تقرير المجلس الأعلى للحسابات ‏ببصمة المرأة المغربية العالمة‏ ‎

 د. عبد النبي عيدودي
السبت 11 مارس 2023 - 23:59

دأب المجلس الأعلى للحسابات على تقديم تقريريه السنوي وفق المساطر الرقابية المخولة لعمله في مراقبة المالية العمومية، وطبقا للتوجيهات السامية الرامية إلى الحرص على قيام المجلس الأعلى للحسابات بمهامه الدستورية، لاسيما المراقبة العليا على المالية العمومية و تدعيم فاعلية المؤسسات وحماية مبادئ دستور وقيم الحكامة الجيدة و الشفافية و المحاسبة.

في هذا السياق، نشر المجلس الأعلى للحسابات التقرير السنوي المتضمن لبيان عن أعماله وأعمال المجالس الجهوية للحسابات برسم سنة 2021، مفصلا عمله وآلياته و سبل نجاعة المحاسبة المنوطة بتكافل الجهود، وتعاون المؤسسات العمومية في الحفاظ على المال العام في مختلف مجالات صرفه، أو  الاستفادة منه في منفعة، أو إعمالا في المجالات المخصصة له، وخادمة للمواطن من لدن الجهة المصدرة له مرورا بمراحل صرفه إلى الجهة المنتفعة منها.

فكان التقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة2021 أكثر إحترافية ودقة في البرمجة و التحليل، و جاء راشدا في محتواه الراصد للأخطاء المرتكبة في التسيير، موردا جملة من سبل نجاعة الحلول للحد من أي تجاوز تعرفه المالية العمومية.

وسنتناول هذا الموضوع مبرزين الأهداف من التقرير و المعايير المحددة للجنة الإفتحاص، عارضين أهم خلاصات تقرير 2021، كما سنوضح  مآلات ما يتضمنه التقرير.. ونختم بالحديث عن المجلس والتعاون الدولي.

1- أهداف التقرير: 

يهدف التقرير إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، لا من حيث المدبرين العمومين الذين يقدمون حساباتهم للمجلس الأعلى كجهاز الأعلى للرقابة، الذي يقدم ما أنجزه سنويا، كما يقدم الحساب لصاحب الجلالة نصره الله باعتباره السلطة الدستورية التي تسهر على حسن سير المؤسسات الدستورية، وكذلك يهدف إلى إطلاع و إخبار السلطات الدستورية المختصة بطرق التدبير وكذلك الاقتراحات لإصلاحها، يوجه هذا التقرير كذلك للسيد رئيس الحكومة والسيدين رئيسي غرفتي البرلمان.

وهو كذلك، تجسيد لمبدأ ديموقراطي، إذ يتم نشره في الجريدة الرسمية لعموم المواطنين، كي يطلع على أشكال التدبير العمومي، نواقصه إمكانياته و إيجابيات كذلك.. هذا ما يمكن التقريط به في باب الأهداف. ونكتفي به قدر و مقدار.. لننتقل إلى الحديث عن مستجدات التقرير السنوي للمجلس.

2- مستجدات التقرير:

من مستجدات التقرير السنوي للمجلس الاعلى للحسابات برسم سنة 2021  تطرقه لأهم  الأوراش التي يحرص على أن يتم تنفيذها، وهي خمسة أوراش كبرى وأساسية تحضى برعاية ملكية سامية وهي كالأتي:
- ورش إصلاح منظومة التغطية الصحية.
- ورش إصلاح ميدان الاستثمار.
- ورش إصلاح المالية العمومية.
- ورش إصلاح منظومة الجبايات.
- ورش إصلاح مجال المؤسسات والمقاولات العمومية. 
هذه أهم المستجدات.. وقبل الانتقال إلى خلاصات التقرير لا بد من التذكير بمعايير الإفتحاص المعتمدة من طرف المجلس الأعلى للحسابات.

