تأثيرات الجفاف على القطاع الفلاحي بالمغرب.. تراجع المحصول وتوجه نحو الاستيراد

 تأثيرات الجفاف على القطاع الفلاحي بالمغرب.. تراجع المحصول وتوجه نحو الاستيراد
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأحد 1 شتنبر 2024 - 21:00

تسبّب الجفاف غير المسبوق الذي تشهده المملكة في تراجع حاد على مستوى محصول الحبوب خلال الموسم الحالي، بلغ حوالي 43 في المئة، أي بما يقدر بـ31.2 مليون قنطار، مقارنة بـ55.1 مليون قنطار في الموسم السابق 2022-2023، ما يعزز التوجه نحو الاستيراد الذي من المرتقب أن يصل إلى مستويات قياسية خلال الموسم المقبل.

ووفق ما جاء في مذكرة صادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية، فإن هذا الانخفاض الملحوظ سجل على مستوى إنتاج الحبوب الرئيسية الثلاثة، إذ بلغ محصول المملكة من القمح الطري 17.5 مليون قنطار، و7.1 ملايين قنطار من القمح الصلب، و6.6 ملايين قنطار من الشعير.

ويندرج الموسم الفلاحي 2023-2024 في سياق مناخي جد صعب استمر لخمس سنوات، واتسم بشكل عام بتأخر تساقط الأمطار وتباينها وفق التوزيع الزمني للتساقطات المطرية، وهو ما أثر سلباً في وضع الزراعات الخريفية في كل المناطق المزروعة، كما تسبب التباين الكبير في درجات الحرارة الدنيا والقصوى التي عرفها الموسم في اضطرابات في دورات إنتاج المحاصيل، وارتفاع وتيرة تفاقم الإجهاد المائي في العديد من مناطق زراعة الحبوب بالمملكة.

ويشتكي مزارعو المملكة، من تأثير الجفاف الحاد على نموّ القمح في المناطق المعروفة تاريخياً بإنتاج وفير يتيح إمكانية تأمين جزء كبير من الحاجيات الوطنية، ما فرض التوجه نحو توفير بذور مقاومة للجفاف في عدد من المناطق بالموازاة مع توجه الدولة نحو رفع استيراد الحبوب خصوصاً القمح اللين.

وبلغ متوسط التساقطات المطرية الوطني إلى حدود 22 ماي 2024 حوالى 237 ملم، أي بانخفاض قدره 31% مقارنة بموسم عادي عند 349 ملم وبزيادة قدرها 9% مقارنة بالموسم السابق عندما بلغ نحو217 مليمترا في التاريخ نفسه.، فيما تبلغ نسبة ملء السدود للاستخدام الفلاحي على المستوى الوطني حوالى 31% مقابل 30% في الموسم السابق في التاريخ نفسه.

وتعليقا على ما سبق، قال المزارع بجهة الدار بيضاء سطات خالد غيلاني، لـ "الصحيفة" إن الجفاف لم يؤثر سلبا على كمية المحصول وجودته فقط، بل كان سببا مباشرا في ارتفاع المصاريف المصاحبة ككل، بعدما كان الهكتار الواحد يكلف حوالي 5000درهما، أصبح يكلف 10500 درهم، دون احتساب واقع غلاء الأسمدة الذي لم تحرك الحكومة بشأنه شيئا".

ويرى غيلاني أن الأرقام الصادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية، هي طبيعية وتترجم واقع ما تكبدوه خلال الموسم الزراعي الماضي في خضم نهاية قاحلة لفصل الشتاء، وهبوب رياح الشروقي والرياح الساخنة التي بلغت سرعتها أكثر من 70 كم/ساعة، و منعت بعض المحاصيل من التطور والنمو، قبل أن تعود في مارس موجة حر شديدة مع درجات حرارة عالية بشكل غير طبيعي تصل إلى 40 درجة مئوية، وأمطار غزيرة وتساقط البَرَد في نهاية شهر ماي، مما أدى إلى توقف الحصاد بشكل عام. 

وفي وقت يشهد المغرب مستوى مرتفعا من استهلاك الحبوب يقدر بحوالى 200 كيلوغرام من القمح للفرد سنويا، أي أكثر بثلاث مرات المعدل العالمي، وفق بيانات رسمية، وسط آمال بتوسيع نطاق استعمال البذور المقاومة للجفاف مع اعتماد المخطط الزراعي الجديد "الجيل الأخضر" (2020-2030)، تُراهن الحكومة مجددا على السوق الدولية للحبوب، من أجل تأمين الحاجيات الوطنية ومجابهة أي ارتفاع مرتقب في هذه المادة الأساسية، بالنسبة للمغاربة وهو ما بدأ تنزيله من خلال دعم المستوردين لتعزيز المخزون الوطني.

