تقرير أمريكي حول الاتجار في البشر: الجزائر "ضعيفة" في مكافحة الدعارة والتسول والعمل القسري

 تقرير أمريكي حول الاتجار في البشر: الجزائر  "ضعيفة" في مكافحة الدعارة والتسول والعمل القسري
الصحيفة من الرباط
الأربعاء 7 يوليوز 2021 - 21:51

أماطت وزارة الخارجية الأمريكية، بداية شهر يوليوز الجاري، اللثام عن التقرير السنوي المتعلق بالاتجار في البشر الخاص بسنة 2020، والذي وضع الجزائر إلى جانب سوريا في التصنيف الأحمر في ما يخص دول العالم العربي، أي المستوى الثالث الذي يعني أنها "لا تفي بشكل كامل بالمعايير الدنيا لقوانين حماية الضحايا، ولا تبذل مجهودات كبيرة لتحقيق ذلك".

فبخصوص الإجراءات القانونية، أورد التقرير أن جهود الجزائر في تطبيق القانون المتعلق بالحماية من صور الاتجار في البشر موصومة بـ"عدم التفافؤ"، بالإضافة إلى مناقضة القانون الدولي حين تطلب المادة الخامسة من التشريع الجزائري "وجود استعمال القوة أو الاحتيال أو الإكراه لتشكل جريمة الاتجار بالأطفال جنسيا"، ما يعني أن القانون هناك لا يجرم جميع أشكال الاتجار بالبشر لغرض الاستغلال للأطفال.

وأشار التقرير الأمريكي إلى وجود تناقض بين العمل الأمني والعمل الحكومي بهذا الخصوص، ففي سنة 2020 قامت عناصر الدرك والشرطة بتفكيك 190 مجموعة وشبكة لتهريب البشر، لكن الوزارات الجزائرية أعلنت عدم تسجيل حوادث مرتبطة بالاتجار في البشر، كما لم تُبلغ الحكومة عن التحقيقات في هذا النوع من القضايا للسنة الثانية تواليا ولم تفصح عن حالات العمل القسري وتجارة الجنس المعروضة أمام القضاء.

أما على مستوى الحماية، فذكر التقرير أن الحكومة الجزائرية لم تبذل أي جهود تُذكر لتحديد ضحايا الاتجار في البشر وتقديم الدعم لهم، في الوقت الذي أفادت فيه منظمات غير حكومية جزائرية ومنظمات دولية أنها حصلت على هويات 26 ضحية فعلية لهذا النوع من الجرائم و19 ضحية مفترضة، وقدمت لهم المساعدة طيلة سنة 2020.

ولم يصدر عن الحكومة الجزائرية ما يفيد إجراءها بحثا بخصوص عمليات الاتجار في البشر في صفوف المهاجرين الموجودين في وضع هش، ولا في صفوف ممارسي تجارة الجنس أو اللاجئين أو طالبي اللجوء، بالإضافة إلى كونها لم تنته بعد من وضع آلية موحدة لإحالة ضحايا هذا النوع من الجرائم، بل إن هؤلاء ظلوا يواجهون عقوبات مثل الاعتقال والاحتجاز والملاحقة القضائية والترحيل بدعوى الهجرة غير الشرعية وممارسة الدعارة، وارتكاب أعمال أخرى غير مشروعة يُجبرون على فعلها.

وأشار التقرير إلى أنه في أكتوبر من العام الماضي أكدت منظمة غير حكومة أن السلطات الجزائرية طردت لاجئين وطالبي لجوء من بينهم ضحايا محتملون لعمليات الاتجار في البشر بسبب عدم وجود إجراءات بحث فعالة، كما أن المساعدات المُقدَّمة للضحايا ظل غير كافية، ولم تعلن الجزائر أنها وفرت بدائل قانونية للضحايا الأجانب قبل إعادتهم إلى بلدانهم التي سيتعرضون فيها لأخطار محدقة.

