تعليق قرار الاستئناف حتى أجل "غير مسمى".. يُجهض أمل تمديد اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب ويدفع إسبانيا لاتخاذ إجراءات استعجالية
ينتهي بروتوكول اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب قبل ستة أيام فقط على الانتخابات التشريعية المرتقبة في الجارة الشمالية، في وقت بدأ الأمل الحكومي الإسباني يخبو في إمكانية تمديد اتفاق الصيد مع الرباط، وكل هذا يحدث دون أن تكشف الحكومة المغربية حتى الآن عن حيثيات "القاعدة الجديدة" التي تحدّث عنها وزير الفلاحة محمد الصديقي باعتبارها عُصارة الاجتماعات التقنية بين الطرفين الأشهر الماضية.
أمل إسباني مغربي مُجهض
تستبعد مدريد تمديد اتفاقية الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، كما تفترض أنه في 17 يوليوز موعد انتهاء العمل ببروتوكول الاتفاقية، والتي تأتي بعد أسابيع قليلة من تولي إسبانيا الرئاسة الدورية للاتحاد وتتزامن مع الانتخابات التشريعية المقبلة في البلاد، ستكون أكثر من 120 سفينة أوروبية ملزمة بمغادرة السواحل المغربية والعودة إلى الميناء إلى أجل غير مُسمى.
وفشل الاتحاد الأوروبي والمغرب في الوصول إلى بر اتفاق على الرغم من المفاوضات بين البلدين لأشهر، بحسب ما كشفه وزير الزراعة والثروة السمكية والأغذية الإسباني، لويس بلاناس، أمس الاثنين في قادس وفق ما نقلته صحيفة "إل باييس".
ونقلت الصحيفة، عن المسؤول الحكومي الإسباني قوله "يبدو أنه لسوء الحظ، لن تكون هناك فرصة للتفاوض على اتفاقية جديدة قبل انتهاء صلاحية بروتوكول الصيد الحالي"، في إقرار رسمي إسباني واضح بإمكانية عدم التجديد.
وتستبعد مصادر حكومية إسبانية، بحسب "إل باييس"، إمكانية تمديد الاتفاقية الحالية، كما حدث في عام 2011، عندما وافق المغرب والمفوضية الأوروبية على تمديد صلاحيتها لمدة عام واحد، حتى فبراير 2012، موردة أنه في نونمبر 2011، رفض البرلمان الأوروبي ذلك مما دفع الرباط إلى إصدار أمر بالخروج الفوري لأسطول الاتحاد الأوروبي من مناطق الصيد الخاضعة لسيطرتها.
شراكة "رابح رابح"
وتمتد الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في مجال الصيد البحري لما يزيد عن 30 سنة، جرى تنزيل خلالها سلسلة من الاتفاقات الثنائية والبروتوكولات التنفيذية المبرمة منذ 1988، فيما تم آخر تجديد في 2019 لفترة تمتد إلى صيف العام الجاري.
وبموجب الاتفاقية الحالية، تدفع بروكسل سنويا للرباط 52 مليون أورو مقابل 128 رخصة صيد للسفن الأوروبية، 92 منها إسبانية، من بينها 47 مع ميناء في الأندلس و38 في جزر الكناري وسبعة في غاليسيا، بغرض صيد جزء من الفائض المتاح، كما تلزم الاتحاد بالمساهمة في تمويل حكامة الصيد البحري وتنميته محلياً.
ويتم العمل وفق الاتفاقية، بنظام الحصص عندما يتعلق الأمر بالصيد الساحلي، حيث تصل الحصة إلى مائة ألف طن في السنة لبعض أنواع السمك، ويشترط إركاب البحارة المغاربة على متن سفن الاتحاد الأوروبي (ما بين 2 إلى 6 بحارة للسفينة)، وتفريغ نسبة من الكميات التي تصطادها في الموانئ المغربية (بين 25 و30 في المائة).
استعدادات إسبانية لفض الاتفاقية
وبمجرد استبعاد تمديد الاتفاقية المذكورة بين المغرب والتكتل الاقليمي، بدأت الأمانة العامة لمصايد الأسماك بالفعل على الاستعداد لخطة بديلة تقوم على مساعدة أصحاب السفن والصيادين الإسبان المتضررين من عدم التجديد.
وفي هذا الإطار، نبّهت الحكومة الإسبانية بحسب "إل باييس"، إلى أن هذه المساعدة لن تُمنح لجميع السفن المدرجة في الاتفاقية، ولكن فقط لتلك التي قامت بالفعل بالصيد بموجبها في العامين الأولين من سريان الاتفاقية الحالية، بحيث استفاد ربع الأسطول الذي يمكن أن يستفيد منها فقط من الترخيص، والسبب، حسب مصادر الجريدة في القطاع، هو أن الكثيرون يعتبرون أنه "ليس من المربح دائمًا الصيد مقابل الرسوم التي يجب دفعها للمغرب".