وبهذا الخصوص، قال رئيس فيدرالية تجار الحبوب، عمر اليعقوبي في تصريح لـ "الصحيفة"، إن التراجع في حجم الانتاج الوطني للحبوب بات مسألة "معهودة" بالنسبة للمتابعين للتطورات المرتبطة بالشأن الفلاحي في بلادنا خلال السنوات الأخيرة، مشدّدا على أن العجز المسجل في الإنتاج سيدفعنا مجددا إلى رفع مستوى الاستيراد من السوق الدولية، دون أن تتأثر الأسعار الوطنية أو الداخلية المتاحة أمام المواطنين".

وأوضح اليعقوبي في تصريحه، بأن الاستيراد بات الحل الرئيسي لتغطية الحاجيات الوطنية، في غياب أي مشاكل أو عراقيل مرتبطة بالاستيراد من السوق الدولية، لافتا إلى أن  "الأمور حاليا تحت سيطرة الدولة ولا يوجد أي تخوفات أو تأثير سلبي على المخزون الوطني".

وجوابا على سؤال "الصحيفة" حول الأسواق التي يتوجه إليها المغرب بالدرجة الأولى حاليا، سيما في ظل الحديث الدولي عن ارتفاع أسعار الحبوب بالنظر إلى الجفاف المسجل بروسيا ومعاناة فرنسا والبرازيل من الفيضانات، وكذلك معانات أوكرانيا هي الأخرى من تداعيات الحرب الدائرة، قال اليعقوبي: "إن المغرب عمد إلى نهج استراتيجية الانفتاح على مجموعة من الأسواق في أوروبا وخارج الاتحاد الأوروبي لتموين حاجياته من هذه المادة الأساسية ودون أن يتأثر مخزونه الوطني، كما أنه يستحضر في كل مرة واقع الجودة أكثر منه الكم، بدليل أنه ابتعد عن الاستيراد من فرنسا".

وتابع: " كنا نستورد بشكل كبير من فرنسا، لكن انخفاض الجودة بسبب ما قاسته في الأشهر الماضية دفعنا نحو أسواق أخرى هي أساسية بالنسبة لنا مثل روسيا، وأوكرانيا ألمانيا، ليتوانيا، روسيا، أسترااليا، بولونيا وغيرها من الدول التي تربطها علاقات تجارية مع المغرب".

وتجدر الاشارة، أن الانخفاض المُسجل على مستوى قطاع الحبوب بسبب الجفاف، لم يشمل قطاعات زراعية أخرى، وفق ما أوردته المذكرة الصادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية التي اطلعت عليها "الصحيفة"، ذلك أنها عرفت تطورا إيجابيا، إذ استفادت من الأمطار التي تزامنت مع مراحل الإزهار والإثمار، إذ يقدر محصول شمندر السكر بـ 1.5 مليون طن، وقصب السكر بـ330 ألف طن.

أما بالنسبة للزراعة الخضرية، فأشارت المذكرة أنه تم الحفاظ على مستويات مناسبة من الإنتاج، رغم الظروف المناخية الصعبة، وقدر إنتاج الخضراوات بنحو 8.4 ملايين طن، مسجلة في الوقت نفسه أن قطاع الثروة الحيوانية حافظ على توازنه بفضل التدابير المتخذة وبرنامج تقليل تأثير نقص الأمطار.

وفي ما يخص مجال الصادرات الزراعية والأغذية، تشير مديرية الدراسات والتوقعات المالية، إلى أن قيمتها بلغت 46.2 مليار درهم بنهاية النصف الأول من 2024، بانخفاض قدره 2.6% بسبب تراجع صادرات الصناعات الغذائية بنسبة 5.6% واستقرار صادرات منتجات الزراعة والغابات والصيد (+0.3%).

بالمقابل فإن قطاع الصيد الساحلي والحرفي، شهد بداية الربع الثالث من 2024 تطوراً إيجابياً في كميات الصيد من حيث الحجم والقيمة، بزيادة قدرها 102% في يوليوز 2024، مقارنة بزيادة 3.1% في العام السابق. وعُزيت هذه الزيادة بشكل أساسي إلى زيادة صيد الأسماك العائمة بنسبة 117%، وكذلك إلى زيادة في صيد الحبار (+45.4%)، والأسماك البيضاء (+66.9%)، والقشريات (+78.5%).

وفي السياق ذاته، أبرزت المذكرة أنه في نهاية الأشهر السبعة الأولى من 2024، زاد حجم صيد الأسماك الساحلية والحرفية بنسبة 4.2%، بعد انخفاض بنسبة 10.2% حتى نهاية يونيو 2024 و16.7% حتى نهاية يوليو 2023، كما ارتفعت قيمة هذه الصادرات بنسبة 7%، بعد انخفاض بنسبة 3.6% في النصف الأول من 2024 وزيادة بنسبة 8.6% في العام السابق.

الخطيئة الكبرى للدولة

ما حصل بتاريخ 15 شتنبر 2024، حينما تدفق آلاف القاصرين على مدينة الفنيدق رغبة في الهجرة غير النظامية إلى سبتة المحتلة، هو انعكاس صريح على فشل منظومة تربوية وتعليمية بكاملها، وإخفاق مؤلم في ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...