توقعات وكالة فيتش: انخفاض عجز الحساب الجاري المغربي بفضل صادرات الفوسفاط.. وتحذيرات من تضخم واردات الطاقة

 توقعات وكالة فيتش: انخفاض عجز الحساب الجاري المغربي بفضل صادرات الفوسفاط.. وتحذيرات من تضخم واردات الطاقة
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 28 غشت 2024 - 15:00

أفادت مؤسسة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني بأن المغرب سيشهد انخفاضًا في عجز الحساب الجاري من 2.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من عام 2024 إلى 1.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الثاني من عام 2024، وذلك بفضل زيادة صادرات الفوسفاط على الرغم من الضعف المستمر في قطاعات التصدير الأخرى وانخفاض تدفقات التحويلات المالية بسبب النمو البطيء في منطقة الأورو.

وجاء في تقرير لوكالة "فيتش سولوشنز" المختصة في أبحاث السوق، أن واردات السلع في المملكة ستتفوق على الصادرات في النصف الثاني من عام 2024 بسبب تسارع النمو الاقتصادي المدعوم بتخفيضات في أسعار الفائدة، وانخفاض التضخم، والسياسة المالية التوسعية، مما سيؤدي بالضرورة إلى زيادة واردات رأس المال والمنتجات الاستهلاكية.

وفي عام 2025، تُشير توقعات المؤسسة الدولية إلى تسجيل عجز الحساب الجاري في المغرب بنسبة تصل إلى 1.0٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بسبب تسارع النمو في منطقة الأورو، وتحسن الموسم الفلاحي، وانخفاض أسعار الطاقة، مما سيحسن من احتياطيات النقد الأجنبي وتغطية الواردات، وذلك عقب انخفاض عجز الحساب الجاري في المغرب من 2.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من عام 2024 إلى 1.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الثاني من عام 2024.

وسيسهم التحسن في الحساب الجاري للمغرب في النصف الثاني من عام 2024 في وضع الرقم الإجمالي للعام 2024 عند عجز قدره 1.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وفق التقرير ذاته، الذي أشار إلى أنه على الرغم من أن هذا يمثل اتساعًا مقارنة بنسبة 0.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، إلا أنه يظل أقل من متوسط العجز لمدة 10 سنوات قبل جائحة كوفيد-19 والذي بلغ 5.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

يرجع تضييق العجز في النصف الثاني من عام 2024 بشكل كبير إلى زيادة صادرات الفوسفاط، وفق تقرير المؤسسة الدولية، الذي أشار إلى أنه بعد انكماش بنسبة 34.1٪ في عام 2023، شهدت صادرات الفوسفاط انتعاشًا طفيفًا في النصف الأول من عام 2024، حيث نمت بنسبة 7.5٪ على أساس سنوي، وكان ذلك نتيجة لزيادة الإنتاج خلال هذه الفترة، حيث بدأت شركة الفوسفاط الوطنية المغربية (OCP) في زيادة الإنتاج ببطء بعد التخفيضات التي أجريت لتحقيق الاستقرار في الأسعار خلال العامين الماضيين.

وتعتقد وكالة "فيتش" أن هذا الاتجاه سيستمر في النصف الثاني من عام 2024، مع توقع أن تسجل صادرات الفوسفاط نموًا مزدوج الرقم، مما سيدعم إجمالي صادرات السلع، في حين ستستمر الرياح المعاكسة التي تواجه صادرات السلع والخدمات وتدفقات التحويلات المالية في النصف الثاني من عام 2024.

وعلى الرغم من انتعاش صادرات الفوسفاط وتسجيل أداء قوي لقطاع السيارات بارتفاع صادرات السيارات بنسبة 9.0٪ على أساس سنوي، إلا أن صادرات السلع نمت بنسبة 3.0٪ فقط على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024، وهو ما يعزيه التقرير إلى الضعف المسجل في صادرات المعادن الأخرى غير الفوسفاط التي انخفضت بنسبة 5.2٪ على أساس سنوي، والمعدات الكهربائية والإلكترونية التي انخفضت بنسبة 4.4٪ على أساس سنوي، والمنتجات الزراعية التي انخفضت بنسبة 2.6٪ على أساس سنوي، والمنتجات النسيجية التي انخفضت بنسبة 7.2٪ على أساس سنوي، والصادرات الأخرى التي انخفضت بنسبة 6.1٪ على أساس سنوي. وتمثل هذه المكونات، التي انكمشت جميعها في النصف الأول من عام 2024، حوالي 41.7٪ من إجمالي الصادرات في تلك الفترة، كما تعكس هذه الانخفاضات بشكل كبير ضعف النمو في منطقة الأورو، والتي تعتبر أكبر وجهة لصادرات المغرب، إذ تشير توقعات التقرير إلى استمرار هذا الضعف في النصف الثاني من عام 2024، حيث من المتوقع أن يكون النمو في منطقة الأورو بمتوسط 1.0٪ فقط في عام 2024.

