تقرير دولي يكشف سباق الاستثمار الفندقي في إفريقيا.. مصر والمغرب الأسرع في مشاريع تطوير الفنادق على مستوى القارة

 تقرير دولي يكشف سباق الاستثمار الفندقي في إفريقيا.. مصر والمغرب الأسرع في مشاريع تطوير الفنادق على مستوى القارة
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأحد 13 أبريل 2025 - 9:00

في تطور جديد يكشف حجم المنافسة المتزايدة بين الدول الإفريقية في سوق السياحة والفندقة، أكد تقرير دولي حديث أن مصر تتصدر بفارق واسع مشاريع تطوير الفنادق على مستوى القارة الإفريقية، متقدمة على كل من المغرب وتونس، اللتين جاءتا في مراتب تالية ضمن تصنيف يشمل أكبر عشر دول إفريقية من حيث عدد الغرف الفندقية قيد التطوير.

التقرير الصادر عن مكتب"W Hospitality Group"، وهو مكتب استشاري مقره في لاغوس بنيجيريا، جاء تحت عنوان "African Hotel Chain Development Pipeline"، يستند إلى معطيات مستقاة من إجابات 50 سلسلة فندقية عالمية وإفريقية، ويكشف عن حجم سوق المشاريع الفندقية في القارة، حيث يجري العمل على 577 فندقًا ومنتجعًا، تضم ما مجموعه 104,444 غرفة قيد التطوير، أي بزيادة 13.3% مقارنة بعام 2024.

وأظهر التقرير أن منطقة شمال إفريقيا، تشهد طفرة كبيرة في النشاط الفندقي، بنسبة نمو بلغت 23% على أساس سنوي، مقارنة بنسبة 6% فقط في إفريقيا جنوب الصحراء، فيما يُبرز هذا التفاوت مدى جاذبية شمال القارة للاستثمارات السياحية، لا سيما في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

وخلال السنوات الخمس الأخيرة، تطورت المشاريع الفندقية في إفريقيا جنوب الصحراء بمعدل سنوي قدره 4%، بينما بلغ هذا المعدل 12% في شمال إفريقيا، و7% على المستوى العالمي، ما يعكس الدينامية المتصاعدة في الإقليم الشمالي للقارة، وفق التقرير نفسه.

وتُعد مصر الدولة الإفريقية الأولى في هذا القطاع، وفق التقرير الذي أبرز أنه يُطوَّر بها حاليًا 143 فندقًا تشمل ما مجموعه 33,926 غرفة، وهو الرقم الذي يقارب أربعة أضعاف عدد الغرف في المغرب، الذي جاء في المرتبة الثانية بـ 8,579 غرفة موزعة على 58 فندقًا.

أما المرتبة الثالثة، فاحتلتها نيجيريا بـ 7,320 غرفة، تلتها إثيوبيا بـ 5,648 غرفة، والرأس الأخضر بـ 5,565 غرفة، ثم كينيا بـ 4,344 غرفة وتونس بـ 4,336 غرفة.

وجاءت جنوب إفريقيا في المرتبة الثامنة بـ 4,076 غرفة، تليها تنزانيا بـ 3,432 غرفة، ثم غانا بـ 3,125 غرفة، لتكتمل بذلك قائمة أفضل عشر دول إفريقية من حيث حجم المشاريع الفندقية قيد التطوير.

ورغم أن مصر تتصدر من حيث عدد الغرف، إلا أن التقرير يلفت الانتباه إلى معطى مهم يتعلق بنسبة المشاريع التي بلغت مرحلة التنفيذ الفعلي، حيث لا تتجاوز نسبة الغرف الفندقية التي توجد فعلاً قيد الإنشاء في مصر 50%، وهي نسبة متدنية مقارنة بـ المغرب، الذي تجاوزت فيه نسبة الغرف قيد البناء 72%.

ويُسجّل أيضًا أن إثيوبيا تتصدر الدول الإفريقية من حيث نسبة الغرف قيد البناء، تليها غانا، بينما تسجل الرأس الأخضر ونيجيريا وتنزانيا نسبًا ضعيفة في هذا المؤشر، مما يعكس فجوة بين ما هو مخطط له وما هو قيد الإنجاز فعليًا.