وطالت انتقادات التقرير الحكومي الأمريكي أيضا نظام الوقاية الجزائري من جرائم الاتجار في البشر، وذلك بعدما قررت الحكومة تأجيل معظم الأنشطة المخطط لها لمكافحة هذه الظاهرة خلال الفترة ما بين 2019 و2021 بسبب القيود المرتبطة بوباء كورونا، لكنه نوه بمجموعة من جهود السلطات الجزائرية على غرار إدانة 5 متورطين في هذا النوع من الجرائم منهم 4 في مجال "فرض التسول القسري" والأخير بسبب "تجارة الجنس"، مع تسجيل أن الحكومة "لم تبذل مجهودا لتقليل الطلب على تجارة الجنس".

وتذكر الوثيقة أنه خلال الأعوام الخمس الماضية كان المتاجرون في البشر داخل الجزائر يستغلون الأجانب، في الوقت الذي يتعرض فيه الضحايا الجزائريون للاستغلال في الخارج، وتظل النساء غير المصحوبات بعائلاتهم والنساء المهاجرات رفقة أطفالهن الأكثر عرضة لهذه الممارسات، وبدرجة أولى الاتجار في الجنس والعمل المنزلي القسري، فيما تستغل شبكات إجرامية الشابات القادمات من دول إفريقيا جنوب الصحراء في شبكات الدعارة بسبب حاجتهن للمال.

ولفت التقرير الانتباه إلى شيوع شبكات التسول المنظمة في الجزائر في السنوات الأخيرة، ففي 2020 قدرة إحدى منظمات المجتمع المدني تعداد ضحاياها من الأطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم بأكثر من 6000 طفل، منبها أيضا إلى الاستغلال الذي أضحى يتعرض له ضحايا من جنسيات آسيوية، فخلال العام الماضي أكدت وسائل إعلام محلية أن متاجرين في البشر جمعوا 55 عاملا من بنغلاديش بشكل احتيالي، بعد إقناعهم بإرسالهم للعمل في إسبانيا، ليجدوا أنفسهم مجبرين على العمل بشكل قسري في قطاع البناء بالجزائر.

وأوصى التقرير الأمريكي بإقرار إجراءات موحدة لتحديد وتعقب الضحايا مثل المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء والعاملين في مجال تجارة الجنس، بالإضافة إلى ضرورة مضاعفة التحقيقات والمتابعات القضائية ضد مرتكبي جرائم الاتجار في البشر وإدانتهم بفترات سجن طويلة، وتعديل القانون الجنائي عبر إلغاء عوائق إقرار الجرائم المتعلقة بدعارة الأطفال، وضمان عودة طوعية وآمنة للضحايا إلى بلدانهم الأصلية عبر التعاون مع المنظمات المعنية وسفارات تلك الدول، وتقديم بدائل قانونية للأجانب الذين قد يتعرضون لخطر الانتقام أو الموت في حال إرجاعهم.

وخلصت الحكومة الأمريكية إلى أن جهود نظيرتها الجزائرية لا تزال ضعيفة، كما أنها فشلت في تنفيذ تحقيقات أو الشروع في محاكمات جديدة لمنع هذه الجرائم وكذا في خطة التعرف الاستباقي على ضحايا الاتجار في البشر، كما أنها، وبسبب عدم فعالية الإجراءات الحكومية لتحديد ضحايا الاتجار من بين الفئات السكانية الهشة، واصلت سلطاتها معاقبة بعض الضحايا المحتملين غير المعروفين عن أفعال غير مشروعة أجبرهم المُتاجرون في البشر على ارتكابها، موردة أن إجراءات الترحيل التي تتم أحيانا عبر ترك المهاجرين غير النظاميين وسط الصحراء على حدود مالي والنيجر، دفعت بدورها الضحايا إلى عدم إبلاغ الشرطة عن الجرائم التي تعرضوا لها أو حتى طلب المساعدة، خوفا من هذا المصير.

النظام الجزائري.. أسير الشيخوخة وإرث الماضي وأحقاده

حين بث التلفزيون الرسمي الجزائري مشاهد استقبال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لنظيره الرواندي بول كغامي، يوم 3 يونيو 2025، كان في حقيقة الأمر، ودون أن يدري، يضع الرَّجُلين في ...