حكومة أخنوش تُعوّل على المبالغ المتبقية من المنح الخليجية لإنجاز مشاريع طُرق العيون والداخلة

 حكومة أخنوش تُعوّل على المبالغ المتبقية من المنح الخليجية لإنجاز مشاريع طُرق العيون والداخلة
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأثنين 23 أكتوبر 2023 - 19:29

تُراهن الحكومة المغربية، بقيادة رئيسها عزيز أخنوش على المبالغ المتبقية من منح مجلس التعاون الخليجي المُقدّمة للمملكة برسم سنة 2023، من أجل استثمارها في المشاريع الممولة الموجودة في طور الإنجاز على غرار مشروع طريق تزنيت-العيون- الداخلة، وذلك في وقت تُهدر 2.6 تريليون دولار من رؤوس أموال الصناديق السيادية لدول الخليج الباحثة عن فرصٍ للاستثمار في عدد من القطاعات الحيوية في المغرب بما فيها البنية التحتية والطرق.

ووفق ما أورده تقرير الحسابات الخصوصية للخزينة، برسم مشروع قانون المالية 2024، الذي تتوفر "الصحيفة" على نسخة منه، فإن المغرب التزم بالنفقات المرتبطة بمنح دول مجلس التعاون الخليجي، بالكامل.

ويتضح جليا ذلك، من خلال التوزيع القطاعي للمشاريع المستفيدة من هذه المنح إلى غاية متم شهر مارس 2023، حيث يُلاحظ هيمنة القطاعات الاجتماعية التي تمثل 57 في المائة من التمويلات، مما يعكس تفضيل المانحين من دول الخليج العربي، للمشاريع ذات الطابع الاجتماعي، فيما حظي قطاع البنية التحتية بحوالي 33 في المائة من التمويل، لتأتي القطاعات الانتاجية في المرتبة الثالثة بنسبة حدّدت في 10 في المائة.

ولاحظت "الصحيفة"، تراجعا مهما على مستوى تطور الموارد والنفقات المنجزة في إطار الحساب الخاص بمنح دول مجلس التعاون الخليجي برسم السنة 2020-2022، بحيث قُدّرت الموارد بحوالي 12,64530 مليون درهما في 2020 مقابل 798,18 مليون درهما على مستوى النفقات، وفي 2022 سجلت الوزارة بلوغ الموارد 11237،40 مليون درهما، مقابل 456,26 مليون درهما على مستوى النفقات، وهو ما يعني تقلص اعتمادات وهبات دول الخليج الموجة إلى المملكة بحوالي 1,4079 مليون درهما في غضون سنتين فقط.

من جهة ثانية، استفادت مشاريع التربية والتكوين المهني والصحة من حوالي 61 في المائة، من التمويلات المخصصة للقطاعات الاجتماعية، فيما رصدت باقي هذه التمويلات لمشاريع السكن الاجتماعي وذلك بحوالي 21 في المائة، أما في ما يخُص التنمية الاجتماعية بما فيها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج التنمية القروية، فقد استفاد من حوالي 18 في المائة من قيمة هذه الاعتمادات التي قدمتها الدول الخليجية للمغرب على شكل هبات.

أما فيما يتعلق بالاعتمادات المخصصة لقطاعات البنية التحتية، فتتوزع على مشاريع النقل، بحوالي 68 في المائة، إلى جانب السدود بنسبة و17 في المائة، أما مشاريع التزويد بالماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير فحصلت على 15 في المائة من قيمة هذه الاعتمادات الخليجية.

ونالت القطاعات الإنتاجية، وفق المعطيات الرقمية التي قدّمتها وزارة الاقتصاد والمالية ضمن تقريرها حول الحسابات الخاصة بالخزينة، بدورها حصّة مُهمة من هذه الاعتمادات التي قدّمتها الدول الخليجية، على شاكلة هبات بحيث تم تمويل المشاريع الزراعية بنسبة تصل الى 86 في المائة ليكون بذلك القطاع الفلاحي في مقدمة القطاعات المستفيدة من الهبات ضمن القطاعات الخليجية، فيما حظيت مشاريع الصيد البحري بنسبة تصل إلى  14 في المائة.

