية.

وفي ظل التوترات الأمنية التي تعصف بمنطقة الساحل والصحراء، يجد المغرب نفسه في مواجهة تحديات إرهابية متزايدة، حيث تسعى التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية، إلى إيجاد موطئ قدم داخل المملكة، مستغلة بذلك هشاشة الوضع الأمني في بعض دول الجوار، وتنامي النزعات المتطرفة في المنطقة.

وتشير المعطيات الأمنية، التي سبق وحصلت عليها "الصحيفة" من "البسيج" إلى أن المغرب بات هدفًا استراتيجيًا للتنظيمات الإرهابية، بالنظر إلى انخراطه القوي في جهود مكافحة الإرهاب على المستويين الإقليمي والدولي،  فبحسب مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، حبوب الشرقاوي، فإن تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية في الأشهر الأخيرة، وعلى رأسها خلية "الأشقاء الثلاثة"، يؤكد أن هذه التنظيمات تتبنى أجندة توسعية تهدف إلى اختراق التراب المغربي.

وهذه الخلايا الإرهابية لا تنشط بمعزل عن المخططات الكبرى لتنظيم الدولة، حيث كشف الشرقاوي أن أسلوب إدارة هذه الخلايا كان بمثابة مشروع استراتيجي لـ"ولاية التنظيم في الساحل"، يسعى إلى إنشاء فرع له داخل المغرب، وهو ما يتضح من التمويلات التي تلقتها بعض الخلايا، ومنهجية التدريب والدعم اللوجستي الذي كان يُوفر لها.

وإلى جانب التهديدات الخارجية، يواجه المغرب تحديًا آخر يتمثل في محاولات التنظيمات الإرهابية استقطاب عناصر محلية، وتوجيههم لتنفيذ عمليات إرهابية داخل البلاد، في حال تعذر التحاقهم بمعسكرات التنظيمات الإرهابية في مناطق أخرى، فوفقًا للمعطيات الأمنية، يُقدر عدد المقاتلين المغاربة المنضمين إلى ولايات تنظيم الدولة في الساحل وغرب إفريقيا والقرن الإفريقي بأكثر من 130 فردًا، بعضهم تولى مسؤوليات قيادية، لا سيما في مجال التخطيط للعمليات الخارجية.

ويحذر المسؤولون الأمنيون من أن التنظيمات الإرهابية بدأت تراهن على العناصر المتطرفة داخل المغرب، خاصة في ظل تصاعد جاذبية الخطاب المتطرف في بعض الأوساط، فيما يرى الخبراء أن هذا السيناريو يعكس استراتيجية التنظيم في تدويل العمليات الإرهابية، من خلال الدفع بالعناصر المتأثرة بفكره إلى تنفيذ هجمات محلية، دون الحاجة إلى الانتقال إلى معاقل التنظيم في مناطق النزاع.

ويُعزى تصاعد التهديدات الإرهابية في المغرب إلى التدهور الأمني في منطقة الساحل الإفريقي، التي باتت بؤرة رئيسية لنشاط الجماعات الإرهابية، فهذه المنطقة الممتدة عبر مالي والنيجر ودول مغاربية، تعاني من غياب الاستقرار السياسي والصراعات القبلية، إلى جانب ضعف سيطرة الحكومات المركزية على أراضيها، مما يجعلها بيئة مثالية لانتشار الجماعات الإرهابية، وتوسع شبكات الجريمة المنظمة.

ويشير المتحدث باسم المديرية العامة للأمن الوطني، بوبكر سبيك، إلى أن تنظيم الدولة يعتبر نفسه في موقع قوة بعد تمدده في الساحل والقرن الإفريقي، وهو ما يدفعه إلى تحديد المغرب كهدف جديد، في محاولة منه لتوسيع نطاق نفوذه، غير أن الضربات الاستباقية التي توجهها الأجهزة الأمنية المغربية حالت دون تحقيق التنظيم لمخططاته، إذ تم إحباط العديد من العمليات الإرهابية قبل تنفيذها، وكشف الخلايا النائمة المرتبطة به.

وأمام هذه التحديات المتصاعدة، يواصل المغرب تبني نهج أمني استباقي يرتكز على تفكيك الخلايا الإرهابية قبل تمكنها من تنفيذ مخططاتها، وذلك عبر تحليل دقيق للمعلومات الاستخباراتية، ورصد التحركات المشبوهة داخل وخارج البلاد، ويعتمد المكتب المركزي للأبحاث القضائية على تقنيات متطورة في تعقب الشبكات الإرهابية، بما في ذلك أجهزة كشف المعادن للبحث عن الأسلحة المحتملة، إلى جانب تعزيز التعاون الأمني مع الشركاء الدوليين والإقليميين لمواجهة الخطر المتنامي في منطقة الساحل.

ورغم  كل هذه التحديات، نجح المغرب حتى الآن في تحصين أراضيه من الهجمات الإرهابية، إلا أن استمرار الضغوط من قبل التنظيمات المتطرفة يتطلب مزيدًا من اليقظة والتأهب، لضمان بقاء المملكة واحة للأمن والاستقرار في محيط إقليمي مضطرب.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

نعيش أحلك سنوات المغرب سياسيا

يوم الخميس، 13 مارس الجاري، قرر الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا، حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في 18 ماي المقبل، وذلك بعد حجب الثقة عن رئيس الوزراء اليميني ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...