سيترجم هذا الضعف أيضًا وفق التقرير ذاته، في التباطؤ المسجل في صادرات الخدمات وتدفقات التحويلات المالية، حيث تظل أوروبا الوجهة الرئيسية لمعظم السياح في المغرب، وكذلك المنطقة الرئيسية التي يقيم فيها المغتربون المغاربة، بينما نمت صادرات الخدمات بنسبة 2.8٪ فقط على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024، بينما نمت التحويلات بنسبة 1.8٪ فقط في نفس الفترة. وعلى هذا الأساس، يرى خبراء "فيتش" أن هذا الأداء البطيء سيستمر في النصف الثاني من عام 2024 وسيعوض بعض المكاسب الناتجة عن زيادة صادرات الفوسفاط، في وقت ستواجه صادرات الخدمات والتحويلات رياحًا معاكسة في النصف الثاني من عام 2024.

ويُشير التقرير إلى أن واردات السلع ستتفوق على الصادرات في النصف الثاني من عام 2024 مع تسارع النمو الاقتصادي، حيث تتوقع المؤسسة أن يتسارع النمو في المغرب من 2.8٪ على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024 إلى 3.1٪ على أساس سنوي في النصف الثاني من عام 2024، مدعومًا بتخفيضات في أسعار الفائدة، وانخفاض التضخم، والسياسة المالية التوسعية. كما سيوفر هذا الدعم لنمو واردات رأس المال مع تسارع الاستثمار، وسيعزز الطلب الاستهلاكي خاصة مع تقدير طفيف للدرهم المغربي في النصف الثاني من عام 2024.

وفي عام 2025، يتوقع خبراء "فيتش" أن ينخفض عجز الحساب الجاري في المغرب إلى 1.0٪ من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة لعدد من العوامل الإيجابية بما في ذلك تسارع النمو في منطقة الأورو، وتحسن الموسم الزراعي، وانخفاض أسعار الطاقة، حسب التقرير الذي أفاد بأنه سيتم تسجيل تسارع النمو في منطقة الأورو إلى 1.5٪ في عام 2025، مما سيساعد في دعم الطلب الضعيف نسبيًا على صادرات السلع المغربية في عام 2024، وتسارع النمو في منطقة الأورو سيكون أيضًا مواتيًا لصادرات الخدمات وتدفقات التحويلات، والتي ستتسارع كلتاهما في عام 2025.

وسيخفف الموسم الزراعي العادي وأسعار الطاقة المنخفضة بعض الضغط التصاعدي على الواردات، حسب التقرير الذي أشار إلى أن المغرب عانى من ثلاث سنوات متتالية من ضعف الإنتاج الزراعي بسبب الظروف الجوية السيئة. وبافتراض موسم زراعي عادي، سيقلل ذلك من احتياجات المغرب من الواردات الزراعية. كما يتوقع فريق النفط والغاز أن يبلغ متوسط سعر برنت 82.0 دولارًا للبرميل في عام 2025، انخفاضًا من 85.0 دولارًا للبرميل في عام 2024، مما سيقلل أيضًا من فاتورة واردات المغرب، حيث تمثل واردات الطاقة حاليًا 16٪ من إجمالي الواردات.

وفق التقرير، سيسمح العجز الضيق في الحساب الجاري بتحسين وضع احتياطيات النقد الأجنبي في المغرب الذي سيتمكن من زيادة تغطيته للواردات من 5.8 أشهر في عام 2023 إلى 6.0 أشهر بحلول نهاية عام 2025. وعلى المدى المتوسط، يعتقد خبراء "فيتش" أن توسع قاعدة التصنيع في المغرب سيستمر في دفع تضييق العجز في الحساب الجاري، مما سيؤدي إلى استمرار المملكة في مراكمة احتياطيات النقد الأجنبي وتحسين تغطية الواردات إلى 6.8 أشهر بحلول نهاية عام 2028. كما سيكون المغرب قادرًا على الوصول إلى الأسواق الدولية وإصدار ديون أجنبية لدعم وضع احتياطاته إذا لزم الأمر، كما ورد في البيان الأخير لوزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، على غرار الإصدار البالغ 2.5 مليار دولار في مارس 2023.

أفادت التوقعات ذاتها بأنه في حال حدوث مفاجأة سلبية في النمو في أوروبا، فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم الرياح المعاكسة لصادرات المغرب ويؤدي إلى عجز أكبر من المتوقع. كما حذر خبراء المؤسسة من مخاطر على توقعاتنا للحساب الجاري مرتبطة بتصاعد التوترات المتعلقة بالصراع بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، حيث سيؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة، مما سيؤدي إلى زيادة فاتورة واردات المغرب وبالتالي إلى عجز أكبر من المتوقع في الحساب الجاري.

النظام الجزائري.. أسير الشيخوخة وإرث الماضي وأحقاده

حين بث التلفزيون الرسمي الجزائري مشاهد استقبال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لنظيره الرواندي بول كغامي، يوم 3 يونيو 2025، كان في حقيقة الأمر، ودون أن يدري، يضع الرَّجُلين في ...