3- معايير المراقبة والإفتحاص لدى المجلس الأعلى للحسابات:

المعيار الأول يتجسد في أن البرمجة لمهمة المراقبة و الإفتحاص محددة بمقتضى القانون تقوم بها لجنة البرامج و التقارير، التي ترأسها السيدة الرئيس الأول: زينب العدوي المرأة العالمة، فيما يخص المعايير  المتبقية.. فتفعيل  للتوجيهات الإصلاحية الاستراتيجية للمحاكم المالية للمرحلة 2022-2026 والتي تم اعتمادها من طرف هذه المحاكم عقب تعيين السيدة زينب العدوي، كانت البرمجة، نقطة أساسية من بين النقط التي تركزت عليها الإصلاحات، وبالتالي أصبحت برمجة متعددة السنوات تصبوا إلى التكامل بحيث أنه تكون عمليات المراقبة كلها تصب في موضوع موحد تصدر منه خلاصات شاملة ومتكاملة.

فعمل المجلس هذه السنة بلغ 200 مهمة مراقبة  نتج عنها 28 خلاصة، و إختيار مواضيع المراقبة من لدن المجلس الأعلى للحسابات أو من لدن المجالس الجهوية  تكون ذات صلة بالمعيش اليومي للمواطن، وبالاستثمار وترتبط بالإشكالات الكبرى المطروحة في البلاد.

هذا ما يمكن سرده في المعايير .. وننتقل الى أهم خلاصات التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات 2021.

4- خلاصات تقرير 2021:

لقد أعطت خلاصات 2021 صورة نوعية و أكثر إحترافية و دقة لعمل  المجلس الاعلى للحسابات، حيث ركزت المقاربة المعتمدة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات على الخلاصات المتعلقة بأهم الإشكاليات ذات الصلة بالتدبير العمومي مع عرض سبل الإصلاح والتوصيات المقترحة لتسيير المالية العمومية و المرافق والأجهزة والبرامج و المشاريع التي شملتها المراقبة أو التقييم و التتبع و مدى تنفيدها على أرض الواقع و ثأتيرها على عيش المواطن.

كما أشار التقرير للمرة الأولى إلى نتائج  التتبع التي شرعت فيها المحاكم المالية ذات اختصاصات ينظمها القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، وهي اختصاصات قضائية تتجلى في التدقيق والبت في حسابات الأجهزة العمومية المدلى بها من طرف المحاسِبين العموميين أو المحاسبين بحكم الواقع وفي آليات التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، واختصاصات غير قضائية مجسدة في مراقبة التسيير واستعمال الأموال العمومية، ومن هذه الأموال ما يتعلق بأوراش الإصلاح الكبرى المهيكلة التي انخرط فيها المغرب، مع حث الأطراف المعنية على التحكم في المخاطر المرتبطة بحكامة هذه الأوراش و على التسريع من وثيرة تنفيذها.

جاء تقرير 2021 في  ثمانية فصول وهي:

 - الأنشطة القضائية أي التدقيق و البت في الحسابات

  • مراقبة التسيير
  • تقييم البرامج و المشاريع
  • خلاصات عمليات تتبع توصيات
  • تنفيذ قانون مالية 2020
  • التصريح الإجباري بالممتلكات
  • تدقيق الحسابات المالية للأحزاب السياسية   
  • التوجهات الاستراتيجية الجديدة للمحاكم المالية و أنشطة الدعم

     - وجاءت المعطيات والبيانات المتضمنة في التقرير، راصدة لتنامي المساءلة على أخطاء التسيير وما كان من المخالفات المستوجبة لها ونسب ارتكابها كالتالي:
• مخالفة قواعد الالتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها والأمر بصرفها بلغت نسبة 35 %.
• عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية بـ32 %.
• مخالفة الإدلاء إلى المحاكم المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة في المرتبة الثالثة بـ28 %.
• حصول الشخص لنفسه أو لغيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية” بنسبة 9%.
• التقييد غير القانوني لنفقة بهدف التمكن من تجاوز للاعتمادات 3%.
• مخالفة قواعد تدبير الممتلكات الخاضعة لرقابة الجهاز بنسبة 3% .