وبناء عليه، سيتم توفير مساعدات ودعم مالي لأصحاب السفن والصيادين الذين يمارسون الصيد في المياه المغربية ومن شأنهم التأثر بعدم تمديد اتفاقية مصايد الأسماك مع الاتحاد الأوروبي في غضون ستة أسابيع.
الكرة بين يدي المغرب والمفوضية
من جهة أخرى وبحسب بلاناس، حثت الحكومة الإسبانية المفوضية الأوروبية المختصة في هذا الشأن على التفاوض بشأن بروتوكول صيد جديد مع المغرب "في أقرب وقت ممكن" ليحل محل البروتوكول الذي ينتهي خلال ستة أسابيع. وأكد المسؤول الحكومي الإسباني: "نحن على اطلاع كامل بالمفاوضات ونتدخل فيها، ولكن يجب أن تكون المفوضية الأوروبية هي التي تتوصل إلى الاتفاق مع المغرب".
ومن المرجح، أن المغرب والتكتل الإقليمي الأوروبي لن يتمكنا من إبرام اتفاقية جديدة حتى يصدر حكم الاستئناف الذي قدمته المفوضية الأوروبية ضد حكم المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي والذي ألغى الاتفاقية السارية منذ عام 2019.
لا تاريخ محدد لصدور حكم الاستئناف
وحتى كتابة هذه الأسطر، لا حديث عن تاريخ محدد لصدور الحكم المذكور، بيد أنه من المتوقع أن يتم الإعلان عنه في وقت لاحق من هذا العام أو أوائل العام المقبل.
وكانت المحكمة الابتدائية الأوروبية، قد ألغت الاتفاقية الحالية في شتنبر 2021، لاعتبارات مرتبطة بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وعلى الرغم من ذلك ظلت الاتفاقية التجارية مع المغرب سارية المفعول إلى أن يتم الفصل في الاستئناف الذي قدمته المفوضية الأوروبية نفسها، بناءً على طلب إسبانيا، أمام محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من وجود اتصالات فنية بين المفوضية الأوروبية والرباط، إلا أن هذه المفاوضات لا تزال جامدة، في انتظار صدور قرار الاستئناف، وذلك في وقت بدأت الآمال الاسبانية تخبو شيئا فشيئا ما اضطرها للاستعداد لسيناريو عدم التمديد وتمكين صياديها من الدعم.
تفاؤل الحكومة المغربية
وكان وزير الفلاحة والصيد البحري محمد صديقي، قد أكد مطلع أبريل الماضي، دخول المغرب مفاوضات تجديد اتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي بقاعدة جديدة، معربا عن أمله الكبير في التوافق وتجديد الاتفاق. وأشار المسؤول الحكومي وقتها إلى أن "كل الاجتماعات التقنية بين المغرب والاتحاد الأوروبي تقام بصفة دائمة.. حين يصل أجل نهاية الاتفاق ويفتح الملف للنقاش سنعرف ما يجب أن نفعل. نحن مستعدون لأي احتمال " على حد تعبيره.
وأبرز المسؤول الحكومي، أن قطاع الصيد البحري في المغرب يتوفر على إمكانيات مهمة للتصدير والتثمين، وأن المغرب سيتفاوض بقاعدة أخرى بناءً على المؤهلات المتوفرة، وهو تأكيد على موقع القوة الذي يتفاوض منه في هذا الصدد.
الملك واضح: لا خطوة تجارية بدون الصحراء المغربية
وكان الملك محمد السادس، قد وجّه رسالة قوية في خطاب المسيرة الخضراء نونبر 2021، إلى من أسماهم أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، مفادها أن "المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية".
وقال الجالس على عرش المملكة، في خطاب المسيرة الخضراء، إن للمغرب شرکاء دوليين صادقين، يستثمرون إلى جانب القطاع الخاص الوطني، في إطار من الوضوح والشفافية، وبما يعود بالخير على ساكنة المنطقة، شاكرا الدول والتجمعات، التي تربطها بالمغرب اتفاقيات وشراكات، والتي تعتبر أقاليمنا الجنوبية، جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني.
وأوضح الخطاب الملكي بأن التطورات الإيجابية، التي تعرفها قضية الصحراء، تعزز أيضا مسار التنمية المتواصلة، التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية.
وزاد المصدر بالقول "الأقاليم الصحراوية تعرف نهضة تنموية شاملة، من بنيات تحتية، ومشاريع اقتصادية واجتماعية". وذهب الملك إلى أنه "بفضل هذه المشاريع، أصبحت جهات الصحراء، فضاء مفتوحا للتنمية والاستثمار، الوطني والأجنبي." مشيرا إلى أن المجالس المنتخبة، بأقاليم وجهات الصحراء، بطريقة ديمقراطية، وبكل حرية ومسؤولية، هي الممثل الشرعي الحقيقي لسكان المنطقة.
وشدد الملك على أن قضية الصحراء هي جوهر الوحدة الوطنية للمملكة.، وهي قضية كل المغاربة، وهو ما يقتضي من الجميع، كل من موقعه، مواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية، وتعزيز المنجزات التنموية والسياسية، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :