تجاهل دعوات إسبانيا لاستئنافه.. هل ينوي المغرب إنهاء التهريب بباب سبتة؟
في الوقت الذي كانت تنتظر فيه السلطات الإسبانية، استئناف نشاط التهريب المعيشي بمعبر تراخال 2 بباب سبتة مع بداية الأسبوع الجاري، وفق ما أعلنت عنه سابقا، قررت السلطات المغربية من جانبها إستمرار الإغلاق، ليبقى معبر التهريب المعيشي مُغلقا منذ 9 أكتوبر الماضي.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تُعلن فيه السلطات الإسبانية عن موعد فتح المعبر، ثم يقرر المغرب الإبقاء على المعبر مُغلقا، الأمر الذي دفع بعدد من متتبعي قضية التهريب بباب سبتة إلى طرح تساؤلات عن أسباب تجاهل المغرب لدعوات السلطات الإسبانية بإعادة فتح المعبر، وهل ينوي إنهاء التهريب المعيشي بشكل نهائي لا رجعة فيه.
ووفق ذات المتتبعين، فإن باب التهريب المعيشي لم يسبق أن ظل مغلقا لأزيد من شهر منذ عقود طويلة، ما عدا في فصل الصيف حيث يتم إغلاقه في فترة ذروة حركة عبور الجالية المغربية المقيمة بالخارج، من أجل تيسير عملية عبورهم بباب سبتة، وغالبا مدة الإغلاق لا تتجاوز شهرا كاملا.
المثير في الأمر الحالي، هو أن الإغلاق مستمر منذ أزيد من شهر، ويرافق هذا الإغلاق صمت من طرف السلطات المغربية، التي فسرت في بداية الإغلاق أنه بهدف القيام ببعض الإصلاحات من جانبها من المعبر، إلا أن هذه الإصلاحات لم يظهر لها أثر على أرض الواقع، والإغلاق طال أمده.
بعث رسالة إلى الإسبان
كثير من المتتبعين لشأن التهريب المعيشي، يرون في تجاهل المغرب لدعوات إسبانيا لفتح المعبر، إلى كون الأخيرة تستفرد بقرار تحديد موعد فتح المعبر، دون أي اتفاق مع السلطات المغربية، وقد كشفت الصحافة المحلية بسبتة هذا الأمر، حيث أكدت أن السلطات المحلية لم تجلس مع نظرائها المغاربة حول قضية إعادة فتح المعبر عندما أعلنت عن مواعيد فتحه.
وكانت الصحافة المحلية بسبتة سبّاقة إلى ترجيح عدم فتح المعبر في وقت قريب، بسبب عدم جلوس السلطة المحلية مع نظيرتها المغربية والخروج باتفاق جدي حول التاريخ الحقيقي لإعادة فتح باب التهريب، وبالتالي فإن هذا يفسر لماذا أخطأت السلطات الإسبانية مرتين في موعد فتح المعبر خلال الأسابيع الماضية.
ويذهب البعض إلى تفسير رفض المغرب فتح المعبر إلى كون المغرب يريد بعث رسالة واضحة إلى الإسبان، مفادها أنه بدون اتفاق ثنائي لن يكون هناك أي فتح للمعبر، وبالتالي فإن استمرار الإغلاق هو بمثابة "قرصة أذن" للسلطات الإسبانية لتنبيهها إلى هذا الأمر.
إنهاء التهريب المعيشي
فرضية إنهاء المغرب للتهريب المعيشي بشكل نهائي، تبقى قائمة بقوة لاستمرار إغلاق تراخال 2 من طرف المغرب طول هذه المدة، دون تحديد أي أجل لفتحه، خاصة أن هذا الإغلاق يأتي بعد عدة تحركات وتمهيد من طرف العديد من الجهات.
وكانت مدينة تطوان، قد شهدت في الأسابيع الماضية ندوة هامة حول أضرار التهريب المعيشي على الاقتصاد الوطني، وقد أجمع المشاركون في هذه الندوة، على أن إنهاء التهريب المعيشي أصبح أمرا ضروريا من أجل إنعسا الاقتصاد الوطني في مدن شمال المملكة.
رئيس الجمارك الذي كان مشاركا في الندوة، أكد في تدخله على أن السلطات المغربية عازمة بقوة على إنهاء التهريب المعيشي بباب سبتة، وإيجاد بدائل أخرى، وبالتالي فإن هذه كلها مؤشرات تزيد من فرضية إغلاق المغرب لباب التهريب المعيشي وإنهاء مشاكله بصفة نهائية.
نتائج إغلاق باب التهريب
بعدما كانت نسبة هامة من المواطنين المغاربة في شمال المغرب، تعتقد أن التهريب المعيشي يساهم في تقليص البطالة في هذه المناطق، ويساهم في إنعاش الحركة الاقتصادية بها، تفاجأ الجميع مؤخرا بأن الأكثر استفادة هو اقتصاد سبتة المحتلة والتجار الذين ينشطون في منطقة تراخال.
وظهر هذا بشكل كبيرا في الأسابيع الأخيرة، حيث تأثرت الحركة التجارية بشكل بالغ في مدينة سبتة، وأعلن عدد من التجار بأنهم مهددون بالإفلاس في حالة إذا استمر التهريب المعيشي، وطالبت العديد من الاتحاديات والجمعيات المدافعة عن التجار والعمال، بضرورة تحرك السلطات المحلية إلى إيجاد حل لهذه المعضلة قبل تفاقمها.
في الجانب المغربي، فإن الوضع الاقتصادي في المناطق المجاورة لسبتة، تأثر قليلا، خاصة في فئة التجار الصغار، كما أن عدد مهم من ممتهني التهريب المعيشي وجدوا أنفسهم في أزمة حقيقية في ظل استمرار إغلاق معبر التهريب، إلا أن الوضع حسب عدد من المتتبعين ليس بالسوء الذي عليه في الجانب الإسباني في سبتة المحتلة.
وطالب عدد من الفاعلين الجمعويين، وفي مقدمتهم مرصد الشمال لحقوق الإنسان، بضرورة إغلاق معبر التهريب المعيشي بباب سبتة بشكل نهائي، وإيجاد بدائل عاجلة لاستيعاب ممتهني التهريب، وبالتالي إنهاء "معبر الذل والموت" في باب سبتة إلى غير رجعة.