  • لقد أوصى المجلس الأعلى للحسابات في تقريره باعتماد آليات للتعاقد بين وزارة المالية ومختلف القطاعات الحكومية وكذا بين هذه الأخيرة و مصالحها اللامركزية من أجل تحديد أهداف مختلف السياسات القطاعية و وسائل و آجال تنفيذها، وبخصوص أنظمة التقاعد الأساسية. كما أبرزالتقرير جملة من الإصلاحات القياسية و البارزة و الخادمة للمواطن مباشرة همت بالأساس كل من نظام:
  • • المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد منذ سنة 2016.
    • النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد سنة 2021 لم تمكن من تحقيق التوازنات المالية لهذه الأنظمة .
    • توسيع الإنخراط في أنظمة التقاعد في سنة 2025 لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا و لا يستفيدون من أي معاش.
      
       - أما ما يخص التأديب المتعلق بالميزانية و شؤون المالية، فقد أفاد التقرير أن المحاكم المالية أصدرت 114 قرارا قضت بموجبها الغرامات المحكوم بها 4.741.500,00 درهم في حين وصلت مجموع الخسارات المحكوم بإرجاعها 15.739.000,00 درهم.
  •  أما فيما يخص التدقيق و البث في الحسابات فقد بلغ عدد القرارات و الأحكام التمهيدية 291 قرار في حين بلغ عدد الأحكام و القرارات النهائية 2330، كما بلغ عدد ملفات الأفعال التي تستوجب عقوبة جنائية 20 ملفا.
        وبخصوص مراقبة التسيير فقد بلغ عدد مهمات المراقبة بالمجلس 24 مهمة، فيما بلغ عدد مهمات المراقبة بالمجالس الجهوية للحسابات 176 مهمة، و بخصوص تنفيذ توصيات الصادرة عن المحاكم المالية، فتلك الخاصة بالمجلس الأعلى للحسابات بلغ مجموعها 861 توصية، التوصيات المنفذة 416 توصية، التوصيات في طور التنفيذ 334 توصية، التوصيات التي لم يتم تنفيذها 111 توصية.
      أما بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات بلغ مجموع التوصيات 2927، المنفذة منها 1682، في طور التنفيذ 950، التي لم تنفذ 295 توصية.
  • التصاريح الإجبارية بالممتلكات عدد التصاريح المودعة منذ سنة 2010 إلى سنة 2021 بلغت 347.038 تصريحا تخص أزيد من 100.000 ملزم بالتصريح من مختلف الفئات، عدد الإنذارات الموجهة للملزمين الموظفين و الأعوان العمومين الذين أخلوا بواجب التصريح 5676 إنذارا .. في حين بلغ عدد الإنذارات الموجهة للمنتخبين أعضاء مكاتب الجماعات الترابية والغرف المهنية المخلين بواجب التصريح 5021 إنذارا.
  •  - و في  تدقيق الحسابات السنوي للأحزاب السياسية أكد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات أن 29 حزبا أودعت حسابتها السنوية منها 18 حزب أدلت بحساباتها داخل الآجال القانوني.
    هذه أهم خلاصات تقويم 2021 و هي خلاصات مهمة تنضاف الى خلاصات التقارير السابقة .. و تشكل روئة دقيقة و شفافة عن ماليتنا العمومية و آليات صرفها بين نجاح و اخفاق .. لكن سؤال المآلات التي تؤل إليها هذه الخلاصات يلح علينا بشكل شديد و قوي .. لهذا خصصنا له بسط تخص له 🙁 مآلات التقارير).
  • 5- مآلات  التقارير:
    هناك مآلين حسب النصوص القانونية المعمول بها في التتبع و التعاطي مع قرارات المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات .
  • المآل الأول : هو في حالة إذا ما تم اكتشاف خلال المراقبة أية اختلالات تدبيرية بسيطة، كخرق بعض المقتضيات من التنظيم المالي، في هذه الحالة تحال الأفعال على المحاكم المالية، المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات و تعاقب إذا تم إثباتها في إطار ما يسمى باختصاص التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية، و الذي تصدر عنه غرامات و كذلك يصدر عنه إرجاع الأموال إذا تسبب في خسارات للأجهزة العمومية.
  • أما المآل الثاني و هو  في حالة إكتشاف أفعال التي يمكن أن تكيف على أنها جنائية تحال بطبيعة الحال على رئاسة النيابة العامة التي لها اختصاص  للمتابعة في هذا الأمر، ورئاسة النيابة العامة تخبر المجلس الأعلى للحسابات بمآل هذه القضايا.
  • التتبع الرقمي  للتوصيات و التقارير أحدث المجلس  الأعلى للحسابات  منصة رقمية مشتركة وضعها رهن إشارة القطاعات الحكومية و رهن رئاسة الحكومة، و يمكن لأي متدخل أن يتتبع مستوى تنفيذ التوصيات على مستوى كل قطاع وزاري أو على كافة الأجهزة التي توصلت بهذه التوصيات.
  • وفي مآل الاموال الموجعة للجمعيات ..  قام المجلس بتتبع تنفيذ كل التوصيات بالنسبة للأموال  التي تمنح للجمعيات كمساعدات، هذا الجانب مهم و أصبح المجلس الأعلى للحسابات يعطيه أهمية كبيرة لأن مجموع الإعانات تصل إلى 3,6 مليار درهم. 
    وقبل الختام لا بد من الحديث عن أدوار المجلس الأعلى للحسابات في التعاون الدولي .
     
