توقع نمو سوق العقار في المغرب بـ 4% ليحتل المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية بقيمة سوقية تصل إلى 1,6 مليار دولار

 توقع نمو سوق العقار في المغرب بـ 4% ليحتل المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية بقيمة سوقية تصل إلى 1,6 مليار دولار
الصحيفة - خولة اجعيفري (الصورة لحي الرياض بالعاصمة المغربية الرباط)
السبت 2 مارس 2024 - 12:00

يبدو أن برنامج الدعم المباشر للسكن، الذي أقرته الحكومة لدعم الفئات الهشة والمستوطة للمجتمع سيكون الحجرة الرابحة التي قد تنعش سوق العقار في المغرب وتخرجه من الركود الذي يعرفه منذ ما يزيد عن ثماني سنوات بسبب تداعيات الجائحة وحرمان المنعشين العقاريين من الإعفاء الضريبي، وما تلاها من تضخم أثّر على القدرة الشرائية للأسر أيضا، تزامنا مع رفع بنك المغرب لسعر الفائدة.

مؤشرات نمو سوق العقار.. المغرب الثاني عربيا

تُشير البيانات الصادرة عن شركة ستاتيستا "Statista"، إلى أن قيمة سوق العقار بالمغرب سيرتفع بنسبة 4% إلى 1.63 مليار دولار، ليأتي في المرتبة الثانية عربياً بعد المملكة العربية السعودية التي ستعرف هي الأخرى ارتفاعا بنسبة %2 أي بمعدل 2.1 مليار دولار العام الجاري (2024)، لتكون الأعلى بين أسواق البلدان العربية.

وبتموقع سوق العقار المغربي الثاني عربيا وفق المؤشرات التي وفّرتها الشركة المتخصصة المذكورة في 2024 الجارية، يكون قد تفوق على مصر ذات الكثافة السكانية المضاعفة التي جاءت في المرتبة الثالثة بقيمة سوقية بلغت 1,4 مليار دولار، وأيضا الجزائر التي حل سوق عقارها الخامس عربيا بمعدل 990 مليون دولار، فيما حلّت الإمارات العربية المتحدة التي تعد وجهة مهمة للعديد من المستثمرين في سوف العقار سابعة بعد الكويت بقيمة سوقية للعقار من المرتقب أن تبلغ 720 مليون دولار خلال السنة الجارية.

ربح مضمون وسهل

يُرجع عدد من المراقبين والخبراء الاقتصاديين في مجال العقار الأجانب والمغاربة الذين تواصلت معهم "الصحيفة"، تسيّد المغرب لسوق العقار العربي، لتوجهات الدولة في الآونة الأخيرة التي شجّعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة فضلا عن تحسين التنظيم العقاري، نظير الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي يضمنها بتوفيره لفرص العمل وجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، بالإضافة إلى تلبية احتياجات السكن للمواطنين، سيّما وأن هذا القطاع المضمون يمكن من تعزيز النمو الاقتصادي بشكل عام وبالتالي الاستقرار الاجتماعي.

أما في الشق المرتبط بالاستثمارات الأجنبية، فيرى جهاد العبيدي الخبير الاقتصادي السعودي في حديثه لـ "الصحيفة"، أن المغرب يزخر بفرص واعدة خصوصا في قطاعات السياحة والعقار بالنظر إلى الاصلاحات الأخيرة التي قامت بها الدولة  تشريعيا وقانونيا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتقديم تسهيلات ولوج سوق الاستثمار في المغرب.

الخبير الاقتصادي، أشار أيضا في حديثه لـ "الصحيفة"، إلى أن معظم المستثمرين الأجانب وفي مقدّمتهم الخليجيون يختارون ضخ رؤوس أموالهم في قطاع العقار باعتباره مدر للربح ومضمون، سيّما بالنسبة لبلد كالمغرب يتوفر على جميع المؤهلات التي تضمن العوائد بشكل مريح، فهو بلد يتبوأ مرتبة متقدمة سياحيا يستثمر في بنيته التحتية كما أن الطلب على العقارات في المغرب في وتيرة متزايدة بسبب التوسع العمراني وزيادة السكان، هذا فضلا عن الفرص الاستثمارية المتعددة في مجال العقارات مثل الشقق والفيلات والمراكز التجارية، والعقارات الاستثمارية والسكنية وغيرها، ثم إن قيمة العقارات في المغرب ترتفع بمرور الوقت وهذه نقطة جد مهمة.

دعم اجتماعي بصبغة اقتصادية

ويمثّل سوق العقار، الذي عانى منذ 8 سنوات من صعوبات بسبب ارتفاع مواد التعمير والعراقيل التشريعية قبل تفاقم الوضع فيما بعد جراء تداعيات جائحة كورونا، وارتفاع التضخم لنسب غير مسبوقة أثّرت على القدرة الشرائية للأسر، ومواجهة المنعشين العقاريين لصعوبات في الحصول على تمويل بنكي، مع توقف برامج الإعفاء الضريبي من الدولة، (يُمثل) حوالي 5% من الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب.