ومع استحضار الفارق العددي بين المغرب ومصر في المشاريع الفندقية قيد التطوير، إلا أن المعطى المرتبط بنسبة الغرف قيد الإنشاء يكشف عن درجة أعلى من النجاعة في تنفيذ المشاريع بالمغرب، وهو ما يؤشر على فعالية مناخ الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.

ويُسجل المغرب خلال السنوات الأخيرة تطورًا مهمًا في مجال الاستثمار السياحي والبنية التحتية الفندقية، خاصة بعد إطلاق خارطة الطريق الجديدة للسياحة 2023-2026، والتي تهدف إلى رفع عدد السياح إلى 17.5 مليون بحلول 2026، وتوسيع الطاقة الإيوائية الفندقية بأكثر من 100 ألف سرير جديد، وإحداث 80 ألف منصب شغل مباشر، كما تسعى المملكة إلى جذب علامات فندقية دولية كبرى، وهو ما تجلى مؤخرًا في دعم الفاعلين الكبار لوجودهم في السوق المغربية من قبيل "Accor" و"Radisson" و"Hilton" إلى جانب الفاعلين المحليين.

وفي السياق ذاته، يندرج استحواذ مجموعة "Pickalbatros" المصرية على فندقين بالمغرب كمؤشر على اهتمام المستثمرين العرب بالقطاع الفندقي المغربي، نظراً لما يتيحه من فرص نمو وربحية مستدامة في ظل التوسع السياحي الوطني.

بالمقابل، فإنه وعلى الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، يواجه المغرب عدة تحديات تتعلق بالتوازن بين الكم والنوع في المشاريع الفندقية، والعدالة المجالية في توزيع الاستثمارات خارج المدن الكبرى، فضلا عن الاستدامة البيئية في المشاريع السياحية، وتعزيز البنية التحتية التكميلية (النقل، التكوين، الخدمات).

وفي ضوء التقرير الإفريقي، يبدو أن المغرب يتحرك بخطى واثقة نحو تعزيز مكانته كوجهة سياحية رائدة في إفريقيا، مستندًا إلى رؤية تنموية واضحة، واستثمارات ضخمة، وبرامج حكومية مهيكلة، إلا أن هذه الجهود تتم في سياق تنافسي إقليمي متزايد الحدة، خصوصاً مع الصعود اللافت لمصر على مستوى عدد المشاريع الفندقية الكبرى قيد التطوير، والذي يفوق ما هو مسجل في المغرب بأكثر من أربعة أضعاف.

ورغم أن المغرب يتفوق حاليًا في نسبة الإنجاز الفعلي للمشاريع مقارنة بمصر، فإن الحفاظ على هذه الأفضلية يتطلب تسريع وتيرة الإنجاز، وتوسيع خارطة الاستثمار لتشمل المدن والمناطق غير التقليدية، إضافة إلى الاستثمار في الجودة وتجربة الزبون، بما يعزز من القدرة التنافسية للعرض المغربي في مواجهة عروض إقليمية باتت أكثر جاذبية.

كما يُنتظر أن يشكل تنظيم مونديال 2030 فرصة استراتيجية لإعادة تموقع المغرب عالميًا، ليس فقط كبلد عبور أو سياحة ثقافية، بل كوجهة سياحية متكاملة تراهن على التنوع، الاستدامة، والابتكار.

وبذلك، فإن الرهان الحقيقي للمغرب في السنوات القادمة لن يكون فقط في زيادة أعداد السياح أو عدد الغرف الفندقية، بل في كسب معركة التميز والاستدامة في سوق إفريقية وعالمية تتحول بسرعة، وتتطلب استعدادًا عاليًا ورؤية بعيدة المدى.

وتفيد آخر الأرقام الرسمية المحيّنة، الدينامية التي يعرفها القطاع السياحي المغربي، فبحسب وزارة السياحة، يواصل المغرب استقطاب استثمارات ضخمة في المجال الفندقي، حيث تم خلال النصف الأول من عام 2024 ضخ ما مجموعه 4 مليارات درهم، بزيادة سنوية قدرها 7%، مما يعكس تنامي ثقة المستثمرين في آفاق السياحة المغربية، وقدرتها التنافسية داخل القارة الإفريقية.

وتُعوّل الحكومة على هذا القطاع باعتباره رافعة اقتصادية محورية، خاصة وأنه يُشغّل قرابة 2.5 مليون مغربي بشكل مباشر وغير مباشر، ويساهم سنويًا بما يفوق 100 مليار سنتيم في رصيد البلاد من العملة الصعبة.

وخلال سنة 2023 وحدها، تم افتتاح 135 وحدة فندقية جديدة، باستثمارات فاقت 8 مليارات درهم، وهو رقم يُرتقب أن يشهد ارتفاعًا كبيرًا في السنوات المقبلة، خصوصًا بعد فوز المغرب باستضافة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، مما سيُحفز الحاجة إلى بنية فندقية أكثر تنوعًا وتوزيعًا مجاليًا.

ووفق آخر الإحصائيات، يبلغ عدد المنشآت الفندقية المصنفة حاليًا في المغرب حوالي 4,742 منشأة، منها 471 وحدة تم إنشاؤها خلال السنوات الأربع الأخيرة فقط، بنسبة نمو وصلت إلى 8%، وهي ضعف الوتيرة المسجلة خلال الفترات السابقة.

ويُنتظر أن تُعزز برامج الدعم والتحفيز التي أطلقتها الحكومة مثل "ميثاق الاستثمار"، و"Go سياحة"، و"CAP Hospitality" هذا المنحى التصاعدي، وتسهم في رفع وتيرة الاستثمار السياحي مع نهاية السنة الجارية.

ولتأطير هذا التوسع، أطلق المغرب خارطة طريق جديدة لقطاع السياحة 2023–2026 بميزانية تقارب 6.1 مليار درهم (ما يعادل 580 مليون دولار)، تشمل محاور متعددة من ضمنها تحسين جودة العرض، وتوسيع القدرة الإيوائية، وتنويع المنتجات السياحية.

وتستند هذه الأهداف الطموحة إلى تحسين الربط الجوي، والترويج المكثف لوجهة المغرب دوليًا، ورفع جاهزية العرض الفندقي لاستقبال أعداد أكبر من الزوار.

بالإضافة إلى المشاريع الجديدة، تراهن الحكومة على تجديد العرض القائم وتطوير القطاع الموازي المرتبط بالترفيه والسياحة الثقافية، عبر إطلاق برامج دعم موجهة، فقد تم الشروع في تنفيذ برنامج "Go سياحة" لدعم إحداث وتطوير 1700 شركة سياحية، باستثمارات مرتقبة تصل إلى 720 مليون درهم، مع تشجيع الابتكار في الخدمات والأنشطة السياحية.

كما أطلقت الحكومة أيضًا برنامج "CAP Hospitality" المخصص لـ تجديد 25 ألف غرفة فندقية، بتمويلات تُقدّر بـ 4 مليارات درهم، وذلك من خلال قروض طويلة الأجل تتحمل الدولة فوائدها بالكامل، لفائدة مؤسسات الإيواء السياحي التي تسعى لتأهيل بنيتها التحتية.

ووفق ما صرّح به عماد برقاد، المدير العام لـ الشركة المغربية للهندسة السياحية، فإن هذا البرنامج "سيوفر حوافز حقيقية لتحديث العرض الفندقي مهما كان تصنيف الوحدات، وسيمكن من تجويد تجربة الزوار وتعزيز تنافسية الوجهة المغربية".

وتغطي هذه التمويلات مشاريع تتراوح قيمتها بين 3 ملايين و100 مليون درهم، وبفترة سداد تمتد إلى 12 سنة، ما يعزز من جاذبية الاستثمار في المجال.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

مَعاركنا الوهمية

من يُلقي نظرة على ما يُنتجه المغاربة من محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنه أن يخلص إلى قناعة ترتقي إلى مستوى الإيمان، بأن جزءًا كبير من هذا الشعب غارق في ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...