    6- التعاون الدولي:
  • منذ بداية الألفية وبمعية ممارسة المجلس لاختصاصاته بدأ تطور خبرة موارده البشرية بالاستعانة بالخبرات الدولية  للأجهزة الرائدة في المراقبة، و مع مرور السنين راكم المجلس تجارب و تشكين له خبرة  كبيرة أصبحت مطلوبة دوليا ..  فأصبح للمجلس خبراء دوليين لا في المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الإنتوساي)، وهي منظمة مركزية للرقابة المالية الخارجية العامة، ولا المنظمة الأرابوساي المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، وبالتالي أصبحت خبرته متميزة و مؤثرة في محيطها  الإفريقي والعربي.
     من أهم أعمال التعاون الدولي  نجد  الإشراف على حسابات المنظمة الفرنكونفونية (OIF)، وكذا افتحاص تمويل بعض مشاريع  الأمم المتحدة ، كما أصبح المجلس الأعلى للحسابات عضو دائم في مجلس المراجعين لهذه المنظمة بعد  عودته الإتحاد الافريقي، وفي هذا الصدد قام المجلس بمهمتين وثالثة في طور الإنجاز بالاتحاد الافريقي، بالإضافة إلى أن المجلس أبرم مجموعة من الاتفاقيات مع الدول التي تطلب الخبرة رغم أن المجلس لا يستطيع الاستجابة لكل الطلبات للدول الشقيقة و الصديقة. فهو يحاول قدر المستطاع، وحسب الإمكانيات المتوفرة.
     
        و أخيرا لا يفتؤ المواطن العادي والمهتم الملاحظ لهذا التقرير إلى أن يشيد بعمل هذه المؤسسة الكاشفة عن سبل صرف المالية العمومية في مختلف مجالات المرفق العام  برياسة السيدة الرئيس زينب العدوي المرأة العالمة و الأدبية الأربية .. المعهود عليها الجدة و الانضباط وروح الوطنية العالية  والحب والوفاء للعرش العلوي المجيد.
  • برلماني عن حزب الحركة الشعبية

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...