وبدأ هذا القطاع يشهد منذ عام 2005، دينامية متصاعدة مع تطور المدن الكبرى، وتزايد وتيرة إقبال المستثمرين الأجانب، فيما بلغت القروض المصرفية الجارية الممنوحة للمطورين العقاريين أعلى مستوى عند 70.5 مليار درهم في 2012، حسب معطيات بنك المغرب، الذي حذّر أيضا من انخفاضها بعد ذلك إلى 52.1 مليار درهم حتى غشت 2023.

 وواصل السوق العقاري ببلادنا تسجيل مؤشرات أداء منخفضة، بعد أن تراجع عدد المعاملات، وهو أحد أهم المؤشرات، بنسبة 4.5% في الربع الثالث من عام 2023، فيما انتعشت الآمال الرسمية وغير الرسمية، بحدوث تغيير إيجابي يقلب موازين سوق العقار المغربي، بإعلان الحكومة المغربية عن تقديم دعم مالي بقيمة 9.5 مليار درهم خلال العام 2024 لصالح الأسر من الطبقتين المتوسطة وذات الدخل المنخفض من أجل اقتناء مسكن رئيسي، وهو ما يُترجم من جهة ثانية، البيانات الصادرة عن شركة ستاتيستا "Statista"، التي أكدت أن قيمة السوق العقارية المغربية سترتفع بنسبة 4% خلال العام الجاري.

وبحسب البيانات التي أعلنتها وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري، فإن البرنامج الذي يأتي إعمالاً بتوجيهات الملك محمد السادس،  يصل إجمالي الدعم إلى 100 ألف درهم للسكن الذي تقل قيمته عن 300 ألف درهم، و70 ألف درهم للسكن الذي تتراوح قيمته من 300 إلى 700 ألف درهم.

وهذا البرنامج الذي سيتم تنزيله في الفترة الممتدة من 2024 وحتى 2028، يهدف إلى تجديد المقاربة المتعلقة بالمساعدة على تملك السكن، وتسهيل حصول منخفضي ومتوسطي الدخل على السكن، وبالتالي تقليص عجز السكن، إلى جانب دفع قطاع التعمير وتحفيز عمل القطاع الخاص، لا سيما فيما يتعلق بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة، وبما يعزز من فرص العمل.

نمو ضعيف ولا يكفي لسدّ الأزمة

في وقت اعتبر عدد من الخبراء الاقتصاديين أن ارتفاع قيمة سوق العقار بـ 4 % في هذه الظرفية الاقتصادية التي تمر منها البلاد "جيدة وممتازة"، يرى الخبير الاقتصادي المتخصص في السياسات العمومية عمر الكتاني، على أنها نسبة "جد ضئيلة" وتؤكد واقع الأزمة الاجتماعية التي تعيشها البلاد.

الكتاني، وفي تصريحه لـ "الصحيفة"، قال هذا التموقع "جد رمزي" و"ضعيف"، على اعتبار أنه في الثلاث السنوات الأخيرة سجل المغرب انخفاضا في الحركة الاقتصادية بشكل عام، وهو ما يعني أن مُعدّل 4% تحققت كرد فعل في القطاعات الاقتصادية التي شهدت ركودا بشكل عام بما فيها قطاع العقار، وبالتالي فهي نسبة ليست مهمة جدا، مقارنة مثلا مع قطاع صناعة الطائرات على سبيل المثال الذي عرف ارتفاعا بحوالي 17 % من النمو الاقتصادي.

وخلص الخبير الاقتصادي، إلى أنه من الممكن أن تقع انطلاقة جديدة للحركة الاقتصادية، لأن قطاع التعمير والبناء مهم جدا بالنسبة للتشغيل خاصة، وأن المشكل الأساسي للمغرب اليوم هو خفض وتيرة البطالة سيما وأن القطاع الفلاحي سَرَّح تقريبا 200 ألف منصب شغل، مضيفا: "وهنا تكمن أهمية قطاع البناء والتعمير في التشغيل وخلق التوازن، لكن هذه النسبة المتواضعة حقيقة لا تكفي لنستوعب حجم الخسارات التي حصلت في اليد العاملة في السنتين الأخيرتين بعدما فقدنا مليوني منصب شغل".

ولفت المتحدث، إلى أن المغرب واع تماما بمسؤولية قطاع التعمير في امتصاص جزء من البطالة، لكن تحقيق توقعات لا تتجاوز سقف 4% يؤكد لنا أن الأزمة الخانقة في القطاع الذي يعيش على وقع الركود منذ 3 سنوات، ويؤكد أن الدولة تشعر بالأزمة لأنها أزمة اجتماعية خطيرة.

وعلاقة ببرنامج الدعم السكني ودوره في إنعاش القطاع، قال الكتاني: "إن المبادرات إذا لم تؤخذ في وقتها يكون مفعولها ضعيف، وهذه المبادرات متأخرة وليست بحجم المشكل لأن المشكل في المغرب هو عدم الشعور بالآلام التي يمثلها هذا الوضع الاقتصادي بالنسبة للقاعدة الهشة لساكنة المغرب خصوصا الشباب وللأسف لا يشعر بهذا الوضع مسؤولينا".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

أقيلوا هذا الرجل !

صناعة الفشل في المغرب سلعة رائجة. هذا على الأقل ما يمكن استخلاصه عند الإطلاع على حال شركة الخطوط الملكية المغربية التي يقودها عبد الحميد عدو إلى الهاوية وهو مستمتع بالمُهمة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...