جندي جزائري يحرق نفسه احتجاجا على غياب العدالة في بلاده مرددا "الموت أهون من الإذلال"
أقدم جندي جزائري سابق يُدعى فوزي عبد القادر زغوط، على محاولة الانتحار حرقا أمام مقر وزارة العدل الجزائرية، في مشهد صادم أعاد إلى الأذهان حادثة البوعزيزي التي سبقت الربيع العربي، وذلك احتجاجا على ما وصفه بـ"انعدام العدالة" و"التهديد المستمر بالسجن".
وقالت صحيفة "Lejdd" الفرنسية، إن زغوط، المنحدر من مدينة فرندة الواقعة على بُعد 340 كيلومترا من العاصمة الجزائر، أشعل النار في نفسه أمام وزارة العدل الجزائرية احتجاجا على غياب العدالة في قضيته، وقد نُقل لاحقا إلى مستشفى زرالدة لتلقي العلاج من حروق وصفت بـ"الخطيرة".
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن هذا المواطن الجزائري، وهو عسكري سابق ورئيس جمعية خيرية تعنى بالتكفل بعلاج المرضى، كان يواجه منذ سنة 2020 ملاحقات قضائية بتهم "ممارسة أنشطة غير مرخصة، وانتحال صفة، وجمع تبرعات بدون إذن"، إلى جانب "التحريض على تجمع غير مسلح وعرقلة الطريق العام"، وقد صدر في حقه حكم ابتدائي بالسجن خمس سنوات.
وأشارت في هذا السياق إلى أن زغوط الذي وُضع لاحقا تحت الرقابة القضائية بعد منحه السراح المؤقت، ظل يؤكد براءته على مدى خمس سنوات، قبل أن ينهار مؤخرا بعد تهديد القاضي الذي أدانه سابقا (تهديده) بسجنه لعشر سنوات، وهو ما دفعه إلى التوجه للعاصمة لتنفيذ احتجاجه أمام وزارة العدل.
ووثق مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي لحظة إقدامه على الفعل، حيث قال فيه، حسب الصحيفة الفرنسية، "لا يمكنك أن تكسرني.. الموت أهون من الإذلال"، ثم سكب الوقود على جسده وأشعل النار، وسط صدمة صديقه الذي وثّق المشهد بناء على طلبه.
وأثار الحادث موجة استنكار على منصات التواصل الاجتماعي، وسط مطالب بفتح تحقيق مستقل في القضية، بينما أعلنت النيابة العامة في العاصمة الجزائرية عن فتح تحقيق قضائي "لتحديد ملابسات الواقعة"، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وربطت الصحيفة الفرنسية بين هذه الحادثة وما وصفته بـ"الطبيعة القمعية والاعتباطية" للجهاز القضائي في الجزائر، مستحضرة في هذا السياق قضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، المعتقل منذ 200 يوم، والذي صدر في حقه حكم بالسجن خمس سنوات بتهمة "المساس بأمن الدولة".
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن صنصال، البالغ من العمر 80 عاما، يُخشى أن يموت في السجن، وهو ما يُعزز، "صورة العدالة المجحفة في الجزائر"، التي بدأت تلفت أنظار الصحافة الدولية بعد سلسلة من القضايا المماثلة.
وتأتي هذه الواقعة في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الموجهة إلى السلطات الجزائرية بشأن وضع الحريات وحقوق الإنسان، في ظل استمرار اعتقال عدد من النشطاء والصحافيين والمعارضين، وغياب مؤشرات على انفراج قريب في هذه القضايا.