تعليق زيارة سانشيز للمغرب و"غموض" موعد فتح الجمارك التجارية.. يؤرق الإسبان ويُسائل تنزيل خارطة الطريق المشتركة
يبدو أن حالة "عدم اليقين"، تسرّبت إلى الأوساط الإسبانية، عقب استمرار إغلاق جمارك الجيبين، سبتة ومليلية، وتعليق الاجتماع المتوقع بين الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى أجل غير مسمى، وذلك على الرغم من التطور المهم الحاصل على الصعيدين الاقتصادي وملف الهجرة منذ "اتفاق المصالحة التاريخية".
ومن المرتقب أن يمثل رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز الأربعاء المقبل، أمام مجلس النواب لمسائلته بخصوص التصريحات التي عبّر عنها الشخصية الرابعة في هرم السلطة بالمغرب ورئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، والتي تحدثت عن إمكانية استعادة سبتة ومليلية في المستقبل من خلال المفاوضات، دون اللجوء إلى السلاح.
ولن يتطرق النواب الإسبان فقط لمسألة تصريحات ميّارة التي تتنافى والاتفاق المبرم بين المملكتين والقاضي على احترام سيادة كل واحدة منهما على أراضيها، بل سيُهم أيضا أسباب استمرار إغلاق جمارك التجارة لم تفتح رغم التحالف الإسباني المغربي الواعد الذي برز بعد تغيير مدريد لموقفها من قضية الصحراء المغربية العام الماضي، وكذا تعليق القصر الملكي المغربي للزيارة التي كانت مرتقبة لرئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز دون تحديد موعد قار لذلك.
ونقلت صحيفة "إل باييس" الإسبانية، أن رئيس الحكومة بيدرو سانشيز جلب الاستقرار للعلاقات الاقتصادية الثنائية، بحيث سجلت الصادرات من إسبانيا إلى المغرب رقماً قياسياً تاريخياً بلغ 11748 مليون أورو في العام السابق، بزيادة قدرها 23.6 بالمائة عن عام 2021، كما أوفى المغرب من جانبه بالتزامه بوقف تدفق المهاجرين السريين، إذ انخفض وصول المهاجرين غير الشرعيين من المغرب بنسبة 30 بالمائة في عام 2022.
وبالمقابل، يرى المصدر ذاته، أن المغرب يواصل إعاقة افتتاح الجمارك التجارية في سبتة ومليلية المعلن عنها في بداية شهر رمضان في عام 2022، عندما وصف سانشيز مبادرة الرباط بالحكم الذاتي بأنه "الأكثر جدية وواقعية ومصداقية" لإنهاء الخلاف حول الصحراء المغربية، ولم الشمل الدبلوماسي رسميًا في أبريل من العام الماضي في إطار خارطة الطريق الموقعة بين الملك محمد السادس وسانشيز.
ولفتت "إل باييس" إلى أن شهر رمضان سينتهي هذا الأسبوع، دون أن يحدد القصر الملكي بالرباط موعدًا واضحا للدعوة التي وجهها الملك محمد السادس إلى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في 1 فبراير لاستقباله "قريبًا" في المغرب.
وأورد المصدر ذاته، أنه في 1 و2 من شهر فبراير الماضي، قاد سانشيز الوفد الإسباني في الاجتماع رفيع المستوى بين البلدين الذي عقد في العاصمة المغربية، والذي يُعد أول قمة ثنائية منذ عام 2015، مشيرا إلى أن السفارة الإسبانية في الرباط وإلى حدود الساعة لا تتوفر على موعد مُقرر بشأن زيارة الرئيس الإسباني إلى المغرب.
ورفض الجانب المغربي في شخص وزارة الخارجية، والسلطات المسؤولة عن الجمارك، التفاعل مع أسئلة الصحيفة، بشأن موعد فتح الجمارك البرية مع إسبانيا التي كانت مقرّرة شهر يناير الماضي، بحسب ما أكدته "إل باييس" موردة أن جمارك مليلية، التي أغلقها المغرب في 2018، لم تُفتح من جديد، فيما في سبتة، لم يكن هناك مكتب جمركي على الإطلاق، ولم يتم الإعلان عن جدول زمني للافتتاح أيضًا ".
وكانت مخرجات الدورة الـ12 من الاجتماع رفيع المستوى المغرب-إسبانيا، قد نصّت على اتفاق البلدان على "مواصلة المضي قدماً بطريقة منظمة، مع التطبيع الكامل لحركة الأشخاص والبضائع، بما في ذلك المقتضيات الملائمة للمراقبة الجمركية ومراقبة الأشخاص على الصعيدين البري والبحري، أخذاً بعين الاعتبار خلاصات الاختبار النموذجي الذي تم القيام به في 27 يناير الماضي؛ ومواصلة هذه السلسلة من الاختبارات وفقاً للجدول الزمني المتفق عليه للتغلب على كل عراقيل محتملة".
وترى الصحيفة، أن التزام الرباط الصمت بشأن سبتة ومليلية وموعد فتح الجمارك الحدودية "يحبط توقعات الدبلوماسية الإسبانية، خاصة وأن الوضع الدولي ليس غير موات وإلى هذا الحد الذي يمنع تحديد التاريخ"، مشيرة إلى أن "الحكومة المغربية من جانبها تعمل الآن على تدليل العلاقات مع إسبانيا، من خلال الانتشار السريع لقوات الدرك عند سور سبتة والتراجع المفاجئ لميارة بخصوص تصريحاته المرتبطة بسبتة ومليلية".
وعدّد المصدر ذاته، أسباب هذا التدليل، موردا تفاقم الفجوة الخطيرة التي تمر بها العلاقات المغربية مع باريس، الحليف الأوروبي التقليدي للرباط، بسبب القيود المفروضة على منح التأشيرات من فرنسا بعد رفض المغرب قبول عودة رعاياها المبعدين بسبب الهجرة غير النظامية، فضلا عن قضية قطرغيت في البرلمان الأوروبي..، مضيفا: "الرباط واثقة من أنها ستتمكن من استعادة نفوذها الدبلوماسي المتدهور في بروكسل خلال الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام".
وكان وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، قد أرجع سبب تأجيل تنشيط المكتبين إلى ما وصفها بـ"الدواعي الأمنية"، إلى جانب "صعوبة ضبط حركية المعبرين في حال تم تنشيط المكتبين بشكل كامل منذ البداية"، مشدّداً على أن هذه العملية "يجب أن تتم بطريقة تدريجية"، بينما لم يحدّد الخطوات المقرّر اتباعها للوصول إلى التطبيع الكامل لحركة الأشخاص والبضائع.
وتعاني التجارة في المدينتين من الإغلاق، إذ لا يزال عبور البضائع يخضع لقيود جد صارمة ، دفعت التجار ورجال الأعمال والمجتمع المدني، والأحزاب السياسية في سبتة ومليلية، إلى توجيه دعوات متواترة لحكومة مدريد من أجل تبيّن وضع الثغرين والتحرك صوب حلحلة هذا الملف والتحدث صريحا عن حيثياته.