وفي الشق المرتبط، بالسحوبات المحققة إلى غاية متم شهر مارس 2023، أوردت الوزارة الوصية أنه تم صرف المبلغ الإجمالي للمنحتين الكويتية والقطرية (1.250 مليون دولار أمريكي لكل واحدة منهما)، أما بالنسبة للدول المانحة الأخرى، فقد بلغت السحوبات إلى 1.190 مليون دولار أمريكي بالنسبة للمنحة الإماراتية، و1.150 مليون دولار أمريكي بالنسبة للمنحة السعودية.

وقررت الحكومة المغربية، وفق تقرير وزارة الاقتصاد والمالية، أن يتم استخلاص المبالغ المتبقية خلال سنة 2024 حسب تقدم المشاريع الممولة الموجودة في طور الإنجاز على غرار مشروع طريق تزنيت-العيون- الداخلة..، وفق ما ذكره التقرير المذكور.

وعلى الرغم من رفع الحكومة، لسقف وعودها بتبنيها لما أسمته "استراتيجية دينامية الانفتاح الاقتصادي"، الهادف إلى تشجيع الاستثمار سواء الوطني أو الأجنبي بإدماجه في مجموعة من الاستراتيجيات القطاعية سيّما الصناعات الثقيلة، فإنها تفوّت فرصا استثمارية ثمينة من جهة ثانية، على غرار الاستثمارات التي تقوم بها الصناديق السيادية الخليجية في العالم والتي باتت تُغري الدول الأفريقية والمغاربية الساعية للنهوض باقتصاد أوطانها في ظل هذه النوبات الجديدة من الاضطرابات الاقتصادية العالمية وما صحبها من تأثير مباشر على مستويات التضخم والعجلة الاقتصادية لهذه البلدان.

وأجمع عدد من المستثمرين والخبراء الاقتصاديين بدول الخليج العربي، ممن تواصلت معهم "الصحيفة" بهذا الشأن، على أن المغرب لم يتقدّم بخطوات جدّية وحقيقية صوب توفير مناخ جيد  للاستثمار بالبلد، على الرغم من التحركات الحكومية الأخيرة في هذا الاتجاه والتي لم تترجم لواقع ملموس، تزامنا مع الاهتمام الخاص الذي أولته الصناديق الخليجية وتطلعها لـ "تقوية هذه العلاقة لبناء شراكة متبادلة المنفعة وطويلة الأمد".

وأوضح الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي السعودي جهاد العبيد، أن المغرب وعلى الرغم من كونه يزخر بفرص واعدة تغري الاستثمار فيها من طرف الصناديق السيادية الخليجية، خصوصاً في قطاعات السياحة والزراعة، إلا أن تدفق هذه الاستثمارات بشكل عام يعتبر "دون المأمول"، معتبرا في تصريحه لـ "الصحيفة"، أن المغرب لازال متراجعا فيما يتعلق بتطوير التشريعات  وتسهيل دخول الأموال وتقديم الإعفاءات، والتي تُعدّ أولى خطوات الحكومات لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وهو ما لا يتحقق في المغرب ويدفع الصناديق السيادية الخليجية إلى الاستثمار في دول أخرى بعينها على غرار مصر والجزائر ونيجيريا وغيرها.

ودعا المتحدّث في هذا الإطار، الحكومة المغربية إلى إيجاد خطة واضحة لكل قطاع الأمر الذي سيسهل المهمة على المستثمرين الأجانب ويدفعهم صوب التقدم بخطوات للدخول في السوق الاستثمارية المغربية.

وكانت الحكومة المغربية بدورها قد عبّرت شهر نونبر الماضي على هامش الملتقى الثالث للمناطق الصناعية بطنجة، عن رغبتها في جذب رؤوس الأموال الخليجية الباحثة عن مقاصد استثمارية خارج الحدود، عبر استعراض مقومات البنية التحتية والبشرية وأجندة الحكومة التي تعتمد على تحفيز رجال الأعمال وتذليل العقبات أمام تدفق رؤوس أموالهم.

ودعا وزير الصناعة والتجارة رياض مزور،  نساء ورجال الأعمال العرب إلى الاستثمار في السوق المغربية على اعتبار ما تتيحه الرباط من فرص الاستثمار الحقيقية والواعدة، مشيرا إلى حرص الملك محمد السادس على التعاون الإقليمي ودور الاستثمار في دعم الاقتصادات العربية وتشبيك جهود دول المنطقة، في ظل مناخ اقتصادي عالمي يتسم بالتحديات الكبيرة التي تسببت فيها تداعيات كورونا والنزاعات العسكرية والتأثير السلبي للتغير المناخي.

وبالنسبة للحكومة المغربية، فإن كل أسس جلب الاستثمار متوفرة، منها المساحات المجهزة أو التي توجد في طور التجهيز التي تصل مساحتها إلى 12 ألف هكتار، فضلا عن  138 منطقة صناعية و12 منطقة للتسريع الصناعي تقدم خدمات بمعايير دولية عالية لكل القطاعات الجالبة للاستثمار، مشيرة إلى أن تحقيق السيادة الصناعية وفي مجال الطاقة وتعزيز القدرة التنافسية محليا وإقليميا يحتاج إلى تنسيق الجهود العربية اقتصاديا، وإبلاء اهتمام خاص بالمناطق الصناعية واستغلالها بشكل مثالي، مع توفير إمكانات الشراكة المجدية.

وبالمُقابل، يرى المستثمرون العرب والخليجيون أن هذه الشروط والمعايير التي تتحدّث عنها الحكومة المغربية "غير كافية، وأقل بكثير جدا مما هو مطلوب منها" على حد تعبير المستشار الاقتصادي بدول الخليج، ومدير مركز ترويج الاستثمار بالمركز العربي الإفريقي للاستثمار والتسهيلات، عيد العيد، الذي اعتبر أن ما تقوم به الحكومة المغربية اتجاه جذب الاستثمارات من دول الخليج لا يتناسب مع حجم الإمكانيات والمؤهلات الضخمة التي يحوزها المغرب.

العيد وفي تصريح خص به "الصحيفة"، قال إن الاستثمارات القادمة من دول الخليج كثيرا ما تصطدم بعراقيل كبيرة جدا من قبيل المشرّعين في الحكومة المغربية، "وهو ما يدفعنا كمستثمرين للتخلي عن فكرة دخول سوق الاستثمار في المملكة على الرغم من كل الظروف الداخلية الملائمة لذلك والتي يسعنا أن نجد مثلها في دول أخرى بالمنطقة تُرحب بنا بشكل أكبر".

وأوضح الخبير في الاستثمارات الخليجية، أن الصناديق السيادية لدول الخليج فضلا عن المستثمرين الخليجيين من رجال ونساء الأعمال، "باتوا يحظون بترحيب كبير جدا من طرف عدد من الدول الأفريقية التي تُقدّم لنا التسهيلات والحماية الكبيرة جدا للاستثمارات والتي لا يمكن على أية حال مقارنتها بالمغرب".

ويضع المغرب، أمام المستثمرين الخليجيين عراقيل إدارية وبيروقراطية بالجملة، بحسب الخبير السعودي الذي أردف في تصريحه لـ "الصحيفة" أن " المغرب هو البلد الذي لا نعلم فيه مع من نتحدث، وحتى عندما نرغب في مقابلة مسؤولين في قطاع الاستثمار أو هيئة الاستثمار لا نجد التجاوب اللازم  الذي نجده في دول أخرى وهذا دليل على أن المغرب بلد لا يرحب بالاستثمارات الخليجية ..".

ويشتكي المستثمرون الخليجيون مما وصفوه بـ "المعاملة التمييزية" التي يتعرضون لها من طرف الحكومة المغربية والقائمين على ملف الاستثمار الأجنبي بالبلد، ما يجعل مسألة حماية المستثمر الخليجي على كف عفريت، ويدفعه لتحويل أمواله صوب بلدان أخرى.

أقيلوا هذا الرجل !

صناعة الفشل في المغرب سلعة رائجة. هذا على الأقل ما يمكن استخلاصه عند الإطلاع على حال شركة الخطوط الملكية المغربية التي يقودها عبد الحميد عدو إلى الهاوية وهو مستمتع بالمُهمة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...